القدس بين قرارات معطلة وأنظمة خائنة … وماذا بعد؟!! .. بقلم محمد عويس

Alaa23 ديسمبر 2017آخر تحديث :
القدس بين قرارات معطلة وأنظمة خائنة … وماذا بعد؟!! .. بقلم محمد عويس

محمد عويس / تركيا بالعربي

تتمة تاريخية

لم تكن بداية تفجير الأزمة الجديدة حول القضية الفلسطينية وليدة اليوم ولكن كانت منذ عام 1995 عندما أقدمت الولايات المتحدة الأمريكية على قرار سمي وقتئذ “بتشريع سفارة القدس” وهو أول قرار يشرّع نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، تجنب خلالها الرؤساء الأمريكيون المتعاقبون (بيل كلينتون- جورج بوش الابن-بارك أوباما) تطبيق هذا القرار ليأتي هذا الأخير بلمساته الترامبية لينفيذ وعده الإنتخابي ويطبق هذا القرار ليصطدم به مع فئات مختلفة من المجتمع الدولي.
ولعل أبرز ما سجله التاريخ للقضية الفلسطينية هي خيانة ونفاق الأنظمة العربية لقضية الأمة الإسلامية الأولى ولم يزل.

إذ لو كانت عند تلك الأنظمة العربية مثقال ذرة من صدق في تحرير الأراضي الفلسطينية المحتلة لتحررت من زمن بعيد، لكن الإحتلال لم يحتل أرض فلسطين فحسب، بل احتل عقولهم وأفكارهم ووصل به الحال إلى أن أصبح يحرك تلك الأنظمة ويوجهها كيفما شاء حيثما شاء متى شاء !.

إعلان

فقرة قانونية

المادة 37 من الباب السادس من ميثاق الأمم المتحدة تتحدث عن حالة وضع النزاع ما قبل عرضه على المجلس إذا أخفقت أطراف النزاع في حله عن طريق المفاوضة والتحقيق والوساطة والتوفيق والتحكيم والتسوية القضائية،أو بأن يلجأوا إلى الوكالات والتنظيمات الإقليمية أو غيرها من الوسائل السلمية كما ورد في البند 33 وفي هذه الحالة وجب عرضه على مجلس الأمن بعدها.

أما المادة 27 من الباب الخامس الفقرة 3 تنص على أن تصدر قرارات مجلس الأمن في المسائل الأخرى كافة بموافقة أصوات تسعة من أعضائه يكون من بينها أصوات الأعضاء الدائمين متفقة، بشرط أنه في القرارات المتخذة تطبيقاً لأحكام الفصل السادس والفقرة 3 من المادة 52 يمتنع من كان طرفاً في النزاع عن التصويت.

إعلان

وفي البند السابق اشترطت المادة 27 إعمال أحكام الفقرة 3 من المادة 52 من الباب الثامن وهى: إذا كانت أحدى دول الفيتو طرفاً في النزاع وتم ذكرها في صياغة المشروع عند تقديمة لمجلس الأمن عندها لا يحق لها التصويت، تقييدا بمبدأ الفقرة 3 من المادة من المادة المشار إليها،وتعني بذلك إعادة الحالة إلى مربع الحل السلمي مرة أخرى.

كما جاءت المادة 53 فقرة 1 من الباب الثامن، لتفسر لنا ما ورد في المادة 52 التي تنص على استخدام الوكالات أو المنظمات الاقليمة لايجاد حل للنزاع بقولها “يستخدم مجلس الأمن تلك التنظيمات والوكالات الإقليمية في أعمال القمع، كلما رأى ذلك ملائماً ويكون عملها حينئذ تحت مراقبته وإشرافه.

إعلان

والخلاصة: أن الدولة التي تكون طرفا في النزاع لا يحق لها التصويت وإن كانت من دول الفيتو، ومجلس الأمن يحق له استخدام المنظمات أو الوكالات الإقليمة لحل هذا النزاع المطروح عليه بوسائل مختلفة حسب الصلاحيات المخولها إليها، وتتمثل صلاحيات تلك المنظمات الاقليمية في الحل السلمي أو القمعي تحت إشراف ومراقبة المجلس حصراً ولايجوز لها غير ذلك.

وفي هذا الصدد إن ما قام به النظام الإنقلابي المصري للقضية الفلسطينية وكبقية الأنظمة العربية الأخرى، من شجب واستنكار او أي إجراء شكلي للقضية، ماهو إلا نوع من أنواع النفاق والخيانة وخداع الشعوب.

