نعيم مصطفى / خاص تركيا بالعربي
لا أحد من العقلاء يماري بأنّ الكيان الإسرائيلي هو كيان قاتل متوحش ويمارس شتى صنوف الإجرام والخداع المختلفة ضد أهلنا في فلسطين، ولكننا في الوقت نفسه لا ننكر أنه كيان ذكي يحاول إظهار أنه ديمقراطي أمام الرأي العالمي وأمام الكاميرات على خلاف الأنظمة العربية التي تتباهى بهمجيتها وبسفكها للدماء وإذلالها لشعوبها أمام الكاميرات وخلفها.
فمثلاً لاحظنا ونلاحظ مواقف كثيرة للكيان الإسرائيلي كيف يظهر فيها جنده وديعيين وحضاريين، فقد نرى الجندي الإسرائيلي يهرب ببندقيته أمام الطفل الفلسطيني الذي يهاجمه بالحجارة، ورأينا جندي آخر يكظم غيظه أمام صفعة قوية على وجهه من قبل فتاة فلسطينية (عهد التميمي) وهكذا…
ولكننا نجده اليوم في الذكرى السبعينية للنكبة الفلسطينية ومظاهرات حق العودة ونقل السفارة، يظهر كأنه وحش كاسر أُطلق من عقاله، يقتل ويجرح ويطلق الرصاص الحيّ ويستخدم المواد السامة على الفلسطينيين لا يميز بين صغير ولا كبير ولا امرأة ولا شيخ، تُرى ما السرّ في هذه العربدة؟
إعلان
أرى أن ثمة أسباب متعددة هي التي حولت سلوكه وممارساته المشينة إلى هذا المستوى من اللامبالاة والاستهتار بالدم الفلسطيني.
أولاً – إن وصول ترامب إلى سدة الحكم وهجومه المتكرر وبشكل مباشر على المسلمين ووصفهم بالإرهابيين (يستخدم الإسلام الإرهابي وليس الراديكالي) وقد كان صريحاً جداً في مناهضته للمسلمين، من خلال حظر سكان دول إسلامية بعينها ومنعها من دخول الأراضي الأمريكية.
ودعم ترامب لإسرائيل بشكل فاق كل من سبقه من الرؤساء وتجاوز كل التوقعات وخير دليل على ذلك نقله للسفارة الأمريكية إلى القدس.
إعلان
ثانياً – تهافت حكام الخليج (الإمارات والسعودية والبحرين) على خطب ودّ إسرائيل وراحوا يتبارون بالتملق من خلال التصريحات التي يطلقونها بين الفينة والأخرى، فهذا يقول إن إسرائيل لها الحق في الأرض الفلسطينية وذاك يقول إن إسرائيل يحق لها الدفاع عن نفسها…
ثالثاً – فشل الربيع العربي من خلال الجرائم التي ارتكبها حكام العرب وهي تفوق جرائم إسرائيل بمئات المرات فمثلاً بشار الأسد قتل مليوناً من شعبه وهجّر عشرة ملايين، واعتقل نحو مليون…
إعلان
فعندما ينظر الكيان المحتل إلى صنيعه في مجابهة الفلسطينيين بالمقارنة مع بشار الأسد مثلاً يجد أنه لا يفعل شيئاً، فقتل أكثر من ستين شخصاً تساوي في نظره برميل من براميل بشار.
للأسف كم أصبح الإنسان العربي المسلم رخيصاً حتى يُنظر إليه بهذه الطريقة الوضيعة سواء كان الفلسطيني أو السوري أو المصري…في حين أننا نجد إذا ما أوذي شخص من أوربة تقوم الدنيا ولا تقعد ويوشك أن يصل الخلاف بين الدول إلى الحرب كما نجد الأزمة التي حدثت بين مصر وإيطالية من أجل الطالب روجيني وكما نجد مؤخراً الأزمة التي حصلت بين بريطانية وروسية بسبب رجل واحد.
تلك هي الأسباب في نظري التي دفعت بإسرائيل للصلف والتوحش والعربدة على مرأى من العالم.
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=55625