الانتخابات التركية وانعكاسها على الداخل السوري

Osman26 أبريل 2018آخر تحديث :
الانتخابات التركية - الإنتخابات

بقلم: حسين أبو عمر / الدرر الشامية

أقر البرلمان التركي مؤخرًا مقترح قانون قدمه حزبا الحكومة: “العدالة والتنمية” الحاكم، والحزب القومي، لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكرة، في 24 يونيو / حزيران المقبل، بدلًا من نوفمبر 2019. هذا القرار -تقديم الانتخابات- يصب في مصلحة “أردوغان” وحزبه بامتياز؛ فهو -أردوغان- خارج للتو من معركة عفرين محققًا انتصارًا سريعًا على الانفصاليين الأكراد الفرع السوري لحزب “العمال الكردستاني”.

بالإضافة لنمو اقتصادي مرتفع؛ فقد نما الاقتصاد التركي بنسبة 7.4 في المائة العام الماضي، وبذلك يكون الاقتصاد التركي هو الأسرع نموًا بين دول مجموعة العشرين. وهذا سيعزز من فرص أردوغان بالفوز بالرئاسة وربما حصول حزبه على أغلبية البرلمان. أما الحفاظ على النمو الاقتصادي فهو موضع شك وتحد كبير وذلك بسبب عدم استقرار سعر الليرة التركية وارتفاع معدلات التضخم -كانت الأعلى في 14 عام الماضية-. يقول الخبير الاقتصادي أحمد مصبح:”يعتبر التحدي الأكبر للحكومة التركية هو تجنب توقف عجلة النمو الاقتصادي، خصوصًا في ظل ارتفاع معدلات التضخم”. نشرته صحيفة “عربي 21″. فيما هبطت الليرة التركية لأدنى مستوى لها على الإطلاق في الشهر الحالي. يقول أحمد مصبح، معلقا:”الحكومة التركية تحاول تسويق انخفاض الليرة التركية على أنه شيء إيجابي ويدعم زيادة الصادرات، وهذا صحيح في حالة وجود استقرار لسعر صرف الليرة، أما عدم استقرار سعر صرف الليرة صعودًا وهبوطًا يعمّق المشكلة ويؤدي إلى زيادة معدلات التضخم وتآكل أرباح الشركات”. هذا ماحدا بـ”أردوغان” لتقديم الانتخابات.

أما كيف ستكون انعكاسات الانتخابات التركية على الساحة السورية؟ ففي تعجيل الانتخابات إشارة واضحة إلى العجز التركي عن المُضي قُدمًا في الحرب ضد الانفصاليين الأكراد في سوريا، وأن المفاوضات مع الغرب بهذا الخصوص تصل لطريق مسدود ولن تأتي بنتيجة، وأنه -أردوغان- لن يحقق في حربه ضد الانفصاليين أكثر مما حقق، وأن الحرب ستقف عند هذا الحد؛ فلا منبج ولا شرق الفرات ستلحق بعفرين؛ فقد اصطدم هناك بصخرة الأمريكيين القاسية، ثم دخل الفرنسيون في موضوع منبج، ويدور الآن الكلام حول دخول قوات عربية؛ وهذا مع الزمن سيؤثر على شعبية “أردوغان” ويفقده ثقة الشعب التي اكتسبها بعد معركة عفرين.

إعلان

كما أن الأمريكيين والأوروبيين ومعهم غالب الدول العربية سيحاولون التأثير على مجرى الإنتخابات، وأن مناطق نفوذ الأتراك في سوريا ستكون ضمن ساحة الصراع لإفشال اردوغان في الانتخابات القادمة؛ لعل الاشتباكات المتعددة والتي باتت تتكرر كثيرا في الأيام الماضية بين فصيل الحمزات المدعوم من قِبَل البنتاغون الأمريكي وبعض فصائل درع الفرات من ضمن هذه السلسلة!

أما على صعيد العلاقة مع الروس؛ فمن المؤكد أن “أردوغان” لا يريد أي توتر للعلاقات مع روسيا في هذه الفترة -فترة ما قبل الانتخابات-، وسيعمل على المحافظة على خفض التصعيد في إدلب وماحولها، ولن يسمح الأتراك بأي عمل على النظام وحلفائه قريبًا من نقاط المراقبة التي ثبتوها في مناطق إدلب وحلب. وفي الطرف المقابل فإن الروس سيعملون على استغلال هذا الوضع لصالحهم لجني أكبر مكاسب على الأرض.

خرجت في الأيام الماضية تسريبات عدة تتحدث عن نية النظام وحلفائه ببدأ هجوم عسكري على منطقة إدلب وأنهم أعدوا عشرات الآلاف من المقاتلين لهذه المهمة، ثم جاءت تصريحات المبعوث الدولي “ديمستورا” عن إدلب -كما هي العادة- تصب في هذا الاتجاه، ثم بدأوا -الروس والنظام- يرفعون من شدة القصف على مناطق التماس جنوب إدلب.

إعلان

هذه الأمور سيكون لها دور مؤثر على مجرى المغاوضات القادمة في أستانا. سيرفع الروس سقف المفاوضات عاليا مستغلين ظرف “أردوغان”. غالبًا سيكون التفاوض على ما يقع جنوب أوتستراد اللاذقية يشمل مدنًا وبلدات كثيرة ( جسر الشغور، سهل الغاب ببلداته وقراه، جبل الزاوية بمدنه وبلداته وقراه، مدينة أريحا، كفرزيتا، مورك، خان شيخون، مدينة المعرة، وصولًا لسراقب) مقابل أن يحصل الأتراك على تل رفعت وماحولها!

هل يمضي الأتراك مثل هكذا اتفاق خاسر؟!

إعلان

التجارب الماضية مع الأتراك تقول نعم؛ الصفقات التي أجروها مع الروس كانت كارثية على الداخل الثوري؛ فلقد قدم “أردوغان” مناطق كثيرة من المحرَّر قرابين للروس ليسمحوا له ببعض التدخلات التي تصب في مصلحتهم تمامًا كما في مصلحته؛ فمن تسليم مدينة حلب مقابل عملية درع الفرات؛ ثم تسليم مناطق واسعة من ريف حماة الشرقي مرورًا بريف إدلب الشرقي وصولًا إلى ريف حلب الجنوبي مقابل عملية “غصن الزيتون” فيما يعرف باتفاق “شرق السكة”.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.