أخفقت كل السيناريوهات التي توقعت سقوطا سريعا لنظام بشار الأسد الذي يبدو أنه تجاوز دائرة الخطر.
لكن هذا “النجاح” يثير جدلا واسعا حول حقائق الوضع، وحول تحوّل سوريا إلى مساحة حرب بالوكالة، لا يملك فيها الأسد سلطة حقيقية.
قال وزير الخارجية البريطاني جيريمي هنت يوم الخميس إن الرئيس السوري بشار الأسد سيبقى ”لبعض الوقت“ بفضل الدعم الذي تقدمه روسيا، لكن بريطانيا لا تزال تعتبره عقبة أمام السلام الدائم.
وقال هنت لقناة سكاي نيوز ”موقف بريطانيا الثابت منذ وقت طويل هو أننا لن نحظى بسلام دائم في سوريا مع هذا النظام (الذي يقوده الأسد)، لكن للأسف، نعتقد أنه سيبقي لبعض الوقت“.
وتقول مراكز أبحاث، أن نجاح النظام في تفتيت وشيطنة المعارضة هو سبب رئيس لانتصاره. كانت المظاهرات في أول الثورة سلمية وتنادي بالديمقراطية، لكن النظام قابلها بالعنف المفرط.
وعندما انتقل الثوار إلى الكفاح المسلح دفاعًا عن أنفسهم، لجأ إلى وصف المتظاهرين بالمتطرفين الإسلاميين الأجانب.
وحتى يثبت صحة مزاعمه – ينوه فيليبس – قام النظام باستهداف منظمي الاحتجاجات السلمية، واعتقل منهم قرابة 8 آلاف شخص، واختفى حوالي 75 ألفًا آخرين، وقد تعرضوا لتعذيب وحشي في السجون. أما من حالفهم الحظ وأُفرج عنهم، فإما أنهم قد هربوا أو اتجهوا للتطرف.
كانت هذه الحيل المحلية كافية لصمود نظام الأسد، لكن الانتفاضة سرعان ما أصبحت عالمية. دعت الحكومات الغربية الأسد إلى التنحي في أغسطس (آب) 2011 وفرضت عقوبات عليه.
وسارعت دول إقليمية مثل قطر وتركيا والسعودية إلى قطع العلاقات مع النظام، وساعدت المتمردين المسلحين وخصومه النظام السياسيين. ومع ذلك كان ذلك نقطة أمام بحر المساعدات التي قدمها حلفاء النظام، إيران وروسيا.
لم يكن بشار الأسد ينتظر أن يكون رئيساً لسوريا، فقد كان هذا المكان محجوزاً لأخيه الأكبر باسل الذي توفي بحادث سيارة عام 1994.
وحتى بعد انتخابه رئيساً للبلد عام 2000 في انتخابات تُثير أرقامها الكثير من الريبة، بعد تعديل سريع للدستور حتى يسمح للشاب الذي لم يكمل حينئذ 35 عاماً بالترشح للمنصب، لم يدرك بشار الذي انتقل إلى السياسة من مجال طب العيون، أن عام 2011 سيشكلّ لحظة فارقة في التاريخ الحديث لسوريا، بإعلان ثورة على النظام انتقلت لاحقاً إلى حرب أهلية تحوّلت معها سوريا إلى مساحة هائلة من الدمار ومن معارك الوكالات بين القوى الدولية والإقليمية.
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=82671