سيل من التصريحات التركية تخرج هذه الأيام تباعاً محذرة العالم -إن صح التعبير- من مصير محافظة إدلب التي يقول نظام الأسد إنه يتحضر لمهاجمتها مستنداً على الدعم الروسي بشقيه السياسي والعسكري. وبدا جلياً أن التحذيرات التركية ازدادت وارتفعت نبرتها بعد قمة طهران الأخيرة بين (أردوغان، بوتين وروحاني) التي ناقشت الملف السوري وشهدت سجالاً واضحاً بين الرئيسن الروسي والتركي بشأن إدلب.
فبعد أن اختُتمت قمة طهران التي استضافت الاجتماع الثالث لزعماء الدول الضامنة لـ “مسار أستانا” في 7 أيلول الجاري، من دون التوصل إلى اتفاق يجنّب منطقة خفض التصعيد الرابعة والأخيرة في محافظة إدلب (يعيش فيها أكثر من ثلاثة ملايين مدني، أكثرهم من النازحين)، مصير المناطق الأخرى. يتوارد إلى الأذهان سؤال مهم عن شكل وطبيعة المشكلة التي تمنع تركيا وروسيا من حل ملف إدلب؟.
عقدة المنشار
يمثل مستقبل إدلب اختباراً حقيقياً للعلاقة بين شركاء أستانا الثلاثة، فمعركةٌ كبرى في هذه المحافظة سوف تؤدي، إلى القضاء على “مسار أستانا”، وإخراج تركيا ربما نهائياً من الساحة السوري، وإنهاء نفوذها فيه، بحسب مراقبين.
إعلان
ويرى المحلل السياسي (حسن نيفي) أن الخلاف بين تركيا وروسيا موجود منذ البداية لكنه كان مؤجلاً. وقال لأورينت (الأربعاء) إن “نقطة الخلاف الجوهرية هي أن روسيا ترى أن لبشار الأسد الأحقية في السيطرة على كامل الجغرافية السورية وترى أيضاً أن الوجود التركي بالإضافة إلى الوجود الأمريكي في سوريا غير شرعي”.
وأوضح أن التوافقات والتفاهمات بين الروس والأتراك ربما لا تجعل موسكو تتحدث عن خلافاتها مع انقرة، وأردف “لكن الآن بعد أن وصلت المعركة إلى إدلب بدأت ملامح هذا الخلاف تظهر خاصة في ظل وجود القوات التركية التي تحتفظ بنقاط مراقبة (12 نقطة) منها داخل إدلب والتي لن تتخلى تركيا عنها”.
وأضاف (نيفي) “إذا اقتحم نظام الأسد إدلب ستضرر تركيا كثيراً خاصة فيما يتعلق باللاجئين الذين سيتدفقون إليها لذلك تربط تركيا بين مصير إدلب وأمنها القومي”.
إعلان
واعتبر أن تركيا قد خطت خطوات حاولت من خلالها تذليل نقاط الخلاف مع روسيا إلا أن عقدة المنشار المتعلة بإدلب بحسب (نيفي) تكمن في إنهاء ملف “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقاً).
وأوضح أن تركيا عملت على توحيد الفصائل المعتدلة في إدلب تحت مسمى “الجبهة الوطنية للتحرير” أما محاولتها تحييد وعزل “جبهة النصرة” فهي تحتاج إلى وقت طويل لا يتناسب مع الضغط الروسي المتكرر الذي وصل إلى حد التعجيز بالنسبة لأنقرة لأن عناصر “النصرة” وفق (نيفي) ينتشرون بين المدنيين وفي الأحياء السكنية لذلك تركيا تعمل على حلّها عبر أساليب استخباراتية أو ضغوط لوجستية أخرى.
إعلان
إدلب بالنسبة لتركيا وروسيا
تعتبر مسألة سيطرة نظام الأسد على إدلب شائكة جداً بحسب مراقبين أكدوا لأورينت أنها أفشلت قمة طهرن الأخيرة بين (أردوغان، بوتين وروحاني)، وأشاروا إلى أن تعزيز تركيا من وجودها العسكري في الشمال السوري يشي بقرب موعد هجوم نظام الأسد على إدلب خاصة مع خروج قناة حميميم الروسية (الثلاثاء) ببيان أكدت فيه دعم نظام الأسد عسكريا “ضد أي قوات موجودة بشكل غير مشروع”.
وبحسب صحيفة (يني شفق) التركية فإن أنقرة أوعزت إلى الجيش السوري الحر تقديم تقارير عن أعداد الجنود وكميات الأسلحة والذخائر المتوفرة لديهم، والاستعداد للتعبئة العسكرية.
وأشارت الصحيفة إلى أن تركيا تخطط للعمل في إدلب عبر واجهة “الجيش الوطني السوري”، الذي يجري إنشاؤه شمال سوريا منذ أوائل العام الحالي 2018 في مناطق عمليتي “درع الفرات” و”غصن الزيتون” وتتضمن هذه القوة حالياً 30 ألف عنصر.
في هذا الإطار رأى (نيفي) أن تعقيدات إدلب ممكن أن تنفك إذا قرّرت واشنطن استغلال الضغط الروسي على تركيا، لاستعادتها إلى صفها، وإنهاء أي إمكانية استمرار التقارب بينها وبين روسيا، ولا سيما أن واشنطن تتّجه إلى تغيير رأيها، والبقاء في مناطق شرق الفرات بعد أن ألمحت إلى رغبتها في الانسحاب.
وقال “إذا لم تتحرك أمريكا جدياً بدلاً من التحذيرات فإن قوات النظام وروسيا سيشنون هجوماً على إدلب. وستكتفي تركيا بالضغط على روسيا والتنصل من مسار أستانا الذي تستخدمه روسيا كورقة لتمرير حلها السياسي في سوريا”.
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=68126