جاء إعلان المحامي الحقوقي البارز، خالد علي، التراجع عن خوض سباق الانتخابات الرئاسية في مصر ليزيد حالة “فراغ” المرشحين وترك الساحة خالية أمام مرشح واحد، الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، سيكون بمقدوره الفوز في حال حصل فقط على 5 بالمائة من أصوات الناحبين.
وعزا خالد علي قراره إلى عدة أسباب بينها ما وصفه “بالتضييق والانتهاكات وانعدام المناخ الذي يوفر الحد الأدنى للاستحقاق” فضلا عن وجود “صراعات بين أجهزة السلطة”.
و”علي” يعد ثالث مرشح محتمل يتراجع عن خوض سباق رئاسيات مصر المقررة في الربيع المقبل، بعد العسكري المتقاعد، الفريق أحمد شفيق، والبرلماني السابق محمد أنور عصمت السادات، ابن شقيق الرئيس الراحل أنور السادات (1970-1981).
فيما رفض الجيش المصري، الثلاثاء، إعلان ترشح رئيس أركان القوات المسلحة الأسبق، سامي عنان، للانتخابات الرئاسية المقررة في مارس/آذار المقبل، مقررًا استدعاءه للتحقيق إثر اتهامه بارتكاب 3 “مخالفات” منها ترشحه دون موافقة القوات المسلحة وسط حالة من الغموض حول مصيره.
ولم يتبق مع السيسي، الذي قدم أوراق ترشحه لفترة رئاسية ثانية، أمس، غير مرشح محتمل بارز هو رئيس نادي الزمالك، مرتضى منصور، الذي لم يظهر أي جدية حتى الساعة في جمع تأييد 25 ألف توكيل أو تزكية 20 نائبًا برلمانيا، كشرط للترشح، بل إنه حضر مؤخرا مؤتمرا لدعم السيسي.
وبدأت الهيئة الوطنية للانتخابات (قضائية مستقلة) تلقي طلبات الترشح منذ 20 يناير / كانون الثاني الجاري على أن يتم غلق باب الترشح الإثنين المقبل يتخلل الفترة الباقية يومين إجازة رسمية بالبلاد هما الخميس (بمناسبة ذكرى ثورة 25 يناير/2011) والجمعة إجازة أسبوعية رسمية.
ويعني عمليا كل ذلك تزايد احتمالات أن يخوض السيسي الانتخابات منفردًا، حيث إنه من الصعب جمع التوكيلات المطلوبة لمرشح جديد خلال الأيام المتبقية فيما يتبقى تزكية 20 نائبا كحل بديل.
وأعلن 516 نائبا ـ أي ما نسبته 86 بالمائة من النواب ـ تزكيتهم ترشح الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، فيما لم يعلن أعضاء تكتل “20 ـ 25” المعارض بالبرلمان (16 نائبا) اعتزامهم تزكية مرشح بعينه.
** المادة 36
وعن امكانية فوز مرشح وحيد للرئاسة بالتزكية دون الحاجة لإجراء انتخابات، قال صلاح فوزي، أستاذ القانون الدستوري، إنه لا يجوز تزكية المرشح الوحيد، وفي حال عدم قدرة المنافسين على اجتياز شروط الترشح، فإن المادة 36 من قانون الانتخابات الرئاسية تحسم الأمر.
وتنص المادة 36 على أنه “يتم الاقتراع لانتخاب رئيس الجمهورية حتى لو تقدم للترشح مرشح وحيد أو لم يبق سواه بسبب تنازل باقي المرشحين، وفي هذه الحالة يعلن فوزه إن حصل على 5 % من إجمالي عدد الناخبين المقيدة أسماؤهم بقاعدة بيانات الناخبين، فإن لم يحصل المرشح على هذه النسبة تعلن لجنة الانتخابات الرئاسية فتح باب الترشح لانتخابات أخرى خلال خمسة عشر يوما على الأكثر من تاريخ إعلان النتيجة”.
وأكد فوزي في تصريحات سابقة للأناضول: “الاقتراع يجب أن يتم حتى لو تقدم للترشح شخص وحيد أو تنازل له الآخرون”.
أستاذ القانون الدستوري، شوقي السيد، قال من جهته إن قانون الانتخابات الرئاسية نظم حالة خوض مرشح وحيد للسباق الرئاسي، وبالتالي لا اجتهاد مع النص الصريح “سنكون أمام انتخابات بشقها القانوني، ولكن الأزمة الحقيقية تأتي في تأثير هذه الحالة على الحالة السياسية في الداخل، وصورة الدولة المصرية في الخارج”.
وأضاف الفقيه الدستوري، في تصريحات صحفية: “وجود مرشح منفرد فى الانتخابات الرئاسية ردة سياسية، وعودة للاستفتاء الشعبي، وتعكس الفراغ السياسي الذي تعيشها مصر من مناخ سياسي وحزبي لا يشجع على إفراز كوادر جادة في ممارسة العمل السياسي”.
** نتيجة محسومة
عاطف سعداوي، الخبير في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية (حكومي) رأى بدوره إن فكرة وجود مرشح لديه فرص “أصبح حلما” لدى الناس حتى تكتمل الصورة الديمقراطية، حيث إن معيار نجاح أي انتخابات هو نسبة المشاركة، وهو ما يتحقق عندما تكون النتيجة غير محسومة عبر منافسة قوية.
وأشار في حديث للأناضول إلى أن الخريطة غير واضحة وملتبسة، وبعد تراجع شفيق وخالد علي واستبعاد عنان عن العملية الانتخابية لم يعد هناك مرشح يستطيع منافسة الرئيس الحالي.
ومضى قائلا: “كلما زاد عدد المرشحين كانت الصورة أفضل، لكن النتيجة محسومة للسيسي بكل تأكيد كما حدث في 2014”.
واعتبر أن “مقاطعة الانتخابات لن تضعف من شرعية النظام أو عدد المرشحين أو قوتهم”، لافتا إلى أن المجتمع الدولي أيضا لديه معايير في الانتخابات، ومنها هل كانت نزيهة أم شابتها خروقات؟
وفاز السيسي في انتخابات 2014 بحصوله على 96.9 في المائة، في حين نال منافسه حمدين صباحي 1.4 %، وحلت الأصوات الباطلة في المركز الثاني بنسبة 1.7 %.
** من الاستفتاء إلى الانتخاب
ومنذ تحول مصر من الملكية إلى الجمهورية في أعقاب ثورة 23 يوليو / تموز 1952، تبدلت طرق انتخاب منصب رئيس البلاد، وطوال 53 عاما اختير الرئيس بالاستفتاء المباشر من دون منافسة تعددية بدأت باستفتاء 1956 على رئاسة جمال عبد الناصر (1956 ـ 1970)، وآخرها كان استفتاء 1999 لرئاسة حسني مبارك (1981 ـ 2011).
وعرف المصريون للمرة الأولى الانتخابات التعددية عام 2005 في عهد مبارك، على الرغم من الانتقادات التي وُجهت إليها بأنها كانت “صورية”، حيث تغير شكل انتخاب الرئيس بعد إجراء تعديل دستوري يسمح بإجراء انتخابات تعددية تنافسية بين أكثر من مرشح، حيث نافس مبارك حينها السياسي أيمن نور.
وكانت انتخابات 2012 الأكثر تنافسية بسبب تقارب نتائج المرشحين وتنوعهم بدرجة كبرى، إذ أسفرت في جولتها الأولى عن تصدر مرشح جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي، وحل شفيق وصيفا، وفي المركز الثالث جاء حمدين صباحي، قبل فوز مرسي في جولة الإعادة.
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=40802