انتقد معارضون سوريون تلاعب السعودية بالثورة السورية وتحويلهم سوريا إلى ملعب لمغامراتهم بعيدا عن مصلحة الشعب السوري.
وتفاعل مغردون مع مأساة الغوطة، مؤكدين أنها لم تكن لتحدث لولا التخاذل العربي للثورة السورية، خاصة السعودية التي تركت الثورة في منتصف الطريق.
وغرد أحد الناشطين السوريين قائلا: كان من الممكن العمل على حسم الملف السوري مبكراً، لكن – بالإضافة إلى مخططات التقسيم – فإنه يراد للشام أن تبقى جرحاً نازفاً لتكون عبرة لكل شعب “تسوِّلُ له نفسُه” الخروج عن عبودية النظام الدولي، وهو هدف تتَّفق عليه كل أطراف النظام الدولي وأذنابه، مهما تعارضت أجنداتها.
ونوه ناشطون سوريون إلى تعمد السعودية تجميد ملفات المعارضة السورية، فلا هي التي تساعدهم ليحسموا المعركة ضد النظام، ولا هي التي تركتهم يدبرون أمور ثورتهم.
إعلان
وقالوا إن ما تفعله السعودية بالثورة السورية نوع من التفحيط السعودي لاحدود له ولا هدف، مؤكدين أن دخول السعودية في الصراع بين الشعب والنظام لم يكن له هدف سوى المكايدة السياسية وإثبات الحضور السعودي في مرحلة ما، ثم استدارت السعودية طبقا لمزاجية النظام الجديد، فقامت بتجميد دعمها للمعارضة وأبقتهم رهن المعادلات السياسية التي تقوم بها مع روسيا والقوى الكبرى.
ورقة للمساومة
تلاعب السعودية بالمعارضة السورية تؤكده وثائق وزارة الخارجية السعودية التي كشف عنها موقع ويكيليكس، فقد تعاملت السعودية بانتقائية مع الضباط المنشقين عن النظام، وبعضهم لجأوا إلى السفارة السعودية في بيروت وعمّان ونيودلهي وغيرها من العواصم، فلم يجدوا إلا التراخي، بل إن بعض الناشطين السوريين تم التعامل معهم باستخدام ورقة تأشيرات العمرة، حيث احتارت الرياض في التعامل مع رموز المعارضة، فتفتق ذهن بعضهم عن فكرة جديدة في دعم الدول للمعارضين، وهي الإتيان بهم إلى جدة بتأشيرة عمرة والجلوس معهم والاستماع إليهم، فإذا كانت للرياض فائدة من بقائهم في الأراضي السعودية أبقوهم، وإلا يتم إبلاغهم أن تأشيرتهم للبلاد هي تأشيرة عمرة، لها مدة صلاحية، وعليهم المغادرة قبل انتهائها. وخشيت الرياض من استضافة لاجئين سوريين ناشطين تحسبا لنشر ثقافة الحريات والمطالبة بحقوق الإنسان وسط المجتمع السعودي، وهو الشرر الذي تخشاه الرياض وتسعى لإخماده أينما اشتعل.
إعلان
وتعاملت السفارة السعودية في الأردن بنفس المنطق مع طلبات اللجوء التي استقبلتها من السورين، حيث تلقت طلبات من سوريين لاجئين يطلبون فيها الدخول إلى المملكة بغرض الإقامة كنازحين والسماح لهم بالبحث عن فرصة عمل، ومن بينهم ناشطون في المجلس الوطني السوري، وأفادت الاستخبارات السعودية أنه من المبكر جدا منح المعارضين السوريين حق اللجوء السياسي، خاصة الناشطين في المعارضة السورية، بحجة أن أقوالهم أو أفعالهم قد تحسب على المملكة.
