خاص تركيا بالعربي / أحمد دقو
سؤلت من احد اصدقائي ، لماذا لا تكتب عن الاخبار اليومية المهمة او المتابعة من قبل المجتمع من احداث يومية مواكبة لمتطلبات الانسان الحياتية ، فانت في النهاية كاتب و اعلامي ، وهذه الامور تهم الناس بشكل عام ????!!!!
فاجبته اصبت في ما قلت ، فالاخبار اليومية هي العامود الفقري و اللبنة الاساسية للاعلام دون شك و كما عُرف الاعلام سابقا (( إن الوظيفة الاخبارية للصحافة تتصل بأهم الغرائز البشرية و إظهار صفة الانسان الاجتماعي من حب استطلاع لمعرفة الانباء و الاطمئنان على البيئة داخليا و خارجيا )) .ٰ
ولكن دعنا ننظر للقضية من زاوية اخرى ، فالمواطن العربي بشكل عام والسوري بشكل خاص مُورس عليه الاضطهاد الفكري من الحكومات الديكتاتورية لفترة ليست بقليله ، فالنظر و التخطيط المستقبلي السياسي لديه اصبح شبه معدوم ، واصبحت الاخبار اليومية المتداولة هي محور الحياة بالنسبة له .
بمعنى اخر عدم قدرة المواطن التفريق بين الدائم و المؤقت ، وفقدان الامل بالغد لاعتقاده ( لا غد ) .
فالحراك الثوري الذي اجتاح الوطن العربي وعدم وجود القيادة الثورية المحركة له ، ((ففي النهاية هو حراك شعبي )) ، ادى الى خلق شيئ من ردت الفعل الغير منظمة ، المترافقة للتطور في الاتصالات و مواقع التواصل الاجتماعي ، طفرة يخُشى على المجتمع منها وهذا ما حصل .
فتدفق المعلومات من افكار و آراء و احداث عن طريق عدد من الجهات المتفاوت انضباطها و ولائها ، ادى الى تشويش الافكار لدى عدد كبير من الجماهير .
لا ننسى المواطن هو نفسه ، ففي كثير من الاحيان يتحول من متلقي الى ناقل للخبر فمصطلح ( المواطن الصحفي ) هو التعبير الوحيد الذي يطلق على المواطن في هذه الفترة ، ولنأخذ بعين الاعتبار عدم قدرته على التأكد من صحة الخبر من عدمه في اوقات كثيرة ، او كيفية استيعابه للخبر او حتى عن طريقة نشر الخبر ، و بالطبع هذا لا يعيب المواطن ، فهو بالنهاية غير مختص .
فضخ المعلومات الغير متجانسة ذا عدة توجهات ادت الى فقدان المواطن للمنهجية الفكرية السليمة المرافق للشتات و الضياع الذي يمر فيه من تشرد و تهجير و لجوء لعدد من الدول الغير مترابطة فكريا واجتماعيا و حتى اخلاقيا مع عاداتنا و تقاليدنا ، مما سمح لكثير من التيارات و الحركات الغير سوية ، لفرض أجندتها في الشارع و إيجاد الاذن الصاغية ، مهما كانت متطرفة او غير متجانسة .
لذلك ارى ان الاعلام لا بد ان يكون لديه دور اخر غير الاخبار والاحداث المتداولة ، فالتوجيه و التصحيح و فتح آفاق جديدة للمواطن و إرشاده الى الطريق السليم هو ايضا من سمات الاعلام ، فتوضيح فكرة ما ، او تسليط الضوء على الاحداث و الازمات و تعرية الاجندات الغير سوية ، و فتح باب الحوار الهادف من اجل كشف و من ثم ردم النقاط الخلافية من سمات الاعلام ، و التحليل والدراسات و الحوارات من اجل ايصال بعض النقاط الغير واضحة و توضيحها للمواطن هي من مهام الاعلام ، و الطروحات السياسية و تعريف المسميات هي من اساس الاعلام.
فالإعلام السليم هو العنصر الاساسي في بناء مجتمع سليم .
هوامش
1 ٰ فن الخبر الصحفي (تاليف الدكتور عبد الجواد سعيد ) ص32
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=80902