أتمت وزارة الصحة التركية، بالتعاون مع وزارتي الثقافة والسياحة، مشروعاً يهدف إلى إدخال العلاج بالموسيقى إلى المستشفيات التركية، في إطار عملها على نشر الوعي حول الطب البديل. وفي بداية الشهر الجاري، اختيرت أنواع الموسيقى التي ستذاع في مختلف المستشفيات التركية، بهدف مساعدة المرضى، والتخفيف من الضغوط والتوتر الذي يعاني منها الكادر الصحي، والحد من العنف ضد الكوادر الطبية.
المجموعة الموسيقية وضعت 29 مقطوعة مختلفة من الموسيقى الصوفية التركية، وتقاسيم على العود والناي والغيتار والساز (آلة موسيقية تركية وترية تشبه البزق)، منها “بشرف راست” و”سماعي ساز نهاوند رومي”، ومقطوعة كلاسيكية للموسيقي البولندي فريدريك شوبان، وغيرها. هذه الموسيقى ستشغّل في أروقة المستشفيات وغرف المرضى والعيادات وصالات الانتظار، إضافة إلى غرف العناية المركزة، بحسب وكيل وزارة الصحة أيوب غوموش. يضيف أن هذا المشروع يأتي في إطار الجهود التي تبذلها الوزارة لنشر الطب المتمم والبديل، كالعلاج بالموسيقى.
يأتي هذا في وقت يصرّ رئيس جمعية العلاج التطبيقي بالموسيقى، الطبيب لوند أوزتورك، على أن تشغيل الموسيقى في المستشفيات لا يعني العلاج بالموسيقى، مشيراً إلى أنه أجري في العالم أكثر من خمسة آلاف بحث على العلاج بالموسيقى، ولم تذكر الموسيقى التركية إلا في نحو ثمانية إلى تسعة أبحاث منها.
وبحسب أوزتورك، مؤلف كتاب “من المقام إلى الشفاء”، يعود تاريخ العلاج بالموسيقى إلى آلاف السنين، وقد استخدم صوت المياه والقرع وغيرها لعلاج بعض الاضطرابات النفسية. ويعدّ البيمارستان النوري في العاصمة السورية دمشق، أحد أقدم المستشفيات التي طبقت العلاج بالموسيقى. ويتحدث عن كتاب “الرسالات الموسيقية من الدوائر الروحانية”، لغفركزاده حافظ حسن أفندي (1727 ــ 1801)، بكونه من أكثر الكتب القديمة تفصيلاً عن العلاج بالموسيقى. ويوصي حسن أفندي باستخدام مقام الراست لعلاج الشلل، ومقام العراق لعلاج الأمراض المصحوبة بارتفاع درجة الحرارة، ومقام الرهاوي لعلاج الصداع، ومقام الحجاز لمشاكل التبول، ومقام البوسلك لآلام الفخذ، ومقام العشاق لآلام الأقدام خصوصاً النقرس، ومقام الحسيني لآلام المعدة والالتهابات في القلب والرئتين، ومقام النوى لآلام عرق النسا (آلام العصب الوركي).
إعلان
ولا يستخدم العلاج بالموسيقى لعلاج الاضطرابات النفسية فقط، ويمكن أن يساهم في علاج ارتفاع الضغط ودقات القلب السريعة وآلام القولون وتقرحات المعدة والآلام المزمنة والأرق. وينقسم إلى قسمين: الأول فاعل ويشمل قيام المريض بالمشاركة في عزف الموسيقى أو الغناء، والثاني السلبي الذي يستمع خلاله المريض للموسيقى فقط. ويشير أوزتورك إلى أن تشغيل الموسيقى في المستشفيات لا علاقة له بالعلاج بالموسيقى، لكنه يهدف إلى تهدئة المرضى وتخفيف الضغط على العاملين في القطاع الصحي. يضيف: “يجب تشغيل مقطوعات موسيقية مختلفة لكل قسم، سواء في غرف العمليات أو العيادات أو صالات الانتظار، على أن تُختار هذه المقطوعات الموسيقية بعناية فائقة”.
ويقترح عدداً من المقطوعات مثل السماعيات الكلاسيكية العثمانية والصوفية، سواء على الساز أو الناي، لعدد من الملحنين الأتراك المعروفين، أمثال رفيق فرسان ورفيق طلعت، وساز سماعي الذي ألفه السلطان سليم الثالث على المقام التركي سوزي ديلارا، وغيرها.
وبحسب أوزتورك، لا يوجد في عموم تركيا إلا تسعة متخصصين في مجال العلاج بالموسيقى. ولم يقبل العلاج بالموسيقى كمهنة إلا على نطاق ضيق وحديث. ويقول إن ممارسة العلاج بالموسيقى تحتاج إلى ذخيرة معرفية واسعة وثقافة كبيرة وقدرة على فهم الاضطرابات النفسية والتحولات، واطلاع واسع على الموسيقى. يضيف أنّ العلاج بالموسيقى يساهم في تخفيض استهلاك الأدوية في الاضطرابات النفسية، وتخفيف زيارة الأطباء.
إعلان
العربي الجديد