صُد،مت “هالة” عندما طلبت من ابنتها في الصف خامس، أن تكتب جملة مفيدة باللغة العربية، سيما أن الصغيرة أخطأت في جميع الكلمات التي كتبتها. وبرّرت الطفلة خطأها بأن المدرسة التي تدرس فيها لا تهتم باللغة العربية أبداً.
الطفلة “نور” واحدة من آلاف الأطفال السوريين الذين بدؤوا دراستهم في المدارس التركية، في مختلف الولايات بحكم واقع اللجوء، وباتت الكتابة باللغة العربية أمراً صعباً عليهم.
تقول والدة الطفلة، إنها تحرص دائماً على تعليم ابنتها الكتابة باللغة العربية لأنها اللغة الأم، لكنّ الأمر صعب جدّاً “ربما يجب أن أخضعها لدورات تعلّم لغة عربية في العُطلة”.
معاهد مكلفة
كما تروي “أم حسن” وهي سيّدة سوريّة تسكن في تركيا منذ 6 سنوات، اهتمام ابنتها الصغيرة وصديقاتها السوريات باللغة التركية، موضحةً أنّ أحاديث ابنتها مع صديقاتها عبر الهاتف من أجل الواجب المدرسي أو في أي حديث آخر يكون باللغة التركية وبطلاقة، أما اللغة العربية فلا تعرف عنها شيئاً سوى بعض الآيات القرآنية التي تعلّمها إيّاها في البيت.
واضطرت الكثير من الأسر السورية إلى تسجيل أولادها في معاهد خاصة لتعلّم اللغة العربية كتابة ونطقاً، إلّا أنّ الأمر يعتبر مكلفاً للأسر ذات الدخل المحدود.
يقول “أبو خير الله” وهو لاجئ سوري في مدينة مرسين جنوب البلاد، إنّ عدم مقدرته على تسجيل أطفاله في معاهد خاصة باللغة العربية، تسبب بضعف مستواهم الكتابة والقراءة؛ إلّا أنّه استعاض عن ذلك بطريقة متوفرة لدى جميع الناس، حيث يستمع أولاده أسبوعياً لدروس باللغة العربية عبر “اليوتيوب”.
ويضيف أن “ابنته وابنه يشعران بالسعادة حين يتعلمان اللغة التركية، حيث يران ذلك شيئاً جديداً عليهم”، ويعتقد أنّ سهولة تعلّم اللغة التركية لدى الأطفال جعلتهم يهجرون اللغة العربية كتابة ونطقاً.
ونقلت وكالة الأناضول التركية، في وقت سابق، عن وزارة التربية والتعليم التركية، أن “ما يزيد على 600 ألف طالب سوري التحقوا بالتعليم الرسمي التركي للعام الدراسي 2018/2019” وباتوا يتلقّون تعليمهم باللغة التركية ويخضعون للمناهج الرسمية التي تدرّس في عموم البلاد.
أما سابقاً فكانت هناك مدارس سوريّة يتلقى الطلاب تعليمهم فيها وفق مناهج الحكومة السورية المؤقتة؛ إلّا أن الحكومة التركية بدأت في العام الدراسي 2016/2017 بدمج الطلاب السوريين في المدارس التركية، وأغلقت المدارس السورية.
بالمقابل أنشأت الحكومة التركية، مراكز مؤقتة تدرّس المنهاج التركي والسوري للسوريين، إلّا أنها قلّصت عدد هذه المراكز بهدف نقل الطلاب بشكل تدريجي إلى المدارس التركية.
لغة رسمية
الدكتور والمستشار العلمي “جمال أبو الورد” يرى أنّ المسؤولية الكبيرة تأتي في المنزل، معتبراً أنّ إيلاء اللغة العربية داخل البيت أهمية أكبر أمراً مهماً، حتّى تحافظ على أصالتها كلغة أمّ لدى السوريين في تركيا.
وأضاف في حديث لأورينت نت، أنّ اللغة العربية في المستقبل القريب ستصبح لغة ثانية في المدارس التركية للأتراك والعرب، “فالأتراك يرون فيها لغة مهمة تنبع من كونها لغة القرآن الكريم”.
بالمقابل أشار “أبو الورد” إلى أنّ أتراك هاتاي يتحدّثون اللغة العربية حتى يومنا هذا، ما يؤكد أنّ اللغة العربية لغة متينة وقوية ولا يمكن لأي عوامل مؤقتة أن تهدد مستقبلها لدى شريحة أو جيل من السوريين.
وأدى لجوء ملايين السوريين إلى تركيا وتدفّع الكثير من العرب إليها والاستقرار فيها إلى إيلاء اللغة العربية أهمية لدى الأتراك، ما دفع بعض الولايات إلى جعلها مادة رسمية في المدارس، بالإضافة إلى وجود عدد من الجامعات التركية التي تدرّس اللغة العربية كقسم رئيسي.
