تركيا بالعربي
المهندس “سلجوق” والطائرات المسيّرة المحلية.. هكذا تفوّقت تركيا على أميركا!
نشر موقع إنترسبت الأميركي تقريرًا موسعًا سلّط من خلاله الضوء على النجاح اللافت الذي حققته تركيا خلال الأعوام الأخيرة، في مجال إنتاج وتطوير الطائرات بدون طيار (المسيّرة أو الدرون) بإمكانات محلية، لتتحول إلى منافس لكبرى الدول.
يقول الموقع الأميركي في تقرير للصحفي “عمر فاروق”، إن تركيا دخلت العصر الثاني لصناعة الطائرات المسيرة (الدرون)، وباتت تنافس دولا مثل الولايات المتحدة وبريطانيا كأكبر منتج ومستخدم لهذا النوع من الطائرات الفتاكة.
ويشير التقرير إلى أن الرجل الذي يقف وراء مشروع تصنيع طائرات الدرون في تركيا هو المهندس “سلجوق بيرقدار”، صهر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وفق ما أورد موقع “الجزيرة نت”.
ويرى الكاتب أن تركيا لم تعد أحد مطوري أحدث طائرات الدرون الجدد فحسب، بل الدولة الوحيدة التي تستخدمها في أراضيها، في إشارة إلى العمليات ضد تنظيم “حزب العمال الكردستاني” (PKK) المحظور.
ويفيد التقرير بأن تركيا استخدمت تلك الطائرات في استهداف مقاتلي تنظيم الدولة (داعش) في سوريا وعلى طول حدودها مع العراق وإيران.
وينقل فاروق في تقريره عن كريس وودز، الصحفي الذي ظل يتابع عمليات طائرات الدرون في العالم لأكثر من عشر سنوات ومدير منظمة “إيروورز” البريطانية الحكومية، القول إن العديد من الدول وحتى جهات فاعلة غير حكومية استطاعت الحصول على طائرات مسيرة مزودة بأسلحة وتستخدمها الآن داخل وخارج حدودها.
وتابع وودز “نحن الآن بلا شك في عصر الدرونات الثاني، عصر انتشار” هذا النوع من الطائرات.
وحتى لو قررت دول رئيسية مطورة للطائرات التي تعمل من دون طيار، مثل الولايات المتحدة والصين، الحد من بيع الطائرات المسيرة المسلحة، “فقد خرج المارد من القمقم إذ أصبح بالإمكان استنساخ هذه التقنية الآن”، كما جاء في تقرير موقع إنترسبت.
ووفقًا للتقرير، فإنه “إذا كان لبرنامج تركيا لإنتاج الطائرات المسيرة الفتاكة “أب روحي”، فإن اسمه سلجوق بيرقدار”.
ففي عام 2005 تمكن بيرقدار من إقناع مجموعة من المسؤولين الأتراك بحضور عرض لطائرة درون صنعها هو محليا.
وبيرقدار البالغ من العمر 26 عاما، درس الهندسة الكهربائية في إحدى الجامعات التركية، وحصل على درجة الماجستير من جامعة بنسلفانيا الأميركية قبل أن يعود إلى بلده في 2007 للتفرغ لصناعة طائرته المسيرة.
وقبل أن يعرض بيرقدار طائرته الدرون لمجموعة المسؤولين، كانت شركة الصناعات الجوية والفضائية (تاي)، التابعة لوزارة الدفاع التركية، تعكف بالفعل على برنامج لإنتاج هذه التقنية.
غير أن موظفي الدولة البيروقراطيين في أنقرة -لا سيما داخل المؤسسة العسكرية المتنفذة آنذاك- قالوا إن من الأعقل شراء تلك الطائرات من الولايات المتحدة وإسرائيل بدلا من الاستمرار في تطويرها محليا.
وبحسب تقرير إنترسبت، فإن تركيا ولجت عصر الدرونات الأول على الطريقة القديمة حيث اشترت ست طائرات غير مسلحة من شركة “جنرال أتومميكس” الأميركية عام 1996، واستخدمتها ضد مقاتلي (PKK) جنوبي شرقي البلاد.
