من قال إن التاريخ لا يعيد نفسه فقد جانب الصواب، ولكن العودة بالروح والجوهر وليست بالشكل والأدوات.
ها هي جحافل الأتراك وأشقائهم العرب تعيد انتصاراتهم المتجددة التي صنعوها منذ ما يزيد عن قرن من الزمن من خلال معركة “شناق قلعة ” الشهيرة، ها هي تعود تحت راية واحدة ومظلة واحدة باسم معركة (درع الفرات وغصن الزيتون).
وقبل الوقوف عند المعركة الحديثة لا بد من تسليط الضوء على معركة (شناق قلعة) لنتعرف عليها ثم نتحول إلى المعركة الحالية.
في أثناء الحرب العالمية الأولى خطّط الحلفاء لاحتلال اسطنبول من جهة البحر الأبيض المتوسط عبر مضيق” الدردنيل”، وتقدّم الأسطول البالغ عدده /16/ سفينة مدرعة في صباح يوم قبل قرن ونيف، وبعد أسبوعين تقريباً من القصف والهجمات المتكررة، بزخم كبير على أمل أن يحسموا المعركة.
اصطدمت سفنه بالألغام التي كانت زرعتها سفينة “نصرت” للألغام في ليلة ذلك اليوم، وقد قصفت مدافع الحلفاء مواقع العثمانيين بشدة حتى كادوا يحققوا انتصاراً ساحقاً على العثمانيين يومها، ولكن قدّر الله أن تتغير نتيجة المعركة على يد بطل خرج من الأنقاض وهو العريف “سيد” ليكتشف أن معظم جنود موقعه هم بين جريح وقتيل، واضطر أن يحمل قذيفة تزن /250/ كغ تقريباً على ظهره ليضعها في المدفع، وانتظر سفن الحلفاء حتى اقتربت، واستهدف واحدة منها، وضربها باسم الله فغرقت.
وعلى الرغم من أن عدد الشهداء المسلمين /56ألف و11جندي مفقود / بلغ أكثر من عدد قتلى الحلفاء /50 ألف جندي/ فإن نتيجة المعركة كانت مستغربة عند الغرب لأنهم هُزموا وانتصر العثمانيون.
وقد قدم العرب زرافات ووحدانا لمؤازرة ومناصرة إخوانهم الأتراك، من حلب ودمشق وبغداد والقدس… وكان البطل يوسف العظمة رئيساً لأركان أحد الفيالق المشاركة في المعركة، ونقرأ على شواهد القبور الآن تلك الأسماء العربية بجانب الأسماء التركية.
وبعد أن طوى الزمن تلك السنوات المضيئة التي يفتخر بها الأتراك والعرب معاً، ها هم أعداء جدد يحاولون احتلال أراض عربية بالقرب من الحدود التركية متناسين أو أنهم لم يقرؤوا صفحات التاريخ البطولية التي سطرها الإخوة الأتراك والعرب بدمائهم الزكية الطاهرة.
لقد أزمع الجيش التركي وبجانبه الجيش الحر أن يطهروا الأراضي السورية من رجس العملاء الذين يرتبطون بأجندات خارجية تبث أحقادها على العرب والمسلمين وتريد استعمارهم من جديد تحت مسميات مختلفة، فكان لهم الجيش التركي والجيش الحر بالمرصاد ولقنوهم درساً في الهزيمة لن ينسوه أبداً وقد اختلطت أجساد ومهج الجيشين الشقيقين من جديد نافخة وباعثة روح الماضي المشرق ومستحضرة لنا ذكريات معركة شناق قلعة، لتثبت للعالم بأسره أن المسلمين لن تلين لهم قناة مهما تكالب عليهم الأعداء.
ولقد أسفرت المعركة (درع الفرات وغصن الزيتون) عن نصرٍ ناجزٍ وهزيمةٍ ساحقة للأعداء.
وقد اختلطت دماء الشهداء الأتراك مع العرب ليُكتب بها مرة أخرى أسماؤهم على شواهد القبور ذاتها.
وقد كانت حصيلة الشهداء السوريين العرب لا تقل عن إخوانهم الأتراك بل تفوقت عليهم، حيث بلغت حسب الإحصائيات المعلنة في العملتين (درع الفرات وغصن الزيتون) نحو /916/ شهيداً.
فهنيئاً لكم أيها الأتراك والعرب هذا التماهي في الحرب وفي السلم وفي الشهادة وفي النصروتباً لأعدائكم الذين جهلوا التاريخ فسقطوا في حمأة الخسران والهزيمة والعار.
أيها الجندي الساقط على التراب لأجل التراب
لو نزل الأجداد من السماء ليقبّلوا جبينك المضيء، لكنت تستحق ذلك!
كم أنت عظيم!
دمك الذي يحكي وينقذ التوحيد
أيها الشهيد ابن الشهيد.. لا تطلب منّي قبرا
ها هو النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- فاتح ذراعيه ينتظرك
بهذه الكلمات الخالدة وصف شاعر الاستقلال الأستاذ “محمد عاكف آرسوي” -رحمه الله- تلك الملحمة الخالدة في تاريخ الإسلام، ملحمة شناق قلعة ويمكن إسقاط هذه الأبيات الرائعة على عمليتي( درع الفرات وغصن الزيتون).
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=48789