رأى خبراء عرب أن الانتخابات البلدية التركية المرتقبة الأحد، ستكون “محطة متميزة” في قطار الديمقراطية الذي يسير في طريقه الصحيح بالبلاد منذ سنوات.
وفي أحاديث منفصلة مع وكالة الأناضول، توقع الخبراء أن يكون هذا السباق بمثابة “عرسٍ ديمقراطيٍّ فريدٍ”، و”صفحة جديدة” بسجل تركيا الديمقراطي المتميز بين دول الشرق الأوسط.
وأرجع الخبراء هذا الأمر إلى أن مظاهر الديمقراطية تسمح للناخبين الأتراك بالتعبير عن رأيهم بشكل مستقل وبطريقة حضارية.
ورأوا أن الانتخابات المحلية هي “محطة ديمقراطية”، عبرها يقول الشعب كلمته وينتخب مرشحيه، في أجواء من التنافس الديمقراطي، تكون الغلبة فيه لمن يختاره الشعب.
وتواصل الأحزاب السياسية التركية المشاركة في استحقاق الأحد، حملاتها الانتخابية بكافة ولايات ومدن البلاد.
**الانتخابات والديمقراطية والاستقرار
استحقاق وصفه الباحث والكاتب اللبناني علي باكير، بأنه يعد “مظهرًا مهماً من مظاهر الديمقراطية في تركيا”.
باكير أرجع وصفه هذا إلى أن تلك الانتخابات “تسمح للناخبين بالتعبير عن أولوياتهم ومتطلباتهم بطريقة حضارية، وتلزم السياسيين في نفس الوقت بقيود وضوابط، فإن نجحوا في المهمة كافأهم الناخبون، وإن فشلوا عاقبوهم”.
وأوضح: “غالبا ما تؤدي العملية الديمقراطية بشكل عام لاستقرار البلاد، لأنها تؤسس لآلية يرتضي الحاكم والمحكوم الاحتكام إليها وإلى نتائجها”.
ووفق باكير، “كلما كان الرابط بينهم (الحاكم والمحكومين) وبين هذه العملية أقوى، كلما كان الإيمان بالديمقراطية أقوى، الأمر الذي يسمح للبلاد بالتركيز على أولويات المواطن، بدلا من انغماس المؤسسات في الصراع على السلطة”.
وفي الوقت نفسه، رأى الباحث اللبناني أنه “قد يُولّد الاستحقاق الانتخابي في كثير من الأحيان انقسامات واستقطابات، والانتخابات البلدية التركية لا تخرج عن ذلك، لكن هذه الانقسامات أو الاستقطابات لا يجب أن تزيد عن الحد المقبول الذي ينتهي ببدء العملية الانتخابية، وإلا عدّ ذلك ظاهرة غير صحّية”.
**جيل الديمقراطية
بدوره، رأى المحلل السياسي العراقي، أيمن خالد، أن “تركيا قطعت شوطاً كبيراً في مجال الديمقراطية”، معتبرا أن ذلك “ليس غريباً عليها؛ لما لها من تأثير كبير على صعيد الشرق الأوسط، والصعيد العالمي”.
وأضاف خالد: “المنعطف الحقيقي للسير قدماً نحو الديمقراطية بدأ عام 2002، عقب نجاح حزب العدالة والتنمية في الوصول إلى سدة الحكم، وهناك أكثر من 13 استحقاقا انتخابيا جرى خلال الحقبة الماضية، وهناك نسق اجتماعي متقبل للديمقراطية، بعد أن تربى جيل كامل على مفهوم الديمقراطية”.
وأشار إلى أن “مستقبل الديمقراطية بدأ بمساره الصحيح، والموضوع لم يأت قسراً أو ما شابهه، كما يجري في بعض البلدان المتخلفة في مجال الديمقراطيات والحريات، وأي حالة اقتناع سياسي وانتعاش اقتصادي، إذا لم تكن مستندة على قاعدة الحريات، فليس له مكان”.
وأشار خالد، إلى أن “مستقبل الديمقراطية لا يُخشى عليه في تركيا، رغم كل محاولات الداخل والخارج للقضاء على الحالة الديمقراطية والحريات، كما كانت المحاولة الانقلابية الفاشلة عام 2016 والتي تصدى لها الشعب التركي”.