ويلفت فاروق في تقريره إلى أن تركيا اشترت في 2006 عشر طائرات درون طراز “هيرون” من إسرائيل. لكن الأمر استغرق من إسرائيل خمس سنوات لكي تسلم تركيا تلك الطائرات.
واتهمت أنقرة حينها الإسرائيليين بتعمد تخريب آلات وأجهزة تصوير تلك الدرونات، فأعادتها إلى إسرائيل لإصلاحها، ومرة أخرى أخذ الأمر سنوات عدة لتقوم تل أبيب بالمهمة.
على أن طائرات هيرون التي تسلمتها تركيا كان يوجهها في بادئ الأمر أفراد إسرائيليون، مما دفع المسؤولين الأتراك إلى الارتياب من أن الصور التي تلتقطها تُرسل سرا إلى المخابرات الإسرائيلية. وعلى هذا الأساس لم تكن طائرات هيرون المسيرة الحل الذي تنشده تركيا.
وكان أن أماطت تركيا في 2010 اللثام عما قالت إنها طائرة مسيرة محلية الصنع تحل محل طائرات هيرون.
وأطلق على هذه الطائرة اسم “أنكا”، وتعني باللغة العربية “العنقاء”، وهي من عائلة المركبات الجوية من دون طيار والتي تصنعها شركة الصناعات الجوية والفضائية التركية.
ويبلغ طول جناح طائرة “أنكا” 56 قدما وهي قادرة على الطيران بارتفاع عشرة آلاف كيلومتر والتحليق لمدة 24 ساعة بشكل متواصل، لكنها مثل هيرون غير مسلحة، مما يعني أن هناك حلقة رئيسية مفقودة، برأي تقرير إنترسبت.
وانتقل التقرير إلى الحديث عن الملابسات التي دفعت تركيا إلى تصنيع طائرتها المسيرة بنفسها. ففي الوقت الذي كانت فيه تركيا تعتمد في 2011 على الولايات المتحدة في تزويدها بصور من طائرات درون طراز بريديتور الأميركية حول تحركات مقاتلي (PKK)، رفضت الأخيرة تزويدها بذلك النوع من الطائرات بذريعة خشيتها من أن تشكل تلك الطائرات مشكلة أمنية لإسرائيل، رغم أن أنقرة هي الأخرى عضو في حلف الناتو تماما مثل واشنطن.
على أن سلجوق بيرقدار واجه في بادئ الأمر عقبات قبل أن ينخرط في مشروعه، إذ لم يستطع الحصول على إذن من مؤسسة بلاده العسكرية لتجريب طائرته الدرون المزودة بذخيرة حية.
ويزعم عمر فاروق أن كبار ضباط الجيش التركي “الذين غالبا ما يتم ترقيتهم ليس على أساس الجدارة بل بناء على ما يظهرونه من استخفاف بالشعائر الإسلامية”، أبدوا ارتيابهم عندما تعلق الأمر بعائلات مثل أسرة بيرقدار، التي يصفها بأنها “مسلمة تقيّة”.
غير أن بيرقدار وبعد نجاحه في منح بلاده طائرة درون من صنعه وانتقاده اعتمادها على إسرائيل، فقد أصبح من المشاهير في وطنه.
وباتت طائرة “بيرقدار تي بي 2” المسيرة المسلحة تشكل اليوم العمود الفقري للعمليات الجوية التركية، فهي تحلق على ارتفاع 26 ألف قدم لمدة تصل إلى 24 ساعة، لكنها تعتمد في اتصالاتها على محطات تحكم أرضية.
ويمكن لطائرة “بيرقدار تي بي 2” حمل أوزان تصل إلى 120 رطلا، كما تتمتع بميزة الاستطلاع الليلي وإمكانية إجراء مهام المراقبة والاستكشاف والتدمير الآني للأهداف.
وأضحى لهذه الطائرة حضور دائم تقريبا في سماوات جنوبي شرقي تركيا، إذ لا يمر يوم دون أن تطلق طائرة مسيرة -وعادة ما تكون من طراز تي بي 2- نيران أسلحتها على هدف ما، أو الكشف عن موقع أحد الأهداف لتتولى طائرة أف 16 أو طائرة مروحية قصفه.
المصدر: ترك برس
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=100474