تعرض صحيفة “الغارديان” البريطانية نسبة النمو السكاني في المجتمع التركي بالمقارنة مع جيرانه الأوروبيين، حيث تعاني دول أوروبا بشكل عام من انخفاض في معدل الولادات أدى إلى ارتفاع نسبة الكهولة في مجتمعاتها، وتشير الصحيفة في تقريرها إلى أثر اللاجئين لا سيما السوريين في النمو السكاني في تركيا التي تعتبر من أكثر الدول الأوروبية استقبالاً للاجئين.
تراجع معدل النمو السكاني إلى أدنى مستوى له منذ الحرب العالمية الأولى
لطالما حثّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان النساء التركيات على إنجاب ما لا يقل عن ثلاثة أطفال حيث أن تركيا تحتاج إلى “أعداد أكبر من السكان كأمة” مشيراً إلى مفاهيم يراها العديد من الناس على إنها قديمة وأبويَة تتعلق بتوقف النمو السكاني في تركيا وتراجع معدل الخصوبة إلى أدنى مستوى له منذ الحرب العالمية الأولى، مع ارتفاع معدل الشيخوخة بين السكان.
مع ذلك فإن تركيا تعتبر ثاني أكبر دولة في أوروبا من حيث عدد السكان بعد ألمانيا، ويبلغ عدد سكان تركيا 79.5 مليون نسمة ولكنها تتمتع بأدنى معدل لمتوسط الأعمار في أوروبا، ويبلغ حالياً في تركيا 31.5 – بعد أن كان 28.8 في عام 2009 حسب بيانات معهد الإحصاء التركي الحكومي.
هذا الانخفاض، بنسبة المواليد، يتسارع في المدن مع ارتفاع في نسب الولادة بين اللاجئين والمجتمعات الريفية مما يبشر بإمكانية إحداث تغييرات كبيرة في التركيبة الديمغرافية للبلاد في العقد المقبل.
ويقول أحد الأطباء للصحيفة إن “الناس في الطبقات العليا من المجتمع في تركيا تنجب ولد أو ولدين. لا ينجبون ثلاثة أو أربعة أولاد” مضيفاً “الناس الذين ينتمون لعوائل كبيرة من حيث عدد الأعضاء يعيشون في طبقات اجتماعية متدنية اقتصاديا”.
التحديات الاقتصادية التي تواجه التغير السكاني
تعاني تركيا من المآزق ذاتها التي تعاني منها دول الجوار من العرب والأوربيين، فمن جهة التزايد السكاني، بدون توسع اقتصادي يخلق المزيد من فرص العمل، يمكن أن يؤدي إلى تضخم في الفئات السكانية الشابة مع ارتفاع في معدلات البطالة والتهميش، وهي المشكلة التي تواجه العديد من دول الشرق الأوسط.
ومن جهة أخرى، فأن الانخفاض غير المنضبط بالتركيبة السكانية سيترك تركيا بمعدلات شيخوخة مرتفعة، وهي المشكلة التي تواجه الدول الأوربية.
ويقول البروفيسور (أحمد إيسدويغو)، عالم اجتماع، “لن تصل تركيا ابدأ إلى الـ 100 مليون نسمة سكانياً” مؤكداً أن “سياسة سكان أكثر لبلد أقوى، هي سياسة تنتمي إلى القرن العشرين، وأنه من المحتمل أن تواجه تركيا نفس المشاكل التي تواجهها الدول الغربية اليوم بعد خمسين عاما”، وأضاف البروفيسور التركي “علاوة على ذلك، إن لم يحصل السكان على تعليم مناسب وإن لم يستوعبهم النظام الاقتصادي، فإننا سنواجه عواقب منها مشاكل الاندماج مع اللاجئين والبطالة وغيرها من المضاعفات”.
اللاجئون السوريون
وبالرغم من أن العديد من عوامل الحد من النمو السكاني في تركيا شائعة في الدول المتقدمة، تتميز تركيا تحديداً، بالعدد الكبير من اللاجئين، حيث تستضيف ما يناهز الـ 3 ميلون نسمة من اللاجئين السوريين، والكثير من هؤلاء سيكون مؤهلا للحصول على الجنسية، ومن المتوقع أن يزداد هذا العدد بشكل كبير حيث شهدت تركيا حوالي 177,000 ولادة لأمهات سوريات بين عامي 2011 و2016.
ويقدر باحثون في معهد (هاستيب) أن حوالي 80,000 ولدوا في 2016 مع 90,000 حالة ولادة أخرى في 2017، ويقول الدكتور (مراد أردوغان)، مدير مركز أبحاث الهجرة والسياسة بجامعة (هاستيب) “هذا يعني أنه من الآن فصاعداً سيولد 100 ألف طفل كل عام، وهذا يعني مليون لاجئ إضافي خلال 10 سنوات” وأضاف أنه إذا استقرت عائلات اللاجئين السوريين بشكل دائم في تركيا، فإنها من الممكن أن تعوض النقص في اليد العاملة في البلاد ولكنها ستؤدي لزيادة تأثير الإسلام في الجمهورية العلمانية التي يبلغ عمرها 100 عام، وأضاف أن “لهذا جوانب عديدة يجب أن تأخذها تركيا بالحسبان بعيداً عن الجانب الإنساني”.
علامة على الحداثة
وتظهر الأرقام أن النمو السكاني في المناطق الريفية يتجاوز كثيرا النمو في المدن إلى حد كبير، وفي حين أن المقاطعات الغربية القريبة من أوروبا، مثل أدرنة، لديها معدلات ولادة منخفض يصل إلى 1.5، فإن مقاطعة شانلي أورفا الجنوبية الشرقية تضم عددا كبيرا من السكان الأكراد بالإضافة إلى نصف مليون لاجئ سوري، ولديها معدل ولادة أعلى بثلاث مرات تقريبا يصل إلى 4.33.
وقال الدكتور (علي انفر كيرت)، طبيب أمراض النساء وخبير في الخصوبة، في ندوة نظمت من قبل بلدية (بيوغلو) في إسطنبول إن عوامل بيئية مثل التلوث، وارتفاع معدل التدخين، وانتشار الأمراض المنقولة جنسيا وعوامل الإجهاد اليومية في المدن الكبيرة هي أحد الأسباب الرئيسية لمشاكل العقم، وقدر أن نحو 15-20٪ من السكان الأتراك يعانون من صعوبات في الإنجاب، وهو رقم طبيعي نسبيا في المجتمعات المتقدمة.
التراجع السكاني، هو علامة على الحداثة التركية، بما فيها ارتفاع معدلات التعليم وتحسين فرص العمل للمرأة، ويضاف إلى ذلك التخوف من الاستقطاب المتزايد في أنحاء البلاد، أما تراجع معدلات الإنجاب، أو عدم الإنجاب إطلاقاً، فيعود إلى العديد من الأسباب منها ارتفاع نسب المعيشة وإعطاء الأولوية للعمل على حساب الإنجاب أو التخوف من تربية الأطفال في بلد يخوض صراعات اجتماعية لا تعد ولا تحصى.
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=37311
محمد الظهريمنذ 7 سنوات
انا عمري 30 مشالله عندي 7طفال