وبين الخبير السياسي، أن “تركيا مقبلة على حالة متطورة من الديمقراطية والتي سيبنى عليها حالة جيدة من التقدم السياسي والاقتصادي”.
**استقرار النظام السياسي التركي
ومتفقا مع سابقيه، قال المفكر الموريتاني محمد مختار الشنقيطي: “أعتقد أن الانتخابات المحلية الجديدة في تركيا، دليل مهم على حيوية الديمقراطية التركية ونضجها، وهي ستعمق هذه التجربة الديمقراطية، وتزيد من استقرار النظام السياسي التركي”.
وزاد: “انتقال تركيا إلى النظام الرئاسي منذ سنتين أعطى صلابة لنظامها السياسي، وجعله أقْدَرَ على الصمود في وجه الخلافات السياسية، والتنافس السياسي”.
وأكمل: “ولذلك فإن أي انتخابات محلية أو برلمانية جديدة لن تؤثر تأثيرا سلبيا على استقرار النظام السياسي التركي، وإنما ستجعل المتنافسين يركزون على الشأن المحلي، وعلى خدمة المراكز الحضرية التي يسعون لكسب أصواتها”.
واعتبر الشنقطي أن “الانتخابات المحلية الحالية لها طابع وطني عام، ويبدو أن نتائجها ستؤثر على مستقبل الخريطة الحزبية التركية، ومع كل ذلك أعتقد أن هذه الانتخابات ستزيد من استقرار النظام السياسي التركي، وتضيف إلى رصيد الديمقراطية بالبلاد، باعتبارها نموذجا يُقتَدى به في هذه المنطقة التي يسود فيها الاستبداد والانسداد السياسي”.
وعلى درب من سبقوه، ذهب الكاتب والباحث العراقي نظير الكندوري، إلى أن هذا السابق “مثال للانتخابات الديمقراطية، والتنافس هنا شريف، والأحزاب تتنافس على تقديم الخدمات للمواطن، وهو ما نفتقده في الدول العربية، حيث تستغل عنوان الانتخابات وتفقده محتواه”.
“ما لاحظته بكل الانتخابات التركية، أن جميع المتنافسين يسلمون بالنتائج دون تشكيك، على عكس ما يحصل من الاعتراضات في كثير من البلدان، بالتشكيك من قبل الخاسر، بالتلاعب في الانتخابات، والتجربة التركية لم تشهد حالات هكذا، لأنهم يؤمنون بهذه العملية الديمقراطية”، هكذا أضاف الكندوري.
وذهب إلى أن هذا السباق “لن يكون مختلفًا عن الانتخابات التي جرت سابقا، وسيعود بالأفضلية على المواطن التركي، وتزداد عمق التجربة الديمقراطية، ويستطيع المواطن التنعم ببلده وخيراتها، وبأجواء مليئة بالحرية السياسية، والتعبير، وما ينعكس على الإنتاجية”.
الكاتب والباحث المصري ياسر عبد العزيز، قال بدوره: “لا شك أن التجربة الديمقراطي التركية تزداد رسوخا، لاسيما في آخر 15 عامًا، ويزيد من هذا الرسوخ رغبة الشعب في تحكيم الصندوق بين الأحزاب المتنافسة”.
وشدد على أن “الملحمة التي صدرها الشعب التركي لصد محاولة الانقلاب في 15 تموز/يوليو عام 2016 خير شاهد على الرغبة في ترسيخ تلك التجربة الديمقراطية التي تعيشها تركيا، وجعلتهم يتمسكون أكثر بالحالة الديمقراطية التي يعيشونها”.
وعن مآلات الوضع التركي بعد الانتخابات، قال: “بالنسبة للشعب التركي ففد اعتدنا عليه أنه متحضر واع يفهم المعنى الحقيقي للديمقراطية، فالتنافس ينتهي بانتهاء إعلان النتائج، مسلمين في ذلك بما تتخذه اللجنة المشرفة على الانتخابات من إجراءات شفافة، ومؤكدين على نزاهتها”.
وأضاف: “تدخل تركيا الانتخابات المحلية والكل يأخذ فرصته والكلمة الأخيرة للشعب يدلي بها في الصندوق، الأحد”.
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=94212