قبل حوالي 4 سنوات، فقد 268 لاجئًا سوريًا (بينهم 60 طفلًا) حياتهم في تحطم سفينة على بعد حوالي 60 ميلًا جنوب جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، بين صقلية وتونس.
واعتُبر هذا الحادث أحد أسوأ مآسي أزمة اللاجئين إلى أوروبا، إلا أن تسجيلًا صوتيًا نشرته مجلة “اسبريسو” الإيطالية يوم الإثنين، يكشف أن السلطات الإيطالية تركت السوريين يغرقون رغم تحذيرهم قبل عدة ساعات من أن سفينة اللاجئين في خطر.
وكانت صحيفة “واشنطن بوست” قد ذكرت في مساء 10 أكتوبر 2013، أن سفينة تحمل ما لا يقل عن 480 شخصًا غادرت من زوارة في شمال غرب ليبيا، متوجهة إلى لامبيدوزا. وكان معظم الركاب من السوريين الذين غادروا بلادهم إلى ليبيا عندما اندلع الصراع في وطنهم في العام 2011، ثم أجبروا على الفرار من ليبيا عندما اندلع القتال هناك أيضًا.
وقد أبحرت سفينتهم حتى الساعة الخامسة من مساء اليوم التالي، عندما انقلبت على بعد 61 ميلًا بحريًا جنوب لامبيدوزا. وبينما تم إنقاذ بعض الركاب من قبل سفن إيطالية ومالطية، مات أغلب الركاب قبل وصول رجال الإنقاذ.
وتسبب الحادث في ضجة إعلامية ساهمت في إنشاء “مار نوستروم”، وهي عملية البحث والإنقاذ التي قامت بها البحرية الإيطالية الآن، والتي تم استبدالها في أواخر العام 2014 ببرنامج أصغر حجمًا تحت إشراف الاتحاد الأوروبي يسمى “تريتون”.
ولكن حتى يوم الإثنين لم يكن الجمهور يعلم أن اللاجئين أخطروا السلطات الإيطالية بأنهم في حالة محنة، في وقت مبكر قبل 5 ساعات من غرق سفينتهم، على الرغم من أن سفينة اللاجئين قد اتصلت بحرس السواحل الإيطالي وحذرت من أنها فقدت محركاتها وأن الماء يتسرب إليها، وعلى متنها أطفال مصابون، إلا أن السلطات الإيطالية رفضت التدخل لعدة ساعات.
ونشرت مجلة ‘إسبريسو” 5 تسجيلات لمحادثات هاتفية منفصلة من يوم الحادث، وكانت الأولى في الساعة 12:39 مساءً، من المسافر “مهند جمو” (وهو طبيب نجا من تحطم السفينة ومعه هاتف ذكي استخدمه) إلى مقر خفر السواحل الإيطالي في روما ليطلب المساعدة حيث أمكن سماعه وهو يقول: “القارب يغرق والمياه تتسرب إليه” كما يمكن سماع امرأة تطلب موقعه، وهو يبلغها به.
وفي الساعة 1:17 مساءً، اتصل “جمو” مرة أخرى، وسأل عما إذا كان حرس السواحل قد أرسلوا أي شخص، ليجيب عليه رجل ينصحه بالاتصال بمالطا، حيث قال: “أنت بالقرب من مالطا”. ولكن الحقيقة أن السفينة كانت تبعد 61 ميلًا بحريًا عن لامبيدوزا، و118 ميلًا بحريًا عن مالطا.
وفي محادثة ثالثة، في الساعة 1:48 مساءً، اتصل “جمو” مرة أخرى بحرس السواحل، قائلًا إنه اتصل بالسلطات المالطية وأخبروه أنه أقرب إلى لامبيدوزا. وسأل “هل لامبيدوزا هي إيطاليا؟”. وأضاف “نحن نموت، من فضلك ساعدنا”.
وعلى الرغم من أن السفينة كانت أقرب إلى إيطاليا، وكانت تقع بمنطقة في المياه الدولية، حيث تتحمل مالطا مسؤولية بعثات البحث والإنقاذ بموجب الاتفاقات الأوروبية.
ولكن في ذلك الوقت كان لدى إيطاليا سفينة عسكرية على بعد حوالي 20 ميلًا بحريًا من سفينة اللاجئين، في حين أن أقرب سفينة في مالطا تبعد 70 ميلًا بحريًا.
وقال “فابريزيو غاتي” وهو المراسل الذي حصل على التسجيلات، في محادثة هاتفية مع الصحيفة: إن السفينة الإيطالية باعتبارها أقرب سفينة قادرة على المساعدة، كانت ملزمة بإنقاذ اللاجئين بموجب القانون البحري الدولي.
وقال “غاتي” إنه حصل على تسجيلات من “مصادر في مالطا” سربت التسجيلات بشرط عدم ذكر أسمائها. وقد تحقق المراسل من التسجيلات عن طريق مقارنتها بتسجيلات أخرى في حوزة السلطات القضائية الإيطالية، التي تقود التحقيق في الحادث.
وقال “غاتي”: إن التسجيلات تظهر أن السلطات الإيطالية تتأخر في العادة في محاولة إنقاذ السفن بدلًا من التحرك على الفور.
ورفض “غاتي” التكهن بالآثار السياسية للتسجيلات، ولكن التسريب يأتي في وقت تشهد فيه المشاعر المعادية للاجئين ارتفاعًا في إيطاليا، وقد اتهمت المنظمات غير الحكومية التي تساعد في إنقاذ المهاجرين في البحر بتشجيع الهجرة غير القانونية.
ويظهر التسجيل الرابع أن السلطات المالطية كانت على استعداد لتولي قيادة مهمة الإنقاذ ولكنها طلبت من نظرائها الإيطاليين إرسال سفينتهم القريبة قبل أن يرفض الإيطاليون.
وفي محادثة مستفزة في الساعة 4:44 مساءً، يخبر ضابط حرس السواحل الإيطالي البحرية المالطية بأن إيطاليا لن تحرك السفينة لأن موقعها مهم لرصد الأهداف الجديدة، ولأن ذلك من شأنه أن يجعل إيطاليا المسؤولة عن نقل الناجين إلى أقرب ساحل.
وفي تلك المرحلة، أرسلت مالطا طائرة مراقبة للتحقق من حالة اللاجئين. وفي الساعة 5:07 مساءً، اتصلت مالطا بالإيطاليين، وأخبرتهم بأن سفينة اللاجئين قد انقلبت وحثوا الإيطاليين على إرسال سفينتهم لأنهم لن يصلوا في الوقت المناسب لإنقاذ السوريين. وعندئذ وافقت إيطاليا على إرسال سفينتها ولكن بحلول ذلك كان الوقت قد فات.
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=13767