انخرطت ثلاثة أحزاب رئيسية في كندا في سباق غريب من نوعه خلال حملة الانتخابات العامة التي شهدتها البلاد العام الماضي، وتفاخر كل من هذه الأحزاب أنه سيسمح بدخول أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين إذا ما تم انتخابه، حيث تعهد المحافظون باستقبال 10 آلاف لاجئ على مدى ثلاث سنوات، بينما قال الديمقراطيون الجدد إنهم سوف يسمحون بدخول 10 آلاف بحلول العام الحالي، ناهيك عن 9 آلاف آخرين سنوياً. وقد تفوق الليبراليون على كلا الحزبين بتعهدهم باستقبال 25 ألف لاجئ بحلول الأول من كانون الثاني/ يناير.
فاز الليبراليون وحققوا مُرادهم في السابع والعشرين من شباط/ فبراير، لكن وعدهم هذا استغرق شهرين قبل أن يتحقق ولم يتمكنوا من الوفاء بهِ نظراً لأن أفراد الشعب الكندي اتخذوا خطوات تجاه دعم ورعاية 11 ألفاً من إجمالي 26،166 ألف لاجئ سوري كانوا قد وصلوا إلى كندا بعد تولي الحكومة الجديدة للسلطة في الرابع من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.
وبدأت الرعاية الخاصة للاجئين في كندا عام 1987 وسط أزمة لجوء أخرى تمثلت بالهنود الصينيين الفارين من فيتنام بعد الحرب. وساعدت التغطية الإعلامية لـ”قوارب الناس” اليائسة، في التغلب على تردد الجمهور الكندي في التعامل مع ما كان يُعتبرُ بدايةَ مشكلة تخص الولايات المتحدة. وبعد أن صرحت كل من تايلاند وماليزيا والفيلبين وسنغافورة أنه لم يعد بمقدورها استيعاب أي لاجئ آنذاك، وافقت كندا على استضافة 60 ألفاً منهم على مدى ثلاث سنوات، ما دام أن كل لاجئ تدعمه الحكومة كان يُقرَنُ بمواطن كندي يرعاهُ بشكل خاص. وبحلول نهاية العام 1980، كان قد وصل إلى كندا 60،49 ألف لاجئ في عملية أُطلق عليها اسم “طريق النجاة”، حيث دعمت مجموعات كندية خاصة ما يزيد عن نصف عدد هؤلاء الواصلين. ومنذ ذلك الحين، استقبلت البلاد أكثر من 200 ألف لاجئ في ظل هذا البرنامج، وشَكَلَ الصراع في سوريا سلسلة مشابهة من الأحداث المتحركة.
ولا يخفى على أحد أن هناك امتيازات واضحة للحكومة الكندية من خلال دعم الرعاية الخاصة والترويج لها. وتتحمل المجموعات الخاصة كامل النفقات اللازمة لتوطين هؤلاء اللاجئين ودعمهم لمدة عام /بتكلفة تُقَدَرُ بـ 27 ألف دولار كندي لعائلة قوامها 4 أفراد/. وتحرص مناطق البلاد ذات التراجع في أعداد السكان أو التقدم السريع في السِن، مثل مقاطعة نيو برنسويك، على ضخ دماء جديدة فيها. وباستطاعة السياسيين أن يمنحوا أنفسهم والكنديين شيئاً من المديح على استجابتهم الإنسانية لوضعٍ بالغ اليأس. وأثناء استقباله مجموعة من الوافدين الجدد في مطار تورنتو يوم التاسع والعشرين من شباط/ فبراير الماضي، قال جون ماكالوم وزير الهجرة الكندي: “إننا نسير في الاتجاه المعاكس لكثير من الدول”. وهناك امتيازات يحظى بها اللاجئون أيضاً، إذ تشير الأبحاث إلى أن اللاجئين ذوي الرعاية الخاصة يَنجحون أكثر من نظرائهم الذين ترعاهم الحكومة، أو طالبي اللجوء الذين يَصِلونَ إلى البلاد بطرقهم الخاصة، ربما لأنهم يحظون بمجموعة تدعمهم من لحظة وصولهم، بيد أن ليس كل الكنديين يُناصر هذا التوجه، حيث كَسِبَ ستيفن هاربر المحافظ ورئيس الوزراء السابق، بعض الدعم والتأييد الشعبي العام الماضي، عندما أثار المخاوف من تسلل الإرهابيين الإسلاميين، على حد تعبيره، إلى كندا مختبئين خلف قناع اللجوء.
ورغم كل هذا، إلا أن البرنامج الكندي للرعاية الخاصة كان ناجحاً بما فيه الكفاية للدول الأخرى إذا ما أرادت استنساخه والسير على خطاه. وشرعت أستراليا في برنامج إرشاد عام 2012 حيث جعلت منه برنامجاً دائماً عام 2015. وحتى العام 2013، لم يكن هناك أي برامج مشابهة في أوروبا، ومنذ ذلك الحين، جَرَبَت إيرلندا وسويسرا هذه الفكرة وخَبِرَتها، ناهيك عن أن 15 ولاية ألمانية من أصل 16 كانت قد عقدت اتفاقيات للرعاية الخاصة. وقالت الحكومة البريطانية العام الماضي: إنها ستطور برنامجاً يرتكزُ على نَظيريه في كندا وأستراليا. ولحقت نيوزيلندا والأرجنتين بركب هذه الدول الأوروبية. وتقترح هذه التجربة الكندية أن دمج اللاجئين في المجتمع يمكن أن يسمح للحكومات بترك الباب مفتوحاً بشكل أكبر أمام دخول اللاجئين
المصدر: كلنا شركاء
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=11515