صرح الأمين العام لحلف الناتو، ينس ستولتنبرغ ضمن مقابلة مع وكالة أنباء “أسوشيتد برس”، أثناء تحوله إلى نيويورك، حيث تنعقد الدورة 72 للجمعية العامة للأمم المتحدة، أنه وبعد الحصول على منظومة الدفاع الجوي أس 400 الروسية، دخلت تركيا في مفاوضات بشأن شراء أسلحة مماثلة من إيطاليا وفرنسا.
وقد ذكر ستولتنبرغ عقب اجتماعه مساء يوم الاثنين مع الرئيس التركي، أن رجب طيب أردوغان قد أبلغه بانطلاق المفاوضات مع فرنسا وإيطاليا فيما يتعلق بشراء منظومة الدفاع الجوي أس أي أم بي/ تي التي تصنعها مجموعة “يوروسام” الفرنسية الإيطالية.
وخلال هذا اللقاء، دعا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي إلى معرفة ما ستؤدي إليه نتائج المفاوضات. كما أكد ستولتنبرغ على أنه يحق لكل دولة عضو في حلف شمال الأطلسي تحديد منظومة الأسلحة التي تريد شراءها.
من جانب آخر، أقر ينس ستولتنبرغ بأن أردوغان ملتزم بتعليمات حلف شمال الأطلسي قولا وفعلا. وفي الأثناء، وصف الأمين العام تركيا على أنها دولة رئيسية في إطار نظر أمن الناتو، نظرا لموقعها الاستراتيجي على الحدود العراقية والسورية.
إعلان
في 12 من أيلول/ سبتمبر، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن توقيع عقد مع موسكو لشراء منظومة الدفاع الجوي أس 400 الروسية.
وحيال هذا الأمر، أكد مساعد الرئيس الروسي لشؤون التعاون العسكري والتقني، فلاديمير كوزين، ضمن مقابلة أجراها مع وكالة “تاس” للأنباء، أن موسكو وأنقرة قد وقعتا عقدا لتزويد تركيا بأنظمة الصواريخ المضادة للطائرات أس 400، وهما بصدد الاستعداد لتنفيذ العقد.
ولسائل أن يسأل: هل تعتزم تركيا فعلا شراء منظومة الصواريخ الأوروبية أس أي أم بي/ تي، التي تعتمدها فرنسا وإيطاليا ضمن قواتها المسلحة (تطلق القوات الجوية الفرنسية على هذه المنظومة اسم “مامبا”)؟
إعلان
في 14 من تموز/ يوليو 2017، وقعت وزارة الدفاع الوطني التركية اتفاقا مع مجموعة يوروسام الأوروبية يقضي بتطوير وإنتاج مشترك لنظام الدفاع الجوي والصاروخي على الأراضي التركية.
وتعليقا على توقيع الاتفاق مع مجموعة يوروسام، أعلن وزير الدفاع التركي، فكري توفيق إيشيق، أن ذلك الاتفاق لا يتعارض مع الاتفاق مع روسيا بشأن شراء منظومة الدفاع الجوي أس 400، خاصة وأن برنامج شراء هذه المنظومة الروسية يستجيب لاحتياجات تركيا اليوم. في المقابل، تضمن الاتفاق المبرم مع يوروسام برنامج ثلاثي مشترك ذو أبعاد أكثر عمقا، لإنشاء منظومة دفاعية جوية مضادة للقذائف.
إعلان
في هذا الإطار، أورد الباحث في مركز تحليل الإستراتيجيات والتكنولوجيات ورئيس تحرير مجلة “تصدير الأسلحة” الروسية، أندريه فرولوف أن يوروسام تقوم بصنع وتطوير منظومة صواريخ أرض جو متوسط وطويل المدى من صنف أس أي أم بي/ تي إضافة إلى صواريخ أستر 15 وأستر 30 المضادة للصواريخ، لفائدة القوات المسلحة الفرنسية الإيطالية.
وفي سنة 2009، تم عرض منظومة أس أي أم بي/ تي ضمن المناقصة التركية للمشاركة في إنتاج منظومة الصواريخ التركية تي/ لوراميدس. وفي الأثناء، اختارت تركيا في البداية منظومة صواريخ “إتش كيو 9” الصينية، إلا أن الأمور لم تسر جيدا، وألغي الاتفاق.
والجدير بالذكر أن منظومة أس أي أم بي/ تي، قد صممت لحماية البنية التحتية الحساسة، بما في ذلك القواعد الجوية والموانئ ومواقع القوات، من أي استهداف عن طريق المركبات الجوية المأهولة وغير المأهولة، والقذائف الانسيابية والقذائف التسيارية المزودة بمجموعة من الطلقات تصل إلى 600 كيلومتر.
