تختلف ظروف اللاجئين السوريين ممن هجرتهم الظروف التي تمر بها بلدهم منذ عام 2011 بفعل الحرب التي يشنها بشار الأسد على الشعب السوري، في مخيمات النزوح عن ظروف حياة اللاجئين في دول الجوار وخاصة تركيا الجارة التي تستضيف أكبر عدد من اللاجئين السوريين ويقدر عددهم بمليونين و750 ألف يتوزعون على مختلف الولايات التركية.
ويتمتع السوريون في الأراضي التركية بمنح وامتيازات تفوق تلك التي يتمتع بها أقرانهم في دول الجوار من حيث دراسة الأطفال ابتداء من الابتدائية وحتى المرحلة الثانوية، والتسهيلات التي ينالها طلاب الجامعات، إضافة إلى الطبابة المجانية، فضلا عن الحظ الذي حالف 7 آلاف لاجئ سوري منحتهم السلطات التركية الجنسية بشكل استثنائي ضمن خطة لتجنيس سوريين من ذوي الكفاءات العلمية والمهنية، فيما ينتظر الآلاف أيضا ممن سجلوا أسماءهم وأبدوا رغبتهم في الحصول على الجنسية.
أسماء العطار طالبة جامعية رأت في تركيا «الوطن البديل» حيث قالت لـ»القدس العربي»: «تجربتي كشابة للعيش في تركيا أستطيع ان أصفها بالوطن البديل، وذلك بعد ما زرت مع أخوتي عدة دول عربية في محاولة منا للاستقرار فيها، لكني لم أجد نفسي هناك، فعقبات متابعة الدراسة كثيرة كما باقي المضايقات على جميع صعد وسبل الحياة بينما كان الحال في تركيا أكثر سهولة».
وأضافت، رغم وجود عائق اللغة، إلا أنني استطعت ان أتعلمها وبدأت دراستي الجامعية بعد ان أخرتني ظروف الحرب 3 سنوات عن موكب التعليم. بيد ان التغيرات الطارئة على حياتنا كلاجئين غير مستقرين، قد تقلب الموازين. وبالنسبة لي كان دخول والدي إلى تركيا هو الطارئ، فاتجهت الأنظار نحو حياة أكثر أمانا من الناحية المادية، تتلخص في أوروبا، حيث أنني هناك أستطيع أيضا متابعة تعليمي.
وتابعت أسماء التي تدرس الكيمياء في جامعة غازي عينتاب قائلة: ان الفارق بين تركيا وأوروبا هو أني لن أضطر إلى ترك الجامعة بحثا عن عمل تقتات منه أسرتي، واتفادى بذلك ان يهدد والدي بعد ان اجتاز الخامسة والستين من العمر بالعمل وهي الصعوبة الأكبر التي يواجهها السوريون في تركيا.
ورأت ان في قرارها عبور البحر إلى أوروبا معاناة جديدة وحيرة من نوع آخر، وسيضعها هذا الأمر أمام خيارين أحلاهما مر، فإما الحفاظ على الجامعة والحرص على العمل مع الدراسة، أو خوض البحر، الأمر الذي وصفته بـ «القرار الأصعب خاصة بسبب طرق التهريب والمتاجرة بالبشر، والتكاليف الباهظة إضافة إلى أني بذلك سأكون قد تخليت عن حلمي في اكمال جامعتي».