ونظرا لعضوية مصر العضو العربي الوحيد في مجلس الأمن خلال الدورة الحالية الأمر الذي أجبرها بأن تقدم “مشروع ” أجوف لاقيمة له لمجلس الأمن،كان من شأنه أن يحسم الأمر من الجولة الأولى في المجلس دون الذهاب مرة أخرى إلى الامم المتحدة، إذا ذُكر في صياغته اسم الولايات المتحدة او ترامب كطرف في النزاع،الأمر الذي أعطى فرصة للأخيرة الحق في استخدام “الفيتو” في التصويت،كما ورد في البند السابع والعشرين من ميثاق الامم المتحددة، لكن الأمر مبيت بليل.

فشل الأمم المتحدة في تنفيذ قراراتها

-السؤال الأول: لماذا تفشل الأمم المتحدة في تنفيذ قراراتها أو في حل مشاكل العالم ؟

تساؤولاً كان مطروحاً منذ فترة وبالتحديد في عام 2014 في مقال لصحيفة النيويورك تايمز الأمريكية والذي تملص من الإجابة عليه الكثيرون من الساسة بطريقة دبلوماسية مغايرة للحقائق لكن الجميع يعلم الاجابة والأسباب الداعية لذلك.

والاجابة المعروفة لدى الجميع هي: أن هذا الكيان العقيم المسمى بالأمم المتحدة وميثاقه إنما صُنع لأجل ارضاء الـ” خمسة” أعضاء الذين لهم حق الاعتراض”الفيتو” ولا ننسى بالتبعية العضو السادس الغائب الحاضر دولة “الاحتلال الصهيوني”.

لقد صُنع هذا الفيتو ليعطل الكثير من القرارات التي قد تعتبر قريبة من الانصاف حول الكثير من القضايا العالقة في الشرق الأوسط وخاصة القضية الفلسطينة وغيرها من القضايا.

هذا وقد تم الرفض في الجمعية العامة للأمم المتحدة للقرار الأمريكي القاضي بنقل السفارة الأمريكية لتل أبيب من قبل 128 عضوا مقابل 9 دول فقط من ضمنها ثمانية دول مجهرية مؤيد له ، و38 ممتنعين عن التصويت.

والجدير بالذكر أن 22 دولة من حلف شمال الاطلسي “الناتو” بقيادة الولايات المتحدة من أصل 29 صوتا ضد قرار ترامب وامتناع الباقون عن التصويت لهو محل اعتبار.
الجميع الأن يتغني بالانتصار الدبلوماسي الذي تحقق من خلال رفض القرار الأمريكي بأغلبية الأعضاء في الجمعية العامة،لكن ماذا بعد …؟!!

لا أقلل من شأن التصويت ضد امريكا صالح القدس،لكن ما أعنيه هنا هو الوقوف على النتائج والخطوات الاجرائية ما بعد هذا التصويت لصالح القضية الفلسطينة، ومقارنته بما سبقه من قرارات أممية تخص فلسطين المحتلة والتي لم يتم تفعيلها حتى الأن.

فهل سيكون هذا التصويت وهذا القرار كمثل من سبقه من قرارات التي لم ترى النور بعد وهي حتى الان معطلة ؟

إعلان

-السؤال الثاني: من يضمن تنفيذ قرارت الجمعية العامة للأمم المتحدة ؟!!

إعلان

إعلان

أو بصيغة أخرى من يضمن تنفيذ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المتعلق برفض القرار الأمريكي أحادي الجانب بإعلان القدس عاصمة مزعومة لدولة الاحتلال الصهيوني ؟

إعلان

عندما أرى هذا العبث الذي يحدث استرجع بذاكرتي المقولة التي ذكرها السيد أردوغان في احدى خطبه عندما قال” أن العالم أكبر من خمسة” ليعلم الجميع أن ما صنعوه لا يخدم إلا مصالحهم الخاصة وفقط، أما ما عاداها من مصالح الشعوب الأخرى فلا.

للعلم ولاتذكير أن قرارات الأمم المتحدة لا تنفذ إلا على الضعفاء وفقط ،أما من يمتلك إرادته فلا، فدولة الاحتلال الإسرائيلي لم تنفذ أي قرار للأمم المتحدة حتى الآن ،بل على العكس من ذلك تستمر في كل ما يناهض هذه القرارات الأممية تحت سمع وبصرالجميع ،الأمر الذي دعها بأن تختار الوقت المناسب وبقدر من المسؤولية وتحمل التبعات وبالاتفاق مع الولايات المتحدة الامريكيه وبإعاز منها في أن تجعل الأخيرة تعلن نقل السفارة إلى العاصمة المزعومة ” القدس” الان دون خجل أو خوف من أحد.