في سياق متصل، اتسم أردوغان بالحزم فيما يتعلق بمسألة توقيع عقد أس 400. وفي الوقت الراهن، بادر الرئيس التركي بالانخراط في محادثات تجارية مع شركاء مناسبين. في الواقع، لن يؤثر شراء هذا النظام على عضوية تركيا داخل الناتو، كما لن يولد أي مشاعر عداوة من قبل الغرب تجاهه، نظرا لأن هذه المنظومة تتلاءم مع نظام الدفاع الجوي لمنظمة حلف شمال الأطلسي. وبالتالي، يسير الرئيس التركي بخطى حثيثة نحو إعادة العلاقات الهشة مع الاتحاد الأوروبي.
وفي هذا الصدد، يعتقد رئيس مركز الدراسات الإسلامية التابع لمعهد التنمية المبتكرة، كيريل سيمينوف أن أنقرة ومن خلال التفاوض مع فرنسا وإيطاليا لشراء منظومة الصواريخ التابعة لها، قد تركت الباب مفتوحا للتعاون مع الجهات الأوروبية.
في حقيقة الأمر، أظهرت تركيا للغرب ومختلف حلفائها اهتمامها بتطوير التعاون العسكري والتكنولوجي مع روسيا. وبالتالي، أثبتت أنقرة أن لديها بديلا يمكن أن تعتمد عليه فيما يتعلق بمشتريات الأسلحة والتنمية الاقتصادية، على حد السواء. وفي الوقت نفسه، تهتم تركيا بوسائل الدفاع الجوي المصنعة في الدول الأوروبية.
ومن المثير للاهتمام أن أنقرة تحاول أن تؤكد للجميع أنه لا دخل لها فيما يتعلق بتدهور العلاقات مع برلين وإنما الأمر يعود إلى القيادة الألمانية. والأهم من كل ذلك، عمدت تركيا إلى إظهار مسألة التقارب مع روسيا، على اعتبارها خطوة قسرية بالنسبة لها، على خلفية تدهور العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية بشأن القضية الكردية، وغيرها من القضايا العالقة.
وفي الأثناء، يبقى السؤال العالق: من هي الجهة التي تحاول أنقرة حماية نفسها منها من خلال تعزيز منظومة الدفاع الجوي الصاروخي الخاص بها؟
في واقع الأمر، لا يعتبر دعم أنقرة لمنظومتها الدفاعية الصاروخية موجها ضد شخص معين، حيث أن هذه المساعي شبيهة بتحركات روسيا، التي بادرت بشراء سفن “ميسترال”، وذلك من أجل إثبات قوتها على الصعيد العالمي. ومن خلال شراء منظومة دفاع جوي، يحاول أردوغان إنشاء منظومة دفاع قوية، حتى يبين أنه على استعداد للرد على أي تهديدات أو تحديات قد تواجه دولته.
في الوقت الراهن، تعتمد تركيا على الطائرات القتالية في إطار الدفاع الجوي. ولكن شراءها لمنظومة أس 400 ومنظومة أس أي أم بي/ تي سيساهم في تعزيز قدراتها الدفاعية والصاروخية بشكل كبير. وفي السياق ذاته، يمكن تفسير شراء منظومات الدفاع الجوي، بالعودة إلى الخطابات السياسية، على أنها آليات للتصدي للإرهاب، علما وأنه لم يتم توظيف استراتيجيات من هذا القبيل ضمن عمليات التصدي للإرهاب.
ولكن، ما هي الفوائد التي ستعود علي تركيا في حال تنفيذ صفقة أس أي أم بي/ تي؟
في الحقيقة، تهتم أنقرة اهتماما كبيرا بتكنولوجيا إنتاج الأسلحة والمعدات العسكرية، وذلك من أجل تطوير مجمعها الصناعي العسكري. فعلى سبيل المثال، ساهمت تركيا بنسبة 60 بالمائة في إنتاج دبابة القتال “ألتاي”، في حين تعود بقية التكنولوجيات المستخدمة إلى كوريا الجنوبية.
إعلان
وفي الأثناء، يعادل “مدفع هاوتزر” ذاتي الحركة 155 ملم فيرتينا (مدفع ميدان ثقيل ذو تصنيع تركي بترخيص من كوريا الجنوبية) المدفع الكوري الجنوبي ذاتي الدفع الهاوتزر كي 9 (الرعد). من ناحية أخرى، تعادل منظومة صواريخ عيار 302 ملم وصواريخ “تي 300” التي تصنعها شركة روكيتسان التركية راجمات الصواريخ الموجهة الصينية (وي سي) التي تصنعها شركة “ﺳﻴﺸﻮﺍﻥ” ﺍﻟﺼﻴﻨﻴﺔ ﻟﺼﻨﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻔﻀﺎء.
إعلان
إعلان
ترك برس
إعلان
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=27380