صعوبة العمل
سليم شوقي موظف سوري في مدينة انطاكيا التركية قال لـ «القدس العربي» عن تحديات الحياة في تركيا وقارن بين الامتيازات وصعوبة العمل «بالنسبة للعمل في تركيا هناك صعوبة بالغة جدا في الحصول على فرصة عمل لدى شركات أو معامل تركية، والعامل السوري لا يحظى بالتأمين الصحي في حال تعرض للإصابة المعروفة هنا بـ»السيغورتا». معظم السوريين النازحين في تركيا حاملين لهوية الحماية المؤقتة الـ «كملك» ولها فوائد منها العلاج في مشافي الدولة التركية والسماح بالتنقل بين المحافظات ولا تخول صاحبها العمل لكن حاجة السوريين إلى العيش تضطرهم للقبول بأي عرض دون النظر إلى القوانين، هناك فئة أخرى ونسبتها قليلة جدا من السوريين حيث يمتلكون إقامة عمل وتجدد بشكل سنوي تخول صاحبها العمل في منظمات المجتمع المدني وباقي الشركات التركية وهم المستفيدون الأكثر من القوانين التي تعطيهم بموجب الإقامة تأمينا صحيا شاملا وتكفل لهم حق التنقل دون عائق إلى خارج الأراضي التركية ثم العودة إليها.
تطفو بين الحين والآخر لغة الكراهية والعداء والتمييز العنصري ضد السوريين، وخاصة في المناطق التي ترتفع فيها نسبة الاجئين، ويعود السبب في ذلك إلى مجموعة من الشائعات التي تنتشر بين الأتراك وأهمها، أن كثيراً من الأتراك عاطلون عن العمل بسبب السوريين، وأن السوريين حوّلوا الأماكن العامة إلى أماكن غير آمنة، وأن الحكومة والبلديات تعطيهم رواتب شهرية، وأن تكاليف «طفل الأنبوب» للسوريين تتكفل بها مؤسسة الضمان الاجتماعي، وأن الملتحقين منهم بالجامعات التركية لا يخضعون لامتحانات القبول، وأن الجنسية التركية ستمنح لكل اللاجئين، فضلا عن أياد خفية تحرض ضد السوريين وتثير الفتن، وتألب مناهضي الحكومة التركية على سياستها تجاه اللاجئين. فيما وقع صحافيون ومنظمات مدنية تركية، بيانا مشتركا وقعه 151 صحافيًا، إضافة إلى ممثلي عدد من المنظمات المدنية، ومؤسسات إعلامية، طالبوا خلاله فتح تحقيق قضائي بحق رؤساء التحرير والصحافيين والكتّاب والمراسلين الذين يستخدمون لغة التمييز العنصري والكراهية، ودعى البيان جمعية الصحافيين إلى اتخاذ التدابير اللازمة بحق الذين ينجزون أخبارا تحريضية ضدّ اللاجئين.
وقال الصحافي السوري صهيب العبد الله وهو من سكان بلدة الريحانية جنوب تركيا حول التحريض ضد اللاجئين السوريين «الحياة في تركيا جيدة من حيث الأمان والتدريس والطبابة، فمن يجد عملا جيدا يؤمن من خلاله نفقات الأسرة والعيش الكريم أتوقع ان يفضل البقاء هنا، لكن إثارة الفتن والغلاء أكثر عاملين يؤرقان السوريين هنا، فعقب كل تفجير في المنطقة يليه هجوم على السوريين وتكسير محالهم وأحيانا ضربهم وطردهم من العمل، ناهيك عن الاستفتاءات التي يتم طرحها بشكل مستمر من قبل جهات عن رأي المواطنين الاتراك بطرد السوريين من الأراضي التركية، الأمر الذي يجعل التفكير في العودة إلى الأراضي الآمنة المستحدثة على الحدود السورية التركية مثل مدينتي الباب وعزاز أمرا مفضلا، وربما لن أتأخر في ذلك.
الهروب من الوطن
ويحاول مئات السوريين يوميا الهرب من سوريا التي حولها بشار الاسد إلى جحيم على الشعب، وبالرغم من الصعوبات البالغة التي تواجه الداخلين إلى الأراضي التركية عبر الطرق غير النظامية إلا ان ذلك يبقى أرحم للسواد الأعظم منهم من البقاء في الداخل حيث يروي فادي صيرفي تجربته لـ»القدس العربي» فيقول: بالنسبة للصعوبات كانت مرحلة دخولي لتركيا الشهر الفائت أصعب مرحلة، بسبب التشديد الكبير من قبل الجندرما ومع ذلك حاولت قطع الحدود 9 مرات تقريبا.
