وإن لم يصدر قرار رسمي حتى الآن يطمئن أكثر من عشرة آلاف مدرس سوري في تركيا، لكن يبدو أن مصيرهم في تركيا بات معروفاً، ويرجح بقاؤهم حتى عام 2022 بعد تأمين التمويل من “يونيسف”، والانتقال إلى المدارس التركية
ما من إجابة واضحة أو قرار حاسم حول مصير المدرسين السوريين في تركيا، خصوصاً بعد تقليص عدد المدارس السورية (مراكز تعليمية مؤقتة)، استعداداً لإلغائها مطلع العام المقبل، ودمج جميع التلاميذ السوريين (أكثر من 87 ألفاً) في المدارس التركية.
مطلع العام الدراسي الحالي، انتشر خبر نَسَبَه مدرّسون لمديرية تربية أضنة، يشير إلى تمديد عقود المدرسين السوريين حتى منتصف عام 2022، ورفع أجورهم أسوة بالأتراك، وإنْ بالحد الأدنى للأجور. في هذا الإطار، يقول المدرّس السوري أحمد جميل نبهان، وهو أحد الشهود على اجتماع “مديرية تربية أضنة”، لـ”العربي الجديد”: “بالفعل، عقدت مديرية التربية التركية في ولاية أضنة، جنوب تركيا، اجتماعاً مع المدراء الأتراك، بشأن المدارس السورية المؤقتة، نتجت عنه قرارات عدة تخص المدرسين السوريين في تركيا، وقد بدأ تنفيذها هذا العام، أبرزها عدم وجود أي قرارات فصل بحق المدرسين السوريين حتى عام 2022”.
ويؤكّد المدرّس السوري أن الاجتماع الرسمي التركي الذي حضره معاونا مدير التربية التركي توران أقنبار وعمر أوفلاز، إضافة إلى مدراء مدارس أضنة، خلص إلى أنه “ما من فصل للمدرّسين السوريين حتى نهاية عقد يونيسف”، موضحاً أن عقد المنظمة يجدّد كل عام، وينتهي العقد الأساسي في 31 يونيو/ حزيران المقبل، ويجدّد لمدة ثلاث سنوات حتّى تاريخ 31 يونيو عام 2022.
وحول تمديد العقد ثلاث سنوات، يقول نبهان: “حصل التجديد بناءً على تصريحات الحكومة التركية والاتحاد الأوروبي وتوفّر المال لمدة ثلاث سنوات. وجاءنا قبل أيام، بعد توفر التمويل، تعميم بضرورة البحث عن أي متسرب سوري وإحضاره إلى المدارس. ولولا توفر التمويل، لما دمجوا مدرسين سوريين في المدارس التركية، أو أخضعوهم لدورات تأهيلية (ثلاث دورات) قد تؤهلهم للاستمرار في المدارس التركية بعد إغلاق المدارس المؤقتة، واعتماد المدرسين السوريين لتدريس اللغة العربية والتربية الإسلامية في مدارس الإمام الخطيب وبقية المدارس التركية التي تدرس اللغة العربية والتربية الإسلامية”.
وكثرت الأسئلة بعدما أصدرت وزارة التعليم التركية منذ يوليو/ تموز عام 2017، قراراً إلزامياً يقضي بدمج التلاميذ السوريين في الصفين الخامس والتاسع في المدارس التركية. وأكدت أنّ جميع التلاميذ السوريين في تركيا سيندمجون في المدارس التركية بحلول العام الدراسي 2018 ــ 2019، وهذا ما يحصل اليوم.
وتشهد مراكز التعليم المؤقتة في تركيا، أي المدارس السورية، تقليصاً مستمراً سعياً إلى إنهاء هذه التجربة تماماً مطلع العام المقبل. وبحسب آخر تصريح لمدير التعليم في مدينة إسطنبول ليفينت يازجي، فإنّ عدد المراكز التعليمية المؤقتة في إسطنبول انخفض إلى 16 مركزاً هذا العام، بعدما كان العام الماضي 55 مركزاً، مؤكداً أنّ اندماج التلاميذ السوريين مع الأتراك يشهد تطوراً ملحوظاً، تزامناً مع نقل مدرسين سوريين من المدارس المؤقتة إلى المدارس الحكومية التركية.