ويسعى الكثير من الأتراك إلى تعلّم اللغة العربية عبر معاد خاصة ومؤسسات تابعة للأوقاف، وذلك لسهولة قراءة القرآن والكتب الدينية الأخرى.
اقرا أيضأ: أطفال سوريين: نحن اتراك
أجرت صحيفة حرييت تقريراً مصوراً عن الأطفال السوريين اللذين ولدوا في تركيا أو اللذين نشؤوا في تركيا حول شعورهم من تركيا ومن سوريا وهل يعتبرون أنفسهم سوريين أم أتراكاً وكانت اجاباتهم مفاجئة بحسب ما رصدت وترجمت تركيا بالعربي.
وبحسب أحدث الإحصائيات فان الأطفال السوريين يشكلون مليون و ٦٤٦ ألف و ٥٣ طفلاً تحت سن الثامنة عشر.
وقد ولد ما بين عامي ٢٠١١ و٢٠١٩ ولد ما يقارب ٤١٠٠٠٠ طفل في تركيا، وهؤلاء الأطفال لا يملكون أي ذكريات حول بلدهم حتى أن بعضهم لا يعرفونها شيءً عنها.
وقد أجرت الصحافة روبرتاج مع الأطفال الذين كبروا في تركيا حيث قالوا أنه كبروا في تركيا وأنهم يعتبرون أنفسهم أتراك.
الطفلة مريم صفا 8 سنوات حيث قالت أن لديها أختان وأخ وأنهم ولدوا في تركيا منذ 5 سنوات، مضيفة أنها هي أيضاً لا تتذكر صوت القصف في سوريا وقالت أن أفضل أصدقائها في المدرسها اسمها يغمور (أي تركيا) وتقول ان أمها تقول بيتنا في سوريا كبير وجميل ولكن بيتنا هنا صغير وبعدها دعت الصحفي لشرب الشاي.
الطفلة نسرين العلي ١٣ عاماً قالت منذ ٥ سنوات أتينا من حلب والآن أنا أذهب إلى المدرسة أنا لا أتذكر اي شيئ جميل حول حلب فقط أتذكر عندما أتت الطائرة لقصف مدرستهم وتكمل أن أمها تزوجت من رجل تركي وتكمل أنها أصبحت مثل أبيها تركية.
الطفل محمد. س ١١ عاماً قال أنه جاء مع عائلته عندما كان في الثالثة ولا يتذكر اي شيء حول بلده ويقول أن أمه دائماً ما تقول أنهم لن يعودوا مرة ثانية إلى هنال ولكن ماذا تعني بـ هناك .. لا أعرف أنا فقط أعرف حارتي هنا.
الطفل أحمد. س عشر سنوات قال أنه سعيد هنا ولكن الجيران في بعض الأحيان يصرخون عليه لانه يلعب مع اخوانه بصوت مرتفع.
الطفلة صبرية. س التي لا تستطيع ان تتكلم التركية بشكل جيد وتضيف يوجد في حيها تصوير لمسلسل وهي تخبر الناس بالمكان وهم يضعون في يدها بضع الليرات جزاء لها، وتكمل ان والداها سوريين ولكنها تركية.
محمد. عباس ١٦ عاماً يقول أن حلب كانت جميله ولكن جاؤوا الى هنا بعد وقوع قذيفة عليهم و صار مع والده فالج، والناس لا يمكن أن يعرفوا بأنني سوري لانني أـكلم التركية بشكل جيد و أنا سعيد هنا ولديَّّ اصدقاء أتراك كثر.
من جهته قال البروفيسور مراد. اردوغان أن سوريا أصبحت بلد حرب وأن من أتى إلى هنا لبناء حياة جديدة له وتأقلم معها وأنه يرى أن معظم السوريين لن يعودوا لديارهم والاطفال الذين في المدارس يستطيعوا تكلم التركية بطلاقة.
ويضيف أن حوالي مليون طفل سوري لا يستطيعون الذهاب للمدرسة وهذا غير جيد لأنهم مستقبلنا ويجب إيجاد حل لهذا.
وأضاف أن كثير من الناس تخلق تفرقة بين الاطفال السوريين والأتراك ويجب أن نجد حل لهذه المشكلة لان لها أثر كبير في المستقبل.
ويجب أن نبني مزيد من المدارس والمعلمين وأن اعداد الاطفال السوريين في المدارس حوالي ٦٥٠ ألف طالب سوري بالمدارس وهذا نجاح لان هذا العدد يشكل عدد الطلاب في بعض البلدان الاوربية، والاطفال ليس لهم صلة بالحرب والظروف هي التي تجبرهم وليس قراراتهم ويجب علينا الاعتناء بهم.
المصدر: أورينت – رزق العبي
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=91409