رأى الباحث السياسي سعد الشارع أن “حركة أحرار الشام التي كان من المعروف عنها تحالفها وتنسيقها الوثيقين مع تركيا، باتت عاجزة عن تلبية طموح تركيا في الشمال السوري”، مضيفاً أن “تركيا كانت ترمي إلى إبقاء قبضة الجماعات الثورية المعتدلة مهيمنة على التطورات الإدارية والعسكرية في الشمال، ولكن حركة أحرار الشام، الحركة المعتدلة الأكبر في الشمال، فشلت في تحقيق ذلك، الأمر الذي دفع تركيا نحو البحث بجدية عن بديل للأحرار”.
وذلك في لقاء مع موقع ترك برس، قال فيه الشارع إن حركة أحرار الشام لم تستطع استكمال الخط التحالفي “الوظيفي” مع تركيا، خاصة بعد مقتل القادة المؤسسين لها في 9 أيلول/ سبتمبر 2014، على إثر انفجار بأحد مقراتها في بلدة رام حمدان التابعة لريف إدلب، أدى اإلى مقتل قائدها حسان عبود الملقب بـ”أبي عبدالله الحموي”، و45 قيادياً آخرين.
ويعمل الشارع في مركز الشرق للسياسات الواقع في مدينة غازي عنتاب التركية، كباحث أول مختص في شؤون الجماعات المسلحة، لا سيما تلك الفاعلة في سوريا.
وعن أسباب انحدار العلاقة بين الأحرار وتركيا، رأى الشارع أن النقاط التالية هي التي تشكل، على الأرجح، الأسباب التي أدت إلى نشوء علاقة فاترة بين الطرفين:
1ـ تنامي التيار القاعدي بحجم كبير داخل الحركة.
2ـ ضعف القيادة الجديدة وعدم مقدرتها على بلورة مشاريع سياسية وعسكرية وإدارية حقيقية.
3ـ تطور الأساليب التكتيكية لدى “جبهة النصرة” على المستويين العسكري والسياسي، وتحقيقها سيطرة شبه كاملة على مدينة إدلب، الأمر الذي تمخض عنه تصريحات أمريكية عن ضرورة تحرير المدينة من قبضة “النصرة”، الأمر الذي أثار الخوف لدى القيادة التركية التي وجدت ضرورةً في إيجاد بديل بشكل عاجل لتفادي احتمال اعتماد الولايات المتحدة على وحدات الحماية الكردية التي تشكل خطراً لأمنها القومي، والتي تعتبر الحليف الأكبر للولايات المتحدة في سوريا.
وفي ضوء هذه العوامل، أشار الشارع إلى أن القيادة التركية أخذت باعتماد سياسة جديدة تمثلت في تكثيف التواصل مع الفصائل ذات “العمق الإخواني” أو البعيدة كلياً عن الأدلجة، أي الوطنية، مبيناً أنه يمكن الحديث عن اتباع القيادة التركية أربع سيناريوهات في دعمها لفصائل مجابهة “لجبهة النصرة”:
1ـ الدعم بدوافع قومية؛ كدعم الحزب الإسلامي التركستاني الذي تعود أصول مقاتليه إلى العرق الأيغوري الذي يعود إلى الأصول التركية.
2ـ الدعم التشاركي أو التحالفي الأيديولوجي؛ كالتحالف مع فيلق الشام الذي انبثق عن فرع جماعة الإخوان المسلمين في سوريا، والتي تُعرف عنه علاقاته الجيدة مع الحكومة التركية.
3ـ دعم الفصائل غير المؤدلجة أو الوطنية؛ كجيش العزة وجيش نصر وتجمع أبناء الشام.
4ـ تعويم “جبهة النصرة” في إطار الدعم المرحلي؛ وهنا، وفقاً للشارع، يمكن أن تتبع تركيا أسلوب التوافق مع “جبهة النصرة”، وتوجيهها بما يكفل رفع خطر التدخل الدولي في إدلب، كدعوتها للتخلي عن إدارة المعابر الحدودية، والتوافق مع فصائل معتدلة أخرى تظهر بمظهر المهيمن في المنطقة، إلى أن يتم تحقيق توافق تركي ـ دولي شامل.
ويعتقد الشارع أن احتمال دعم الفصائل الأيديولوجية والوطنية هو الخيار الأمثل للحكومة التركية، مرجعاً ذلك إلى الترابط والتنظيم المتينين اللذين تتمتع بهما هذه الفصائل التي تتبنى مشاريع وطنية معارضة لمشاريع “بجبهة النصرة”.
وعقب طرحه للسيناريوهات أعلاه، تساءل الشارع: “في حال أخفقت تركيا في إحداث توافق مع “جبهة النصرة”، هل يمكن أن تكون الفصائل الأخرى قادرة على مجابهة جبهة النصرة التي تملك أكثر من 10 آلاف مقاتل، وتسيطر سيطرة شبه كاملة على الموارد الاقتصادية الخاصة بمدينة إدلب، والتي تتنوع ما بين معابر، وتحويلات مصرفية، وزراعة، وضرائب، وتجارة سلاح وغيرها؟”.
يذكر أن حركة أحرار الشام ظهرت للسطح كحركة جهادية ثورية في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2011، ونشطت، منذ تأسيسها وحتى الآن، في محيط مدينة إدلب وعدد من مناطق سوريا، ويبلغ عدد مقاتليها حوالي 25 ألف عنصر ما بين مقاتل، وإداري، وسياسي، وإعلامي.
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=24060