فعلى سبيل المثال فإن الكثير من القرارات الأممية الخاصة بالقضية الفلسطينية وأحقية الشعب الفلسطيني في استعادة وطنه المحتل لم تنفذ حتى الآن، بل وعلى العكس من ذلك تماماً يتم تنفيذ كل ما هو ضد هذه القرارات، فمن ضمنها القرارات الخاصة بحق العودة للشعب الفلسطيني وتعويضه،وكذلك الخاصة بوقف الاستيطان ورجوع الحق لأهله….إلخ كل هذا واكثرً.

بيد أن الأمم المتحدة وبهذا الوصف العقيم والذي أثبت التاريخ والمواقف أن ما يصدر منها لصالح قضايا الشعوب المقهورة أو ما يخص الأمة الاسلامية وفي القلب منها القضية الفلسطينية هو مجرد حبر على ورق ، وليس لديها أدنى مصدقية لتنفيذ تلك القرارات على أرض الواقع.

إعلان

خريطة الأمن القومي الأمريكي الجديدة

لقد وعد ترامب بأن العالم سيكون مختلفاً عقب انتخابه رئيسا للولايات المتحدة ،ولا ننكر للرجل قراراته الحاسمة لبعض القضايا التي كانت مؤجلة،وعلى رأسها البدأ في تنفيذ خطة ابتلاع دولة فلسطين من جملة تلك القضايا والخطط المؤجلة.

إن ما يحدث الآن على الساحة الإقليمة للقضية الفلسطينية لهو جزء من الخطة المراد تنفيذها لإبتلاع دولة فلسطين كلها وليست القدس وفقط ولعل ما يروج له الان بما يسمى بـ”خطة القرن” لهو أدعى دليل على ذلك.

عدو عدوي حبيبي

وإذا ما قدمنا افتراض حسن النية وسلّمنا بأن المملكة السعودية ومن معها من دول الخليج في هذا التوقيت في تعاملها مع الكيان الصهيوني من منطلق “عدو عدوي حبيبي” والتطبيع مع الكيان الإسرائيلي ما هو إلا لدفع ضرر الخطر الإيراني في المنطقة العربية في الوقت الحالي، لقلنا أن اللعب بهذه الطريقة ” سذاجة مفرطة” وافتقار إلى الذكاء والحكمة والحُنْكة.

وعلى افتراض نفس المبدأ فإن السعودية تتعامل مع إيران على أنها العدو الأول لها وفي ركابها بعض الجماعات الاسلامية الأخرى المناهضة لسياساتها في المنطقة وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين ،أما الكيان الصهيوني فهو مؤجل لوقت غير معلوم.

ولا عجب ولا ريب في أن إيران هي الأخرى تتعامل بنفس المبدأ وبنفس المعادلة مع السعودية على أن الأخيرة هي العدو الأول لها وان معاداة الكيان الصهيوني مؤجلة الى وقت غير معلوم.

سياسة العصا والجزرة

فالولايات المتحدة أدركت تلك السذاجة العربية وأدركت أيضاً أحلام وطموحات المحمدين “العرّاب والجامح” في الاستيلاء على الملك، فجعلت من إيران “فزّاعة” للملكة السعودية، الأمر الذي دعا الأخيرة إلى الهرولة ثم الإسراع إلى تقديم تنازلات لا حصر لها للولايات المتحدة والكيان الصهيوني على حساب الشعوب العربية والقضية الفلسطينة بل والأمة الاسلامية جمعاء.

ما يعني أنها وبكل بساطة قد أعطت لإيران فرصة “ماسية” بأن تظهر أمام الشعوب المسلمة بمظهر برّاق ولامع لا تستحقه، وأيضا تظهر على أنها جزء من الأمة الاسلامية وتعاني ما تعانيه، كي تمحو بذلك آثار جرائمها في المنطقة.

ما هو الحل ؟

الحل الحقيقي برأيي يكمن في مبدأ “خلّو بيننا وبينهم” مع أنه صعب التحقيق ،نظرا لوجود الكثير من المعوقات والعراقيل،واعني بذلك :

-أن تتوقف الأنظمة الحاكمة المتواطئة -وهي جزء أصيل من الأزمة على مر تايخها- عن محاربة كل ما من شأنه أن يحقق إنهاء الإحتلال وترك الشعوب العربية والإسلامية ودعم المقاومة الفلسطينة لتقرر الأخيرة مصير القدس والأقصى وكل فلسطين.

-إقدام بعض الدول الحريصة على مقدساتها كـتركيا وقطر والمغرب والسوادن وباكستان وإندونيسيا وماليزيا …إلخ ، على خلق نوع من التفاهم والتعاون المشترك تحت مظلة العمل المشترك للدفاع عن المقدسات الأسلامية.

تنويه: مقالات الرأي لا تعبر بالضرورة عن رأي تركيا بالعربي وإنما فقط نتيح مساحة للكُتّاب.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.