بين الطالب العربي والطالب الغربي قصور فكر أم اختلاف الظروف… !!!
_الجزء الأول_
بقلم الأستاذ الكاتب عباس أعومري.
كاتب في الفكر الإسلامي.
يعتبر الحديث عن الفرق بين الطالب العربي والطالب الغربي من المواضيع الدسمة التي تلقى رواجا كبيرا بالحديث والنقاش بين الشلل الجامعية بوطننا العربي والإسلامي فهو من بين المواضيع الأكثر طرقا لكن كل على طريقته، فهذا مستهتر بمكامن القوة المعرفية للطالب العربي مستهزئ بها وذاك غير مهتم غير أن يكمل المرحلة الجامعية ويحصل على شهادة لا تسمن ولا تغني من جوع ضاربا بعرض الحائط أهمية القوة المعرفية في عصرنا اليوم شاغلا نفسه كل الشغل بأن يحصل على عمل ويبني بيته هذا إذا بناه فيتزوج ويموت بعدها، وثالث من هناك وهو الطالب الذي لطالما سميته ب “الطالب المسلم الكوني” الذي يتم اقتناصه مباشرة بعد اكماله لمرحلته الجامعية لكن لماذا يا ترى؟
والجواب سهل وبسيطة لأنه كان مختلف عن بقية أفراد الشلة… ديدنه الكتاب والقلم فهو صاحب شعار “من المحبرة إلى المقبرة” لا يعرف الكسل له طريق، يقرأ في شتى صنوف العلوم فهو جوال بين هندسة وأدب وفلسفة وعلم اجتماع، حكيم صاحب مهارات عالية يتقن الفنون المختلفة في التعامل مع مجريات الأحداث المحيطة به لذلك فلا غرابة من أن تتهافت عليه كبرى الشركات للضفر بخدماته فقولي لي بركم إذا لم يتم الولع بهذا والتهافت عليه فعلى من سيتم البحث… !!!،
ليتحول هذا الشاب الظاهرة الفكرية من الطالب الباحث عن العمل إلى الطالب الشاب المبحوث عنه … !!!.
إعلان
إنّ الاختلاف بيننا وبين الأوروبيين ليس مردُّه اختلاف في الطباع أو في الاستعداد الفطري فمثلا الطالب العربي عندما يدرس في جامعات أوروبا لا يقل عن زميله الأوروبي فطانة واجتهادا ونجاحا، إلا أنّ هذا الطالب الأوروبي ينصرف بعد ذلك للعمل في وسط يساعده على تنمية ثقافته وتحويلها إلى ميدان الانجاز ويشجعه في ذلك الجو الاجتماعي بداية من الأسرة فالمحيط الاجتماعي عامة فتثمر تلك الأفكار وتزدهر وهو حال ما نراه بالكثير من الدول الغربية خاصة اليابان التي تخرج سنويا طلبة قمة في الإبداع و التميز باختراعاتهم التي كانت مجرد حبر على ورد أيام الجامعة.
أمّا الطالب العربي فيعود بثقافته تلك الى أرض غريبة عنها فيحاول غرسها ولكن سرعان ما تنكمش ويعتريها الذبول، وحتى وإن لم تتم فإنّها لا تجد في التربية الاجتماعية ما يساعدها على الإثمار والنمو فلا يلقى لا الدعم العائلي ولا الدعم من طرف الدولة، فتبقى تلك الأفكار الجميلة موضع ذاك الكراس الذي لطالما خط فيه ذلك الطالب النجيب مشاريعه يفتحها يوميا يتأملها سائلا إياها أما آن لك يا مشاريعي أن تبزغ شمسك وترى النور على أرض الواقع فتظل تلك الأحلام شجرة قزمة تعيش بين الحياة والموت مترنحة بين تلك الظروف المادية القاسية تارة وبين الحالة النفسية المزرية.
ولربما تحولت إلى فكرة تدميرية تأكل الأخضر واليابس لتخرج كالحمم البركانية تلقي بنيرانها في كل صوب وحدب فتنشر التطرف والتكفير وشتى صنوف الغلو، وهو ما استغلته الجماعات الإرهابية في لحظة ضعف فاقتنص شبابنا من بين أيدينا نحو جحيم التطرف فزاد ذلك من الانحراف الفكري كما قال بذلك أحد الكتاب فكر ” لا يلتزم بالقواعد الدينية والتقاليد والأعراف.. والنظم الاجتماعية”. ما انتج بدوره تخلفا فكريا وجهلا عقديا ساعده على النمو أكثر ذاك المناخ المتطرف والظروف الاقتصادية القاهرة التي تلقي بظلالها هي الأخرى على كل مبدع انجر نحو هذا السيل الجارف، فالتخلف الفكري كما يقول المفكر الإسلامي عبد الكريم بكار هو: “وضعية عامة تصيب الأمة نتيجة القصور المستمر لقرون طويلة في أعمال العقل وطرق بحثه عن الحقيقة”.
إعلان
فأي واقع ينتظر مستقبل أنظمتنا التربوية وخريجي جامعاتنا في ظل هذا الوضع المتأزم؟ وهنا تبرز بأذهاننا حادثة دريفوس الشهيرة وثورة الطلاب الفرنسية حينما ثاروا على النظام التربوي والجامعي والنسق الثقافي عامة الذي كان سائدا آنذاك.
يتبع…
إعلان