بدأت تركيا بتنفيذ خطة أمنية لوضع حدٍ لانتشار ظاهرة تزوير الأوراق الرسمية السورية والوثائق الشخصية، وشملت حملة الداخلية التركية عدة أماكن يُشتبه بتواجد تُجار ومرتكبي هذا النوع من التزوير، الذي يُجرمه القانون التركي بشكل صارم، في المادة ٣٣٢ من قانون العقوبات، المخصصة للمتلاعبين بالتواقيع الرسمية ومزوري الأختام الرسمية أو تعديلها أو استيرادها.
رصد وتقصى
من جهته قام موقع أورينت السوري بتقصي الحقائق حول الحملة التركية، فتوصلت إلى أنها تركّزت في مدينتي اسطنبول وغازي عنتاب، حيث الكثافة العالية للسوريين، وبالبحث توصلنا إلى أبو محمود، “اسم مستعار”، وهو أحد أرباب مهنة التزوير في أوساط اللاجئين، حيث خرج لتوه من السجن بعد تحقيقٍ امتد ليومين، فقال إنهم بحثوا في أوراقه الثبوتية أولاً، وفي ما إذا كان من أصحاب السوابق، فتبين نظافة سجله في هذا المجال، إلا أنه شرح كيفية التحقيق بهذا الشأن.
“اقتادوني من مكان عملي بعد مصادرة ما معي، وبحثوا في هاتفي المحمول وعلاقاتي الشخصية، فيما إذا كنت أعمل منفرداً أم ضمن خلية، فتبين لهم أني “مبتدئ” في هذا المجال وغير مرتبط بأي جهة أو شبكة، فأطلقوا سراحي بعد توقيعي على تعهد خطي، بوقف جميع هذه الأنشطة الممنوعة”.
ومن بين الأشخاص الآخرين الذين خضعوا للتحقيق “منير”، اسم مستعار، أحد موظفي شركات الشحن حيث ذكر أن الأمن التركي دقق في التحويلات البنكية ورصيده بعد توقيفه مؤقتاً، لكن تبين أيضاً أنه غير نشط في مجال التزوير ولا علاقة له بالأمر، وذلك بالرغم من شكوك الحكومة التركية أن علاقةً ما باتت تجمع العاملين في مجال الشحن والحوالات والتأمين مع المزورين وذلك لاستمرارية تعاملهم بالحوالات البنكية الداخلية والخارجية دون إثارة أي شكوك .
أسباب التزوير؟ هل من مستفيدين؟
وتواصلنا عن طريق “أبو محمود” مع شابةٍ سوريةٍ في ولاية أورفا، كان قد زور لها شهادتها الثانوية سابقاً، اضطرت أن تلجأ الى تزوير ثبوتياتها أملاً في متابعةِ تعليمها بإحدى الجامعات التركية، وذلك بعدما تعرضت النسخة الأصلية من شهادتها للتلف جراء غارةٍ جوية أصابت منزلها في حلب وأضافت الشابة أنها “لم تتمكن من استخراج وثيقةٍ جديدة من وزارة التربية والتعليم العالي، بالرغم من عرضها عدة رشاوى على أحد المسؤولين في الوزارة”.
مراقبون ينتقدون وآخرون يحذرون
سألنا في أوساط السوريين عن انتشار هذه الظاهرة، فوصلتنا العديد من الآراء، كالصحفي فراس ديبة الذي رأى أن تفاقم هذه المشكلة سيدفع الأتراك للتشكيك بكافة الوثائق السورية حتى لو كانت أصلية، وسيعرض الكثير من السوريين لبيروقراطية التدقيق والبحث عند كل معاملة حكومية.
بينما رأى الناشط السياسي عبد الوهاب عاصي أن المشكلة ليست من السوريين فقط، بل تتحمل الأمم المتحدة المسؤولية الكبرى في فشلها بتقديم وثائق أساسية للإنسان كالهوية الشخصية وجوازات السفر، وهذه أكثر الوثائق تزويراً للسوريين في تركيا، بحكم أنهم لجؤوا الى تركيا على وقع القصف والجرائم، ولم يكن بالإمكان استخراج هذه الوثائق أو انتشالها من تحت الأنقاض .
من جانبه صرح المحامي التركي “علي سيمبل” أن تركيا لن تتساهل أبداً مع الاشخاص العاملين في حقل تزوير الوثائق وأنه من الممكن لاحقاً افتتاح مكاتب تركية سورية مهمتها تسهيل المعاملات الرسمية للسورين في تركيا.
الحملة التركية إلى أين؟
ليست المرة الأولى التي تقوم بها الحكومة التركية بمكافحة هذه الظاهرة، لكنها، ومنذ حزيران الماضي، الأكثر اتساعاً من حيث المناطق المشمولة بالبحث، خصوصا أن الحملة هذه ساندتها منشورات رسمية من قبل وزارة الداخلية التركية على مواقع التواصل الإجتماعي، تؤكد خطورة استخدام الوثائق المزورة في المعاملات الرسمية، محذرةً أن الفاعل سيتعرض لعقوبات تصل لستة أشهر سجناً، في بعض الحالات، وقد ترتفع مع حجم التزوير وخطورته
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=22437