دعا أحمد الجربا، رئيس تيار الغد السوري، إلى عدم تضييع الفرصة التي يتيحها مؤتمر الحوار الوطني السوري لإيقاف الحرب في سوريا وتحقيق السلام والاستقرار وإعادة بناء الدولة وفق تطلعات الشعب السوري في الحرية والتغيير.
وتوجه الجربا، خلال كلمته التي ألقاها أمام المشاركين في مؤتمر الحوار السوري المنعقد حاليا في سوتشي، فقال “بكلام مباشر من القلب إلى القلب، ونحن على أعتاب مرحلة جديدة من نضال شعبنا الذي تمكن بعد سبع سنوات من الحروب المتناسلة من دحر تنظيم داعش وزبانيته من أرضنا، لا يمكن أن نضيّع الفرصة من جديد، ويجب أن لا تدفعنا المكابرة أو يقودنا العناد إلى دمارنا”.
وأكد رئيس تيار الغد السوري، والذي اختير خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر كعضو في اللجنة الرئاسية، على أن السوريين اليوم أمام فرصة جدية لتحقيق سلام مستدام يخرجهم من دوامة الاقتتال ويعيد إنتاج دولتهم بما يتلاءم مع تطلعات الشعب التواق إلى الأمن والاستقرار والحرية والتغيير.
ودعا المشاركين في المؤتمر لمغادرة أوهام الغلبة والاستقواء، والجلوس كسوريين للوصول إلى حل يرضي الشعب، ويرضي ضمائر المشاركين أمام الله لأن التاريخ لن يرحم. لافتا إلى أن من حضر المؤتمر يقف أمام ضرورة مطلوبة للخروج من عنق الزجاجة، وإخراج الشعب السوري من أتون حرب لن تبقي ولن تذر، والسير به إلى الأمن والإستقرار والسلام.
إعلان
كما أكد الجربا على أن المسؤولية الوطنية تملي على حامليها الترفع عن النكايات، والسمو على الجراح العميقة التي أوغلت في جسد سوريا وذاكرة الشعب السوري، داعيا إلى وقفة تأمل في ما آل إليه حاضر السوريين، وتبصر في مستقبل سوريا التي تتآكل يوميا وتستنزفها حرب ليس أبشع منها “إلا نحن إذا ما استمرينا بها” بينما الحل يمكث بين أيدي السوريين من جميع الأطراف.
وأشار أيضا إلى أن سوريا أصبحت ساحة حرب بالوكالة، وصراع للكثير من القوى الإقليمية والدولية، يدفع الشعب السوري ثمن استمراره، وأن هذا الوضع أصبح يهدد وجود السوريين الوطني. ولمنع ذلك، رأى الجربا ضرورة المباشرة الفعلية والحقيقية بحوار وطني داخلي ينهي معاناة الشعب السوري ويدخله في مرحلة انتقالية يتوافق خلالها السوريون على مستقبل بلدهم. كا اعتبر أن مؤتمر الحوار الوطني السوري المنعقد اليوم فرصة لإطلاق ورشة عمل وطني يتم التباحث فيها على مخرجات الحوار. مؤكدا على أنه ليس بوارد التقليل من الخلافات القائمة ولا التبخيس بالدماء الطاهرة التي أهرقت، لكنه يتطلع إلى وقف شلال الدم، وحماية الوطن من التمزق والتقسيم.
كما دعا رئيس تيار الغد السوري جميع المشاركين في مؤتمر الحوار الوطني السوري لمغادرة “المتاريس السياسية” ليتمكنوا من إسقاط “المتاريس المرتفعة بين أهلنا في سوريا”، ولتأكيد انتمائهم جميعا إلى الأم “سوريا” كسوريين “موحدي الهوية”. لافتا إلى أن الشجاعة تملي على جميع الحاضرين التضحية وتجاوز الكثير من المرتكزات الغابرة “لكي لا نصبح أسرى للماضي فنضيع ونضيع بلدنا”.
إعلان
وأشار الجربا إلى أنه يعرف جيدا أن المشاركين بالمؤتمر يشعرون بالغضب والألم على دماء بذلت وأرواح أزهقت ومنازل دمرت فوق رؤوس قاطنيها على طول سوريا وعرضها، ولكنه أكد على أنهم أمام خيارات قاسية، “فإما أن نرتقي إلى مستوى المسؤولية، ونعض جميعا على الجراح، وإما أن نمعن في الغرق بمستنقع دماء أهلنا، ومأساة شتاتهم الذي ملأ زوايا الأرض الأربعة”.
كما لفت إلى السنوات السبع العجاف من عمر المأساة السورية أثبتت أن الحل العسكري سراب يخفي سراب، ووهم دونه أوهام تبدأ ولا تنتهي، وأنه صار معلوما لدى جميع السوريين أن الحل السياسي وفق بيان جنيف وقرارات الشرعية الدولية، وخاصة قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 الذي ينص على تحقيق عملية الانتقال السياسي وبناء دولة ديمقراطية تعددية تشارك بها جميع مكونات الشعب السوري دون هيمنة فئة على أخرى، وعلى ضرورة تنفيذ إجراءات بناء الثقة، من إطلاق سراح المعتقلين أينما كانوا، وفك الحصار عن أي مناطق سورية محاصرة، وإدخال المساعدات الإنسانية، وعودة جميع المهجرين والنازحين إلى مدنهم وبلداتهم ومساعدتهم على الاستقرار، وأن مؤتمرات جنيف وأستانة ما هي إلا دليلا عمليا على عدم جدوى الحل العسكري الذي لن يحقق إلا استمرار شلالات الدماء، ومعاناة جميع الأطراف.
إعلان
وقال الجربا أيضا: “اليوم أقف أمامكم لأدعوكم إلى خطوة إضافية في مجال الحوار وصولا إلى الحل عبر هذا المؤتمر الوطني، وأنطلق من فكرته لأوجه دعوة سورية صادقة إلى جميع السوريين دون استثناء للعمل معا لإنقاذ بلدهم وعودة الاستقرار إليها، لأن البلد يحتاج الكل لخلاص الكل من هذه المعاناة المستمرة منذ أكثر من سبع سنوات”.
كما وجه الجربا دعوة إلى الدول الضامنة أولا، وأشقاء وأصدقاء سوريا، وجامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي، والأمم المتحدة، طالبهم فيها جميعا ببذل الجهود الممكنة لإنجاح مؤتمر الحوار الوطني السوري، الذي يمثل برأيه فرصة حقيقية لخلاص سوريا ووحدتها شعبا وأرضا.