تمكنت مجموعة من اللاجئين السوريين في ايطاليا، من إعادة الأمل لسكان بلدة جنوب البلاد، بعد أن هجرها شبابها بحثًا عن فرص العمل، حيث عادت الحياة من جديد للبلدة بفضل توافد اللاجئين إليها.
وذكرت صحيفة لوس “آنجلوس تايمز” الأمريكية، قصة عائلة محمد علي وكندة نونو السورية، التي لجأت إلى ايطاليا منذ ما يقرب من 5 سنوات، بعد فرارهم من مدينة مدينة حلب السورية التي مزقتها الحرب في سوريا، والوضع الفوضوي في لبنان.
وعلى عكس الوضع في لبنان، حيث كان ينظر إلى الـ1.5 مليون لاجئ سوري على أنهم يخطفون الوظائف من السكان المحليين، فإن سكان هذه المدينة الإيطالية يعلّقون آمالهم على اللاجئين السوريين لإعادة بناء اقتصاد المدينة.
وكانت العائلة من مدينة حلب السورية قد استقرت في مقاطعة ريدجو كالابريا الجنوبية، تلك المدينة التي هجرها الشباب الإيطاليون بحثًا عن فرص اقتصادية أفضل في الشمال وخارج البلاد، تاركين وراءهم مدارس مغلقة وأراضي محروثة بلا محاصيل.
وفي المنزل المكون من أربعة طوابق الذي تعيش فيه الأسرة السورية الآن، يخلو الطابقان الأول والثاني من السكان.
وعلى مدى العقد الماضي، بدأت فيضانات من المهاجرين واللاجئين تحل محل الإيطاليين الذين غادروا البلاد. فمن العام 2008 إلى العام 2013، تضاعفت تقريبًا نسبة العمال المهاجرين الأجانب العاملين في المزارع الإيطالية إلى 37٪ من 19٪، وفقًا للمعهد الوطني للاقتصاد الزراعي.
وقال عمدة المدينة دومينيكو لوكانو: “إن مدينة رياس، التي استقر فيها علي وأسرته عندما وصلوا لأول مرة في ايطاليا، استحوذت على اهتمام دولي في السنوات الأخيرة من أجل بذل جهد متعمد لجذب المهاجرين من جميع أنحاء العالم”.
وقال أن “المهاجرين من أكثر من 20 دولة يشكلون حاليًا ثلث سكان البلدة البالغ عددهم 1500 نسمة”.
رحلة أكثر أمانًا
وصل الزوجان السوريان وأطفالهما الخمسة إلى ايطاليا في أواخر شباط/ فبراير، عن طريق برنامج “الممرات الإنسانية” الذي أطلقته قبل عام مجموعة من المنظمات غير الحكومية التابعة للكنيسة الكاثوليكية وتحالف من الكنائس البروتستانتية.
وقد جلب هذا المشروع، الذي يموله المواطنون الإيطاليون عن طريق تحويل جزء من أموال ضرائبهم إلى الكنائس، حوالي 800 لاجئ سوري من لبنان إلى مجتمعات في جميع أنحاء ايطاليا منذ فبراير 2016.
وسيجلب 200 لاجئ آخرين من لبنان وربما المغرب، جنبًا إلى جنب مع حوالي 500 مواطن أفريقي يعيشون الآن في إثيوبيا.
ويعبر العديد من الوافدين الجدد البحر المتوسط على قوارب المهربين – في حين لا يستطيع الكثير الوصول.
وذكرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن “أكثر من خمسة آلاف شخص قتلوا في العام الماضي أثناء عبورهم البحر المتوسط”.
وقال باولو ناسو من اتحاد الكنائس البروتستانتية في ايطاليا وأحد مؤسسي البرنامج: “إن الهدف الرئيسي لمشروع الممرات الإنسانية الجديد هو منع اللاجئين من محاولة عبور البحر الخطير”.
وبموجب المبادرة الجديدة، تقوم المنظمات الكنسية بنقل اللاجئين إلى روما وتسكينهم في منازلهم الجديدة في المجتمعات المحلية في جميع أنحاء البلاد.
ويأمل ناسو وغيره من مؤسسي المبادرة، أن يحل الجيل الجديد من العمال الوافدين من الخارج محل القوى العاملة المتقلصة في البلاد إذا تم دمجه في المجتمع الإيطالي. قائلًا: “إن سكاننا يتقدمون في السن ويتناقصون وإن الاضمحلال شديد جدًا وخاصة في المناطق الريفية”.
الجدير بالذكر أن ايطاليا استقبلت أقل من ألف لاجئ من خلال برنامج الأمم المتحدة لإعادة توطين اللاجئين السوريين منذ العام 2015، ولكنها شهدت عددًا أكبر بكثير من الأشخاص الذين وصلوا البلاد على متن قوارب المهربين.
