حظي السوق الشامي الذي نظمته جمعية “همة” الشبابية السورية السبت والأحد الماضيين في إسطنبول باهتمام لافت من السوريين وأبناء الجالية العربية، حيث ركز على أجواء الاستعدادات الرمضانية في ارتباط بالجذور السورية وليعيشوا أجواء فنية وتراثية دمشقية.
يستقبل التاجر بلال القباني زبائنه بابتسامة عريضة وبحبات من التمر التي اعتاد أن يقدمها للزبائن حين كانوا يأتون إلى محله في دمشق.
القباني غادر بلاده كملايين السوريين الذين ألقت بهم ويلات الحرب خارج البلاد، لكنه سرعان ما وقف على قدميه من جديد، لينشط في مجال التمور والعجوة العربية التي أصبح يوزعها على الكثير من المحلات في تركيا.
سألته الجزيرة نت عن مشاركته في “السوق الشامي” الذي نظمته جمعية “همة” الشبابية السورية على مدار السبت والأحد الماضيين بمدينة إسطنبول التركية استعدادا لشهر رمضان المبارك، فقال إنها المشاركة الأولى له، وإنه حضر لعرض بضاعته أمام زوار جدد لأنه يؤمن بأن تعريف الناس بالبضائع من أهم أبواب نجاح العمل.
تجارة وثقافة
حظي السوق الشامي باهتمام لافت من السوريين وأبناء الجالية العربية بالمجمل في مدينة إسطنبول، فقد ركز السوق على أجواء الاستعدادات الرمضانية في مساحة صغيرة غصت بالزوار الذين حضروا ليعيشوا تلك الأجواء في كنف دمشق.
وإلى جانب البعد الترويجي، وفر السوق الشامي فرصة اقتصادية لعدد من العائلات وربات الأسر اللاتي عرضن منتوجات غذائية اشتهرت بها سوريا كالراحة والحلقوم والكبة والتمور والمخللات، ومصنوعات يدوية ومنسوجات وملابس صنعت في البيت للبيع فيه.
كما كان للسوق مكانة فنية وثقافية حيث عكس الأجواء التراثية السورية وأجواء دمشق الفنية، كالعراضة والحكواتي وأعمال غنائية ومسرح تراثي.
داخل السوق ترى بائع العصائر الرمضانية التقليدية كعرق السوس والتمر الهندي بلباسه الفلكلوري، وهو يحمل على ظهره الإناء النحاسي الكبير الذي يصب منه العصير للزوار.
كما يقف الباعة الذين أطلقوا الشنب الطويل واعتمروا الكوفيات أمام بضائعهم وهم يطلقون النداءات للزبائن لتجريب ما لديهم من منتجات وبضائع.
يقول تاجر المنسوجات والأعمال اليدوية أحمد بهاء الدين -الذي هاجر من تدمر السورية لإسطنبول قبل أربع سنوات- إنه بادر لعرض منتجاته في السوق الشامي لأنه يوفر فرصة احتكاك جيدة مع الزبائن.
ويضيف للجزيرة نت أن تكاليف الحياة الباهظة في تركيا بالعموم وفي اسطنبول بشكل خاص تجعله يحتاج لكل جهد يساعده على إنجاح عمله لتوفير قوته ونفقات بيته.
ترابط الأجيال
وتقول خولة العيسى مسؤولة قطاع المرأة والطفل بجمعية همة إن الجمعية أقامت السوق للحفاظ على ترابط الأجيال المهاجرة من السوريين مع الأجواء الثقافية والحضارية في بلادهم، التي اشتهرت أسواقها بالاستعدادات المميزة لشهر رمضان المبارك.
وتضيف العيسى التي هاجرت من مدينة حماة أن انقضاء سبع سنوات من عمر الثورة السورية -وما واكبها من قمع وهجرة ورحيل عانت منه قطاعات واسعة من الناس- قد أضعف من ارتباط الشباب والناشئة بتراثهم الأصلي، وهو الأمر الذي تعمل الجمعية على التصدي له من خلال فعالياتها المختلفة ومن بينها السوق الشامي.
وتؤكد للجزيرة نت أن “همة” فتحت بابا للرزق أمام المرأة السورية من خلال السوق الذي منحها الفرصة لبيع إنتاجاتها المنزلية والحصول على دخل يساعدها على المساهمة بإعالة أسرتها.
من جانب السياح، تقول إحداهن وهي من تونس وقد حضرت لزيارة السوق الشامي بإسطنبول إنها كانت تتطلع منذ زمن طويل لزيارة سوريا للسياحة، لكن ظروفها لم تسعفها للسفر إلا بعدما دخلت البلاد حالة الحرب وأصبحت زيارتها غير ممكنة.
وأضافت للجزيرة نت أن السوق الشامي فتح لها الباب للاطلاع على كثير من الأشياء التي كانت تحب أن تراها في سوريا.
ويقيم نحو ستمئة ألف سوري بمدينة إسطنبول يمثلون نحو خمس عدد السوريين في تركيا والبالغ نحو ثلاثة ملايين نسمة.
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=15066