كشفت هيئة التنظيم والرقابة المصرفية في تركيا أنها فتحت تحقيقا بشأن شكاوى ضد بنك أميركي كبير نشر تقريرًا مضللًا أضرّ بسمعة البنوك التركية وأحدث تقلبا في أسواق المال خلال الأيام الأخيرة، وأنه سيتم اتخاذ “الإجراءات الإدارية والقضائية” اللازمة.
وتعهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يوم الأحد، بحماية الليرة التركية ومعاقبة من يستهدفونها عبر المضاربات. وقال: “نعلم من أنتم جميعا، وما تقومون به عشية الانتخابات، ولتعلموا أننا سنجعلكم تدفعون ثمن هذا باهظا بعد الانتخابات”.
وبينما يطوف أردوغان بين الولايات التركية لحث شعبه على التصويت لحزبه في الانتخابات المحلية، اصطدم بتقرير لبنك الاستثمار الأميركي “جي.بي مورغان” تسبب في تراجع الليرة لأكثر من 4% وانخفاض حاد للبورصة التركية.
وجاء تقرير البنك الأميركي في الوقت الذي يطبق فيه حزب العدالة والتنمية إجراءات تحفيز تستهدف الناخبين الفقراء عبر رفع الحد الأدنى للأجور، وخفض بعض الضرائب على الواردات، وإعادة هيكلة ديون بطاقات الائتمان، وفتح أسواق خاصة لبيع الخضار بثمن معقول في ظل الغلاء.
رئيس التحرير في وكالة الأناضول التابعة للحكومة التركية محمد أوزتورك، قال “إن تركيا فتحت تحقيقا جديا ستكون له تداعيات وانعكاسات محلية ودولية، لكون تقرير البنك الأميركي نشر معلومات مضللة بقصد التأثير على توجهات الناخبين الأتراك في الانتخابات”.
وأضاف أوزتورك، في حديث لشبكة الجزيرة القطرية، أن تقرير البنك الأميركي أثر سلبا على العملة والاقتصاد التركيين اللذين ستستمر معاناتهما حتى انتهاء الانتخابات.
ولفت إلى أن الاقتصاد التركي يواجه تحديات سياسية أكثر من كونها أزمة اقتصادية، مشيرا إلى استهدافه العام الماضي بعقوبات أميركية وتخفيض التصنيف الائتماني ومحاولات ضرب الليرة.
وتوقع أوزتورك أن يؤثر تفاقم المشكلة الاقتصادية بفعل تقرير البنك الأميركي الأخير على أصوات الناخبين الأتراك، وبالتالي تقليل فرص فوز التحالف الحاكم بأكبر عدد ممكن من البلديات.
وأكد أن الجهات المعنية في الحكومة التركية اتخذت التدابير الرسمية لمواجهة الانخفاض الحاد الذي حدث لليرة، حيث علق البنك المركزي الإقراض بسعر الفائدة البالغ 24%، كما علق مزادات الريبو (سعر إعادة الشراء) لمدة أسبوع، وهي خطوة من شأنها تشديد السياسة المالية للضغط على سيولة السوق ودعم الليرة.
وأظهرت بيانات صادرة عن معهد الإحصاء التركي في وقت سابق من مارس/آذار الجاري، أن الاقتصاد نما بنسبة 2.6% في العام 2018 بأكمله، ومع ذلك فإنه يعد أضعف أداء منذ العام 2009.
وقال الصحفي الاقتصادي في صحيفة “ديلي صباح” المقربة من الحكومة التركية أحمد أبو الطرابيش، إن معدي تقرير بنك “جي.بي مورغان” بنوا توقعاتهم على أداء الليرة في الأسواق المحلية والعالمية، إضافة إلى الأزمات السياسية المحيطة بتركيا، بدءا من علاقتها المتوترة بواشنطن بسبب صفقة منظومة “أس-400” الروسية واعتراف ترامب بالسيادة الإسرائيلية على الجولان، وليس انتهاء بالتدخل التركي في الحرب السورية.
وأضاف أبو الطرابيش “أنه لا يمكن القطع بأن البنك الأميركي أراد الإضرار بسمعة الحزب الحاكم التركي قبيل الانتخابات المحلية والتأثير على الناخبين الأتراك من خلال إصدار هذا التقرير، لكن من الصعب إسقاط فرضية أن التقرير جاء بنية بيضاء ولم يستهدف إثارة القلق بشأن الاستثمار في السوق التركي، خاصة أن البنك متهم باستعمالها عديد المرات، مثل دوره في عدم استقرار سوق النفط العالمية في الأعوام الماضية عبر تقاريره التحليلية لها.
وتزامن تقرير “جي.بي مورغان” مع تقرير لوكالة التصنيف الائتماني العالمية “فيتش” التي تتخذ من نيويورك مقرا رئيسيا لها، توقعت خلاله أن ينكمش اقتصاد تركيا هذا العام. كما توقعت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن ينكمش الاقتصاد التركي بنسبة قد تصل إلى 1.8% هذا العام.
وجاء تقريرا “جي.بي مورغان” و”فيتش” بعد يوم واحد من تأكيد وزير الخزانة والمالية التركي براءت ألبيراق أن بلاده والعالم يمران بمرحلة تاريخية من الناحية الاقتصادية، مشددا على أن قوة اقتصاد تركيا وأداءه يواصلان إزعاج بعض الأطراف.
في غضون ذلك، لفت أبو الطرابيش إلى أن قرار التحقيق مع بنك “جي.بي مورغان” الذي اتخذته السلطات التركية قرار خطير جدا، وهو خطوة قد تنطوي على خطر ردع تدفقات رأس المال الأجنبي التي كانت -وما زالت- ضرورية لاقتصاد البلاد.
وبيّن أنه لو توقفت البنوك الاستثمارية عن تقديم الدراسات والنصائح الاستثمارية الضرورية حول الاقتصاد التركي لما أقبل أصحاب الأموال على الاستثمار، لأنه إذا لم يكن لديك معلومات، فمن الصعب اتخاذ قرارات استثمارية.
ولتفادي هذه المخاطر، ذكر أبو الطرابيش أن أنقرة مطالبة أولا بضبط تصريحات مسؤوليها التي دائما ما تأتي مهددة ومحذرة من “المؤامرات” التي تحاك ضدها، ومن ثم اتخاذ قرارات من شأنها تهدئة المناخ المالي والاستثماري في البلاد.
وأوضح أنه يجب على البنك المركزي إما توفير التمويل من خلال سعر فائدة بحدود 25.5%، أو من خلال نافذة السيولة المتأخرة المحددة بنسبة 27%.
وسبق أن وجه أردوغان اتهامات متكررة إلى مؤسسات التصنيف الائتماني العالمية بالتضليل، وقال في كلمة ألقاها سابقا في منتدى الأعمال التركي القرغيزي إن الغاية من التلاعب بأسعار صرف العملات الأجنبية هي إثارة الشكوك حول الاقتصاد التركي القوي، مؤكدا أن مؤسسات التصنيف الائتماني العالمي مسيّسة ولا تتحلى بالصدق.
المصدر: ترك برس
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=93755