وقد أثار وصول هذه الأعداد غضب الكثير من الجهات المعادية للمهاجرين.
وفي العام الماضي، وضع سكان مدينة غورينو المركزية حواجز لمنع وصول مجموعة صغيرة من اللاجئات، ولكن المهاجرين واللاجئين كان لديهم مدافع مؤثر وهو البابا فرنسيس، الذي جلب عددًا قليلًا من اللاجئين السوريين إلى الفاتيكان وحث الرعايا الكاثوليك على استقبال المزيد.
وفي رياس في مقاطعة ريدجو كالابريا، يأتي المهاجرون من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وباكستان، وأفغانستان، وبنغلاديش، والآن سوريا.
ويقوم المهاجرون برعي الأغنام في التلال المحيطة بالمدينة، والعمل على الجرارات على الطريق المتعرج المؤدي إليها، وتنظيف الشوارع في ساحة البلدة والعمل جنبًا إلى جنب مع السكان الإيطاليين في عدد من المحلات التجارية الحرفية في وسط المدينة.
بديل إنساني
أكسبت حملة الترحيب بالمهاجرين عمدة المدينة لوكانو مركزًا على قائمة مجلة فورتشن لأعظم 50 زعيمًا في العام الماضي.
وقال عمدة المدينة في مقابلة بقاعة مجلس المدينة في رياس: “إننا من الأساس نسعى لتقديم بديل إنساني”. وقال “هذه هي الرسالة التي نرسلها إلى هذا العالم حيث تسود الطرق المسدودة والحواجز”.
وكان خارج قاعة مجلس المدينة يجلس غابرييل إفاه، المواطن الغاني الذي جاء في قارب من ليبيا قبل ثمانية أشهر، يتبادل الحديث مع مجموعة من المراهقين الأفارقة الذين وصلوا حديثًا إلى المدينة.
وتركت ستيلا أويني، 30 عامًا، أيضًا من غانا ابنها الصغير مع أقاربها وقطعت الرحلة البحرية قبل ثلاث سنوات. وبعد وصول القارب في جزيرة لامبيدوسا، جلبتها الشرطة إلى رياس، وعندما وصلت، عملت أويني على تنظيف الشوارع، ثم ساعدت في الإشراف على الأطفال في إحدى المدارس المحلية حتى أغلقت بسبب القلة في أعداد التسجيل، والآن تعمل على طهي الطعام لمجموعة من القاصرين الذين يعيشون جماعة في منزل.
وقالت: “إن الحياة في رياس جيدة جدًا بالنسبة لي، إنهم يعاملون المهاجرين وكأنهم جزء من الشعب الإيطالي”.
وقال لوكانو: “إن حوالي 100 من المهاجرين في رياس استقروا كمقيمين لفترة طويلة، أما بالنسبة للآخرين، مثل بعض الأسر السورية الوافدة حديثًا، فقد وجدوا أن الوضع ليس مريحًا لهم وقرروا المغادرة”.
دموع الفرح
وعندما قام محمد وكندة بتحميل أمتعتهما على الطائرة في المطار في بيروت استعدادًا لهروبهما إلى ايطاليا، انهارت ابنتهما ميس، البالغة من العمر 15 عامًا، في دموع السعادة والراحة.
وفي مدينة حلب السورية، شاهدت ميس عمتها – شقيقة علي – وخمسة من أبنائها يموتون في غارة جوية.
وفر علي وعائلته إلى لبنان، هاربين من القنابل، ولكنهم واجهوا عنفًا آخر هناك، إذ إن شقيق ميس الذي يبلغ من العمر 14 عامًا يحمل جراحًا تحت إحدى ركبتيه من هجوم بسكين من قبل مجموعة أولاد أكبر سنًا.
وقالت كندة: “إن الشبان ينتمون إلى جماعة حزب الله، الحزب الشيعي المسلح الذي يدعم الرئيس السوري الاسد ويروا اللاجئين أعداء لهم”. وأضافت “لم يكن هناك أمن على الإطلاق، ولو أردنا الخروج لرؤية الطبيب، نحاول التأكد من أن أحدًا لن يرانا، وهنا، أول شيء تحسه هو أن هناك أمنًا”.
وتابعت: “ولكن أيضًا، الانتقال صعب في رياس، حيث يتحدث عدد قليل من المهاجرين الآخرين باللغة العربية”.
وبعد شهر في رياس، طلب علي وأسرته نقلهم إلى بلدة مجاورة، جيويوسا أيونيكا، حيث التحقوا بأسرة سورية أخرى.
ويوجد في جيويوسا أيونيكا عدد أصغر من المهاجرين – حوالي 100 من بين 7000 نسمة – ولكن بعض القادة المحليين يأملون في جذب المزيد.
المصدر: إرم نيوز
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=13089
ام سدرهمنذ 7 سنوات
طالما ايطاليا لسه بدها لاجئين كيف الوسيله ?