وأوصت إدارة العلاقات المتعددة الأطراف في الخارجية السعودية بعدم منح السوريين رخصة إقامة في السعودية والبحث عن عمل، مبررة ذلك بأن دخول المعنيين إلى المملكة للبحث عن فرص عمل محكوم بأنظمة معمول بها في المملكة، ونظرا لكون البعض منهم له نشاطات سياسية، فقد يكون السماح بدخوله للإقامة في المملكة تبعات سياسية في حال استمراره في ممارسة نشاطه والتواصل مع المعارضة السورية، ومن المؤكد – حسب نص وثيقة للخارجية – أنه سيفتح الباب للعديد من طلبات اللجوء، وخلصت البرقية إلى التوصية بصرف النظر عن طلب المعنيين في الوقت الراهن وعدم الالتفات لطلبهم.
إعلان
ونفس الموقف تكرر مع سفارة السعودية في النمسا، حيث نقلت إحدى البرقيات عن السفير في فيينا أنه التقى بعدد من الشخصيات النمساوية من ذوي الأصول السورية وأنهم أسسوا هيئة تحت مسمى هيئة الإغاثة الإنسانية السورية وطلبوا إقامة حفل خيري في جدة والرياض والدمام يدعى له أبناء الجالية السورية في السعودية والمتعاطفون مع الأزمة الإنسانية في سوريا، مع السماح بجمع التبرعات لصالح الثورة السورية، لكن مجلس الوزراء السعودي أبرق إلى السفير في النمسا بحظر ذلك النشاط وعدم مناسبة إقامة ذلك النشاط، حيث “سيفتح الباب لجنسيات أخرى بطلب مثل ذلك، وقد يكون هناك تذمر من حكومات بلادهم، وهو محظور على الجمعيات السعودية والسلطات السعودية لا تسمح بإقامة حفل خيري”.
لماذا دعمت المعارضة؟
هذه التصرفات من جانب السلطات السعودية تجاه الثورة والمعارضة جعلت السوريين يتساءلون عن أسباب إعلان السعودية دعم الثورة في البداية، ولماذا تحمست السعودية في عهد الأمير سعود الفيصل للثورة، ولماذا تراجع ذلك الدعم بعد مؤتمرالرياض، وهل جرى التقارب الروسي السعودي على حساب الثورة السورية؟ وهل رضخت السعودية للمطلب الروسي الإيراني بإبقاء الأسد على رأس السلطة بعد كل هذه الدماء التي سالت؟ .
العديد من قادة المعارضة السورية أكدوا أن هناك رغبة سعودية في إبقاء الأسد، خاصة بعد فشل المعارضة تكوين نواة متماسكة داخليا تحت قيادة قادرة على التأثير في الحراك السياسي داخل صفوفها، وهو ما جعل الرياض في مؤتمرها الأخير تعطي ظهرها للمعارضة، وأن إصرار المعارضة على رحيل الأسد أحدث فجوة مع المملكة وحسم العديد من قادة المعارضة خيارهم بعدم التعامل مع الرياض في أي تسويات، بعدما لمسوا تصرفات سعودية بأنها تتعامل مع المعارضة على أنها غير ناضجة، وهو ما ذكرته برقية من الخارجية، حيث رأت السعودية أن الائتلاف السوري لايزال بحاجة إلى مزيد من التواصل وطرح الآراء والأفكار. كما تباطأ دعم السعودية لمعسكرات اللاجئين في الأردن، حيث تشير إحدى البرقيات إلى رفض طلب دعم معسكرات اللاجئين بمبلغ مليون ريال سعودي لرفع الروح المعنوية لشباب المعسكرات بحجة أن السعودية قدمت الكثير للشعب السوري!
عدم انهيار النظام
في الوقت نفسه حرصت السعودية – كما تؤكد ذلك البرقيات – على عدم انهيار الدولة ومؤسساتها والحرص على إبقائها حتى لا يحدث انهيار كامل لسوريا وتعم الفوضى في أنحاء البلاد مثلما حدث في العراق عندما حل الجيش العراقي بعد الغزو الأمريكي.
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=44273