وأضاف «المرة الأولى في محاولة الدخول كانت الأصعب، حيث قطعنا طريقا يبدأ من بلدة دركوش في ريف ادلب، ثم واجهنا إطلاق نار كثيف وبقينا حوالي 8 ساعات بدون ماء للشرب أو للاستخدام، ننتظر المرحلة الثانية من الطريق عبر مهرب جديد يأخدنا، وما ان حان دور المهرب حتى مشينا مسافة ساعة وعاود إطلاق نار بكل أنواع الأسلحة (قناصات ورشاشات) من قبل كل من جبهة النصرة والجندرما التركية على حد سواء، وبالرغم من ذلك تفادينا الرصاص بالهرب ثم بمعاودة المحاولة والفوز بالدخول إلى الأراضي التركية عبر مهرب تركي.
أكثر ما أذهل الصرفي هو الطيران المدني الداخلي حيث قال: «كنا عندما نسمع صوت الطائرة في سوريا ننزل أهالينا إلى الملاجئ، أما في تركيا فالطيران هو أحد وسائل النقل والسفر لربما للعمل أو الترفيه وليس للقتل كما في بلدي، لذلك فإن تركيا هي الحياة الجديدة والأمان بدون حرب وقصف وقنص، بدون خوف وحصار. كلما أنام أتخيل نفسي قبل شهر فقط، عندما كنت أنام جائعا من حصار لا يرحم، خائفا على أطفالي وأسرتي، لا مجال للمقارنة بين تركيا وسوريا، فأنا هنا أنام مطمئنا من أنني لن استيقظ على صوت صاروخ أو قذيفة».
وانتهى بالقول «تركيا فيها كهرباء على مدار الساعة بدون انقطاع بدون بطارية أو ألواح طاقة شمسية أو اشتراك مولدات، فيها مياه ولا داعي للطرق البدائية مثل ما كنا نعاني منها، ولكن رغم كل شيء الشام تبقى هي الأحلى».
وفي الوقت الذي يواجه فيه اللاجئون تحديات عديدة، من إتقان اللغة التركية ودخول سوق العمل، والاعتياد على الحياة الجديدة، تمكن كثيرون من بدء حياتهم بالفعل، وباتت لديهم أعمالهم ومشاريعهم، حيث عمل السوريون في كثير من المهن والمحلات التركية التي يحرص أصحابها على وجودهم كميزة للتفاهم مع الزبون العربي، ويعمل آخرون في مصالح تجارية خاصة بهم كالمطاعم وصالونات الحلاقة ومراكز الاتصالات وشركات الخدمات السياحية والعقارية، فيما يتابع الطلاب تعليمهم في المدارس والجامعات التركية.
ويتوزع السوريون في مختلف أنحاء تركيا، وتتصدر مدينة إسطنبول غربا قائمة المدن المستضفية لهم، حيث يبلغ عددهم فيها 484 ألفًا و810 سوريين من أصل 3 ملايين، حسب معلومات من مسؤولين في إدارة الكوارث والطوارئ التركية، ووفقا لتقرير المفوضية العليا للاجئين، فإن عدد كبيرا من السوريين (أكثر من 385 ألفا) يقيمون في ولاية هاتاي في الجنوب، في حين يقيم 325 ألفا آخرين في غازي عنتاب جنوب شرقي تركيا.
القدس العربي
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=26241
Khaledمنذ 7 سنوات
ادامكم وادام الله دياركم عامرة اخوتنا الاتراك
اللهم احفظ بلاد المسلمين والمسلمين
كرممنذ 7 سنوات
هناك شخص سلم الكملك على المعبر من دون اجازة العيد(يعني روحة بلا رجعة) وهلا رجع بحثنا عن رقمو على موقع افاد طلع محول 99ونفس الاسم ؟يعني يقدر يسحبو ولا عليه اشار ؟ماالحل مشكورين