منذ حوالي قرنين ونصف من الزمان، ومصنع “علي محي الدين الحاج بكر” يواصل جذب عشاق الحلويات، بفضل حفاظه على المذاق الأصلي لمنتجاته من خلال توارث الخبرات بين الأجيال.
ويعد مصنع حاج بكر، الأقدم في تركيا، وواحدا من أقدم الماركات في العالم، حيث تخطت الراحة التركية (الحلقوم) بفضله حدود الدولة العثمانية لتحقق شهرة كبيرة على مستوى العالم.
وبدأ الحاج بكر، مسيرته الطويلة من ولاية كاستامونو، شمالي تركيا، ومن ثم انتقل إلى إسطنبول، وتحديدا منطقة إمينونو، عام 1777، حيث افتتح محلا صغيرا، أخذ ينتج فيه السكاكر والراحة ويبيعها.
وعقب اختراع العالم الألماني كيرجوف، مادة “النشاء” عام 1811، استخدمها الحاج بكر، بدلا من الطحين، ومزجها مع السكر، ليبتكر معها الراحة بشكلها الحالي.
ومع الزمن ذاع صيت سكاكر وراحة الحاج بكر، لتصل حد القصر العثماني، حيث قلّده السلطان محمود الثاني وسام الدولة، وعينه رئيسا لمصنعي السكاكر والحلوى، ليبدأ معها القصر بشراء الحلويات والسكاكر من مصنعه.
وعقب وفاة الحاج بكر، ورث المصنع ابنه محمد محي الدين أفندي، والذي أورثه بدوره إلى ابنه محي الدين الحاج بكر، حيث توارثوا فيما بينهم نفس الخبرات وحب المهنة، ليحافظوا بذلك على منصب رئيس مصنعي السكاكر.
وفي عام 1873، تم تكليف محمد محي الدين أفندي، للمشاركة في معرض بالنمسا والمجر، للتعريف بالسكاكر العثمانية، حيث نال الميدالية الفضية من قبِل لجنة التحكيم.
وفي مقابلة مع الأناضول، قالت ليلى جلاليان، وهي من الجيل السادس في عائلة الحاج بكر، بأن المصنع تأسس في منطقة إمينونو، وسط إسطنبول، عام 1777.
وأضافت جلاليان، أن جدها الأكبر الحاج بكر أفندي، ابتكر أنواعا جديدة من الحلويات والسكاكر، باستخدام النشاء والسكر المكرر، خلال رحلته إلى المدن الأوروبية بهدف التعريف بالثقافة العثمانية في ذلك الوقت.
وأردفت بأنه بعدما رجع إلى إسطنبول أجرى بعض التعديلات في الراحة، التي كانت تُصنع لقرون طويلة من دبس العنب أو العسل، ليخرج بالشكل الحالي المطاطي لراحة الحلقوم.
وأوضحت جلاليان، أن مصنع الحاج بكر، ينتج حاليا أكثر من 100 صنف من الحلويات، من بينها أكثر من 30 صنف من الراحة، و15 نوعا من السكاكر.
وأشارت إلى أن العمر الطويل للمصنع بقدر ما له من فوائد، فإنه يحمل القدر ذاته من المسؤوليات أيضا.
وأفادت في هذا الشأن “عند التفكير بمنجزات أجدادنا سابقا في مراحل ما قبل التكنولوجيا، فإننا نشعر بحجم المسؤولية، لكنها مسؤولية جميلة”.
ولفتت جلاليان، إلى أنه “بالرغم من تلقينا عروضا مهمة للغاية، إلا أننا لم نوافق على بيع الشركة يوما، فهي بالنسبة لنا أكثر من مجرد عمل أو تجارة، بل هي جزء منا ومن عائلتنا، وأتمنى أن تحافظ عليها الأجيال القادمة أيضا”.
وأوضحت أنهم يعتبرون الزبائن كأفراد من العائلة، وأن محلاتهم تستقطب الزبائن من كافة الأعمار”.
وشددت على أن استمرارية المصنع طوال هذه العقود، متعلق بشكل أساسي بالمحافظة على معايير الجودة، وهوية الشركة، والطرق التقليدية في إنتاج الحلويات.
جلاليان، نوهت إلى أن الشركة تحاول التأقلم مع التطور التكنولوجي، دون الحياد عن الطرق التقليدية.
وقالت بأنهم يستخدمون مواد صحية وغير مضرة بالطبيعة، وأن 99 بالمائة من المواد الأولية يجري تأمينها من داخل تركيا.
وبيّنت بأنهم حققوا تقدما كبيرا في المبيعات عبر الإنترنت، وأن منتجات المصنع تلقى إقبالا متزايدا من الشباب خلال السنوات الأخيرة.
من جانبه، محمد أسطه، وهو حلواني في محلات الحاج بكر، منذ 17 عاما، قال للأناضول، إن حلوياتهم تلقى رواجا كبيرا من السياح، وخاصة القادمين من دول الشرق الأوسط، والقارة الأوروبية.
ولفت أسطه، إلى أن أذواق الزبائن تختلف من منطقة لأخرى، فالسياح الشرق أوسطيين يفضلون الراحة ذات الجوز، والرمان والفستق، والبندق، بينما يفضل السياح الفرنسيون والبريطانيون الراحة بأنواع الفاكهة، في حين يفضل الأتراك كافة أنواع الراحة.
وأوضح أن السكاكر تعد من أقدم منتجات الشركة، وأن مبيعاتها جيدة جدا حتى الوقت الحالي، وأن عدد أنواعها يبلغ حوالي 17 نوعا.
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=90023