يسود التباعد بين اللاجئين السوريين في مدينة “غازي عنتاب” التركية. ذلك أن أجور وسائل المواصلات مرتفعة مقارنة بالدخل، وتمنعهم من التواصل الفيزيائي، والاكتفاء بالتواصل عبر الإنترنت. ويلجأ الرجال عادة إلى السير لمسافات طويلة توفيراً لأجرة الركوب أو لاستخدام سياراتهم الخاصة.
جفاء قسري
مدينة “غازي عنتاب” في الدولة التركية تقع في وسط وجنوب البلاد، قريبة من الحدود السورية الشمالية. وتُعتبر مدينة صغيرة إذا ما قورنت بمدن أكبر كـ “استنبول وأنقرة”، يقطن فيها حوالي 400 ألف لاجئ من مختلف المحافظات السورية.
من النادر أن يتبادل اللاجئون السوريون الزيارات فيما بينهم، وخصوصاً على مستوى العائلات، وتقتصر الاجتماعات العائلية أو زيارة الأصدقاء في أوقات المناسبات، “الأعياد وأداء الواجبات سواء كانت بالأفراح أو التعازي أو عيادة مريض”.
“أم أحمد”، لاجئة تسكن في حي قريب من منطقة “تشارشي”، لها أكثر من شهرين لم ترى أقرباءها الذين يقطنون في حي “يدي تبة”، لأنها تحتاج ذهاباً وإياباً لـ 10 ليرات تركية، إذا ذهبت هي وزوجها لزيارتهم دون اصطحاب أحد من أفراد العائلة، وهي تفضل شراء الخبز والخضرة لعائلتها بهذا المبلغ على ضآلته، كما قالت لـ “اقتصاد”.
وأضافت: “أنا لا أستطيع استقبال ضيوف لعدم تمكني من القيام بواجب الضيافة، لذلك فقد اقتصرت مع عائلتي على الزيارات القريبة أو الجلوس مع الأصدقاء بالحدائق التي لا تكلف شيئاً، أو التواصل مع المعارف والأقرباء عبر وسائل التواصل الاجتماعي”.
المشي رياضة والحديقة هواء نقي
غالباً ما يلجأ الرجال إلى رياضة المشي وخصوصاً العاطلون عن العمل، وهم الأغلبية. فهم يرون في المشي رياضة وتوفيراً للنقود التي لا يجدونها في أغلب الأحيان.
وفي أكثر الأحيان يتفق الأصدقاء على الجلوس في إحدى الحدائق “يتعللون بالهواء النقي والخضرة”، حيث يجتمعون ويجلسون على العشب ويتحدثون في الشؤون العامة السورية وخصوصاً الثورية.
أو يتوجهون إلى إحدى المقاهي الرخيصة يحتسون الشاي أو القهوة، وفي أغلب الأحيان يحاسب كل واحد منهم عن نفسه فهم متفقون على هذا الأمر، ولا يحرجون بعضهم البعض فهم وإن لم يتكلموا عن أحوالهم المادية إلا أنهم يعرفون ظروف بعضهم.
يمشي المحامي “أبو محمد” ساعتين ذهاباً وإياباً، مرتين في الأسبوع، من منطقة الجامعة إلى حي غازي مختار باشا، ليلتقي بأصدقائه الذين يجتمعون هناك يومي الجمعة والثلاثاء حسب اتفاقهم.
يقول “أبو محمد”: “لقد بحثت طويلاً عن عمل ومازالت أبحث ولم أجد، وأنا أجلس في المنزل طيلة الوقت، وأجد في الموعد الذي نجتمع به متنفساً، فهو يلبي رغبتي وحاجتي للتواصل مع الأصدقاء، بالإضافة إلى أنني أسير مسافة جيدة تساعدني في الحفاظ على لياقتي، وأنا أحتاج لذلك فقد تجاوزت الخمسين من العمر، بالإضافة إلى توفير ثمن تذاكر الترامواي (قطار داخلي) أو الباص، فأسرتي بحاجة لها”.
غلاء الوقود يمنع تحريك السيارات
يركن “عمر” سيارته التي استطاع إدخالها من سوريا بعد احتلال قريته في ناحية كنسبا من ريف اللاذقية، أمام منزله. ويفضل التنقل سيراً على الأقدام لعدم مقدرته على شراء الوقود اللازم لتحريكها.
وأكد عمر بأنه لا يتحرك بسيارته إلا في الحالات الطارئة أو لتلبية نداء مستعجل من أحد الأصدقاء أو لأداء عمل لا يستطيع القيام به إلا بالاستعانة بواسطة نقل.
بالرغم من أن المواطنين الأتراك لا يرون أسعار المواصلات مرتفعة لأن مستوى دخلهم يتناسب مع مصروفهم، يعاني السوريون من أجور النقل التي تبلغ بواسطة باص النقل الداخلي 2،5 ل ت، على الراكب الواحد، وفي الترامواي 2،10 للراكب، وأقل تكلفة لطلب في سيارات التكسي 10 ليرات، مهما كانت مسافته قصيرة.
طارق حاج بكري – اقتصاد
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=27308