يضيف يازجي أنّه سيتم إغلاق كل المراكز المؤقتة بحلول العام الدراسي المقبل 2019 – 2020، موضحاً أنّ عدد التلاميذ السوريين في المدارس الحكومية في تركيا يبلغ 78 ألفاً و357 تلميذاً في الوقت الحالي، في مقابل 8 آلاف و797 تلميذاً في مراكز التعليم المؤقتة.
وحول المدرّسين السوريين، تقول العاملة في مديرية تربية الفاتح في إسطنبول ليلي شيخ أحمد، لـ”العربي الجديد”: “كلّف العديد من المدرسين السوريين بتدريس اللغة العربية والإنكليزية والقرآن في المدارس التركية الحكومية، لنحو 21 ساعة أسبوعياً”. تضيف أن الذين سيعملون في مديريات التربية ومراكز التعليم الشعبي ومراكز التعليم المهني ومراكز الإرشاد والبحوث، سيتولون الترجمة والمساعدة في التسجيل، وإجراء مسح ميداني للبحث عن الأطفال المتسربين من المدارس، إضافة إلى تحديد الأطفال الذين هم في حاجة إلى عناية خاصة، أو الأطفال الموهوبين، سواء أكانوا سوريّين أم من جنسيات أخرى، وتوجيههم إلى مراكز خاصة.
من جهته، ينفي المدرس السوري أحمد طلب الناصر، في حديث لـ”العربي الجديد”، وجود أي قرار رسمي من وزارة التربية التركية يؤكد تمديد عقود المدرسين السوريين، مضيفاً أن المدرسين المفروزين في المدارس التركية الرسمية مهمتهم العمل على تحقيق التوافق داخل المدرسة بين التلاميذ السوريين أو الأجانب، والتأكد من استمراريتهم في المدرسة ومتابعة أوضاعهم. يضيف أنه يدرس في مدارس الإمام الخطيب التركية مادتي اللغة العربية والتربية الإسلامية.
بدورها، تقول المدرسة في مدرسة يافووز سليم في إسطنبول، منار عبود: “تمّ تأكيد تمديد عقودنا لمدة ثلاث سنوات، وزيادة رواتب المدرسين السوريين لتصل إلى الحد الأدنى للأجور في تركيا، أي 2020 ليرة تركية (نحو 380 دولاراً)، علماً أن رواتب المتطوعين الأتراك تصل إلى نحو 5300 ليرة تركية (ألف دولار)، ويحصلون عليه من منح الاتحاد الأوروبي.
وحول طبيعة عمل المدرسين السوريين في المدارس التركية، تضيف عبود لـ”العربي الجديد”: “التدريس يشمل اللغة العربية والإنكليزية والتربية الإسلامية، والإرشاد النفسي والتنسيق بين أولياء أمور التلاميذ وإدارة المدارس، ومساعدة الإدارات في أمور الترجمة، وفتح دورات تقوية في حال الضرورة بحسب التخصص، ومساعدة الإدارات بالمهام الأخرى التي توكلهم بها”.
وتشير عبود إلى أنه حتى بداية العام الدراسي الجاري، كانت العقود سنوية تتجدد تلقائياً، مبينة أن العقود “أخلاقية وليست عقود توظيف أو تثبيت”. وتأمل التعاقد مع التربية التركية، علماً أن ذلك ربما يتطلب الجنسية التركية، لكن لا بد من الخضوع لفحوصات أيضاً”. وتشير إلى أنه هذا العام فرضت شروط على المدرسين السوريين، كتصديق الشهادة من الحكومة المؤقتة السورية، وتعديلها بمديرية التربية التركية، وإحضار شهادة تعليم اللغة التركية مستوى “أ 2” للاستفادة لاحقاً من تخصصات المدرسين السوريين في المدارس التركية.
المصدر: إسطنبول ــ عدنان عبد الرزاق
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=86010