بعد أن استطاعت مجموعات من قوى الثورة اختراق التحصينات الإيرانية والروسية وكسر الطوق المضروب على العاصمة السورية، لم يبق أمام رأس عصابة العمالة إلاّ الاستعانة بالجيش الصيني عله ينقذ قصر العصابة، ولتحترق دمشق وسورية بمن فيها وما فيها.
فرضية تبدو أقرب إلى الخيال منها إلى الواقع، غير أن كل من يعرف كيف تفكر العصابة، لن يجد فيها أي نوع من الغرابة، وعلينا ألا نستبعد أن الأسد يقوم باتصالات فعلية يعرض فيها صفقة ما على الصين في مقابل انضمامها العسكري المباشر إلى محور المقاومة والممانعة، والذي يعمل منذ سنوات على مقاومة ومنع سقوط العملاء ليس إلاّ.
فهل يفعلها الأسد ويطلب مساندة عسكرية من الصين؟ وهل تفعلها الصين وتلبي النداء!
منذ الفيتو الروسي الأول الذي اعترض على إدانة نظام الأسد، كانت الصين مشاركة بقوة، بل وتقاسمت قرار الاعتراض مناصفة مع المافيا الروسية، وبعدها لم تترك أي فيتو روسي يمر في مجلس الأمن دون أن تدعمه وتباركه.
إعلان
ومع أن الصين تشارك منذ ما يقرب من ست سنوات في قتل الشعب السوري ومحاولة وأد ثورته من خلال دورها اللاأخلاقي في مجلس الأمن، إلاّ أن الشعب السوري نسيها ونسي دورها في زحمة الأعداء والخصوم الذين تكاثروا من كل حدب وصوب على الثورة اليتيمة، وجعلوا من محاولة إخمادها وإيقافها هدفهم الأعلى.
ليس لدى الصين أسباب حقيقية لمحاربة الشعب السوري، وربما ليس لديها مصالح مباشرة أو حتى غير مباشرة في سورية سواء كانت عسكرية أو اقتصادية، وربما يصب تغيير النظام السوري في مصلحتها الاقتصادية، غير أن تعاطف الصين مع شكل الحكم الديكتاتوري ومع فكرة القمع، هو واحد من الأسباب التي جعلتها لا تتردد في الانحياز لبشار الأسد لمجرد كونه ديكتاتوراً متوحشاً ودموياً يتلاقى ربما مع طريقة الإمبراطور الصيني في الرد على الشعب فيما لو قام بثورة ضده.
على مستوى العلاقات الدولية، ربما كان موقف الصين نوعاً من إعلان التحالف مع الروس، العدو التقليدي للولايات المتحدة، فضلاً عن كونه شكلاً مغلقاً من الحكم يتلاقى مع طموحات حكام الصين..
إعلان
أياً تكن أسباب انحياز الصين لروسيا، وحالة العداء التي اتخذتها ضد الثورة السورية، فقد وجدت الصين في الدم السوري ورقة مساومة على قضايا افتراضية، على قضايا لم تحدث بعد وربما لا تحدث في المستوى المنظور، ومهما كان مستوى العناد والمكابرة للمافيا الروسية، فإن العناد الصيني يبدو أكثر تجذّراً وحدّة، وقد تجدها الحكومة الصينية فرصة لإجراء نوع من التدريبات أو المناورات على الأرض السورية، فتدخل دمشق مرحباً بها من قبل العصابة لتكمل حلقة السيادة الوطنية..
التطورات المتسارعة التي تشهدها الساحة السورية لا تزال مفتوحة على احتمالات عدة، فقد يكون قرار منع سقوط الأسد قد سقط بحد ذاته، وهذا لا يعني دعماً مباشراً للثوار قدر ما يعني تخفيف دعم الأسد، أو أن استحقاق التخلي عنه بات أمراً واقعاً، ويدعم هذه الفرضية الكثير من المعطيات، أولها وأهمها إسقاط الثوار للخط الأحمر المتمثل في دخول العاصمة، وثانيها، فتح عدة جبهات في وقت واحد، الأمر الذي لم يحدث أثناء معركة حلب، وثالثها وأهمها أن معركة دمشق تأتي بعيداً عن عهد أوباما، أي بعيداً عن شهر العسل الذي عاشته إيران في فترة الإدارة الأمريكية السابقة، وربما أيضاً بعيداً عن اليد الروسية العليا التي توهمت أنها ستبقى مطلقة..
إعلان
السيناريو الأضعف، هو أن تكون معركة دمشق نموذجاً مكرراً لمعركة حلب التي أفقدت قوى المعارضة التي خاضت تلك المعركة مصداقيتها، وزودت نظام الأسد بمعنويات عالية حينما قلب الطاولة على خصومه، ليس فقط من خلال استعادته للمناطق التي سيطرت عليها المعارضة أثناء المعركة التي أطلق عليها (ملحمة حلب الكبرى)، بل من خلال طرد تلك القوى من المناطق التي كانت فيها قبل المعركة.
ثمة ما هو جديد في جعبة صانع القرار الدولي، قد يكون الانتصار للثورة وللشعب السوري آخر اعتباراته، غير أن تناقضات المصالح وتضاربها، لن تسمح لإيران ولروسيا بالاستمرار وفق قواعد اللعبة القديمة، ولربما انقلب التوافق على الحفاظ على الأسد إلى توافق على التخلص منه، وهو ما يصب تلقائياً في صالح الشعب السوري وثورته..
ومن هنا، قد يجد الأسد في الصين المخرج الأخير، وقد لا تتردد الصين في إرسال بضعة ملايين من عناصر جيشها كعيّنة أولية لمحاولة تغيير المعطيات، وتلك هي الورقة الوحيدة وربما الأخيرة المتبقية أمام الأسد لاستكمال تدمير سورية على نحو مثالي..
بقلم د. عبد القادر المنلا – المكتب الإعلامي لقوى الثورة السورية
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=8422