في الوقت الذي برع فيه كثير من اللاجئين السوريين في تعلم اللغة التركية، الأمر الذي خولهم دخول أسواق العمل التركية من بابها الواسع، يواجه آخرون صعوبات كثيرة نتيجة عدم إتقانهم لها، ليحول ذلك دون حصولهم على وظائف مميزة ذات أجور عالية.
ولا يختلف اثنان على اعتبار أن شرط تعلم اللغة التركية، صار واحداً من أبرز المشاكل التي يواجهها السوري الباحث عن عمل في تركيا، غير أن هذه المشاكل كما يبدو ليست حكراً على الراغبين بالعمل لدى الأتراك، بل تتعداها لأرباب العمل السوريين، الذين باتوا كأقرانهم الأتراك يفضلون المتقن للغة التركية على من لا يمتلكها.
حاجة وضرورة
ومما لا شك فيه، حسب الإعلامي صهيب محمد، أن للغة التركية تأثير كبير على كل مفاصل الحياة هنا، بيد أن تأثيرها على قطاع الأعمال يبلغ ذروته.
إعلان
وموضحاً ما يعنيه يقول محمد لـ”اقتصاد”: “من البديهي أن ترتفع الأجور للعامل السوري المتقن للغة التركية عن سواه غير المتقن لها، لأن الأول ستكون لديه الفرص الدائمة للبحث عن عمل براتب أعلى، على خلاف الثاني الذي يميل إلى التقوقع في فرصة عمله التي وجدها بصعوبة، والتي غالباً ما تكون بأجر متدنٍ”.
ويتابع، “حتى العامل السوري لدى أرباب العمل السوريين، دائماً ما يشعر بالتهديد بالخطر، لأنه يخشى أن يخسر عمله، وأن لا يجد غيره، خصوصاً وأن فرص العمل ليست متوفرة بكثرة، كما كانت مع بداية وصول اللاجئين السوريين إلى تركيا”.
ويستطرد محمد، “نحن نتحدث عن سوق تركية، أي أن عدد فرص العمل الأكبر يوفرها الأتراك وليس غيرهم، سورياً كان أم عربياً”.
إعلان
وبالبناء على كل ما سبق، يخرج محمد بنتيجة مفادها أن “تعلم اللغة التركية للسوريين بات حاجة وضرورة وليس ترفاً كما كان الاعتقاد سائداً”.
مزايا إضافية
إعلان
من جانبه تحدث عبدالله الرشيد، وهو عامل في مصنع للبلاستيك في مدينة أضنة التركية، عن مزايا إضافية تحصل عليها، بعيد إتقانه اللغة التركية، بالرغم من عدم تغييره لمكان عمله.
يقول الرشيد، “قبل إتقاني للغة التركية، كنت مجرد عامل عادي، وكان راتبي محدداً بـ1100 ليرة شهرياً، غير أنه بعد تعلمي اللغة، نتيجة الاحتكاك اليومي مع العمال الأتراك والمثابرة، تمت ترقيتي من عامل عادي إلى مدير لخط إنتاج، بالإضافة إلى منحي علاوة مالية ثابتة مقدارها 400 ليرة تركية”.
ويضيف لـ”اقتصاد”، “إلى جانب ذلك تم تسجيلي رسمياً في مؤسسة التأمينات، وصارت لدي وثائق قانونية تضمن حقوقي كعامل يعمل بصيغة رسمية”.
وبسؤاله عما إذا كان أقرانه من السوريين غير المتقنين للغة، قد تحصلوا على ذات الميزات التي حصل هو عليها، أجاب الرشيد “لقد تلقوا وعوداً بذلك من قبل صاحب المصنع، وهم ينتظرون”.
التطور الوظيفي
ويوضح مثال الرشيد السابق، حقيقة التطور الوظيفي الذي يستحيل تحقيقه ما لم يكن العامل السوري متقناً للغة التركية، حسبما ذكر الباحث أحمد السعيد لـ”اقتصاد”.
يقول السعيد، “إن العامل الذي لم يتعلم اللغة التركية، لن يقفز بمستواه الوظيفي إلى الأعلى”، موضحاً “القدرة على التعامل مع العمال الأتراك والتواصل معهم يؤهل العامل لأن يعمل إلى جانبهم، أي في الوظائف العليا، مع مراعاة حجم المنشأة”.
ويعتبر السعيد أنه من الطبيعي أن تكون فرصة حصول العامل السوري المتقن للغة التركية أعلى في الوظائف التي تتطلب إتقان اللغتين التركية والعربية في آن، كما في الوظائف النوعية في المطاعم، أو في محال الألبسة.
المستقبل الاستراتيجي
وإلى جانب كل ما ذكر، يعتقد الإعلامي صهيب محمد، أن تعلم اللغة التركية، يعطي شعوراً بالثقة لكل السوريين، عمالاً كانوا أم غير ذلك.
ويكمل في هذا الخصوص، “إن الشخص الذي يتقن اللغة، ترتفع لديه درجة الشعور بالأمان على مستقبله الاستراتيجي في تركيا، وأيضاً ستضمحل لديه نسبة المخاوف، ليبدأ مرحلة أخرى على المستوى المجتمعي، من خلال بناء علاقات جديدة مع المجتمع التركي، وصولاً إلى ما يسمى بالاندماج المجتمعي”.
ويستشهد محمد على ذلك بما جرى من تفاعل فيما بين السوريين والأتراك، في حادثة الانقلاب الفاشل على السلطات بتركيا، في منتصف شهر تموز 2016، مختتماً حديثه لموقع “اقتصاد”، “هذا التفاعل ناجم بالضرورة عن الاندماج المجتمعي”.
المصدر: اقتصاد
إعلان