تظل يوميات اللاجئين السوريين مظللة بالتراجيديا والألم بفعل الواقع الذي يعيشه مئات الآلاف منهم بعد أن هجروا من بيوتهم قسرا جراء الحرب المدمرة التي تعيشها بلادهم منذ منتصف مارس عام 2011.
وعلى الرغم من الأزمة السورية التي دخلت عامها السابع لكن الكثيرين من اللاجئين لم يجدوا بعد مأوى آمنا يلجأون إليه حيث تكشف الأيام المزيد من قصص المعاناة التي طبعت حياة هؤلاء وجعلت أيامهم تمر بطيئة حين تحولت إلى حزن وترح.
بيد أن أكثر المتضررين من الأزمة تلك الأسر التي فقدت المعيل فأصبح الأبناء يتامى وأمهاتهم أيامى فألقيت أعباء الحياة على كاهلهن وأصبحن مرغمات على التكيف مع الوضع الجديد حين ترك المعيل مكانه شاغرا إلى غير رجعة.
ومع ذلك فإن تلك الأسر لم تفقد الأمل أو تيأس من السعي طلبا للقمة العيش الكريم ومحاولة التكيف مع الوضع الجديد بحثا عن الاندماج والتعايش مع الواقع الذي فرض نفسه عليها.
وكان للدعم الكويتي السخي دوره البارز في خلق جو من الاستقرار للأسر المستفيدة منه حيث وجد هؤلاء اللاجئون الطريق الآمن الذي زرع البسمة مجددا على محياهم بعد أن عزت عليهم لسنوات إذ قدمت جمعيات ومؤسسات كويتية العون من خلال إيواء عائلات الأيتام وتعليمهم وبرامج التدريب على بعض المهن للأمهات وتحويلهن من مرحلة الاحتياج إلى الإنتاج.
ومن بين تلك الأسر عائلتا خليل والمحمد اللتان استفادتا من دعم جمعية الهلال الأحمر الكويتي بعد أن عانتا الأمرين ووصلتا بصعوبة بالغة للأراضي التركية.
وروت خديجة خليل لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) قصتها المريرة مع اللجوء التي يندى لها الجبين حيث عانت مع أولادها ظروفا قاسية بعد وفاة زوجها في ظروف غامضة قرب مدينة حلب.
وأضافت خليل أنها انتقلت للعيش في ريف حلب الشمالي مع عائلة زوجها واضطرت في تلك المرحلة إلى القيام ببعض الأعمال التي تصعب على الرجال من خلال العمل في جني حصاد الحقول الزراعية مقابل أجر لا يذكر.
وأوضحت أنه حتى الأولاد لم تتح لهم فرصة عيش طفولتهم فقد كان أكبرهم ذو ال 14 عاما يساعدها في مختلف الأعمال التي تقوم بها بينما يبقى أخوته يعانون غيابهما خصوصا أصغرهم الذي لم يتعد عمره بعد الثلاثة أعوام.
وأشارت إلى أن هذه المعاناة جعلتها تبحث عن أقصر طريق للوصول لتركيا ولم يكن الطريق سالكا أو سهلا إذ وصلت إلى هناك بعد رحلة شاقة محفوفة بالمخاطر.
وأضافت أنها بعد وصولها تلقتها جمعية الشام لرعاية وكفالة الأيتام بمدينة (غازي عنتاب) جنوب شرق تركيا التي تمولها أيادي أهل الخير من دولة الكويت حيث وفرت لها منزلا مؤجرا مع تكاليف الإعاشة لها ولأسرتها إلى جانب توفير برنامج للتدريب في مجال الخياطة ودروس في القرآن الكريم والتجويد.
وبينت خليل أن أولادها تمكنوا من خلال مساعدة الهلال الأحمر الكويتي من الالتحاق بالمدارس بأمن وأمان وتعلم اللغة التركية والاستفادة من برامج الدعم النفسي والأنشطة الاجتماعية التي تمولها الجمعية.
من جانبها قالت منى المحمد ل (كونا) إن وفاة زوجها تسبب في زيادة معاناة العائلة فبقي أفرادها دون معيل أو معين.
وأوضحت المحمد أن هذا الأمر دفعها وابنها الأكبر البالغ من العمر 11 عاما للعمل بأجر زهيد لسد احتياجات العائلة وبقية الأبناء الذين يبلغ أصغرهم من العمر ثلاثة أعوام.
وأشارت إلى أنها دخلت تركيا مع أولادها برفقة عمها منذ ستة أشهر حيث التحقت العائلة بعد دخولها الأراضي التركية بجمعية الشام لرعاية وكفالة الأيتام التي يساهم الهلال الأحمر الكويتي في تمويل أنشطتها وكان له دور كبير في تغيير ظروفهم الصعبة.
وبينت أن الدعم الكويتي ساهم في إبداعها الكثير من الأعمال المهنية واليدوية إضافة للتميز في حفظ القرآن وتجويده في حين وجد الأولاد الفرصة للالتحاق بالدراسة بعد انقطاع عنها وأصبح الصغار منهم مؤهلين لدخول المدارس.
وأعربت المحمد عن شكرها لدولة الكويت وشعبها على الدعم الذي مكنها وأولادها من العودة إلى حياتهم الطبيعية من خلال توفير فرص عمل وتمكين الأبناء من مواصلة تعليمهم في جو من الأمن والاستقرار.
وتعد عائلتا خليل والمحمد نموذجا مصغرا من النماذج التي تلقت مساهمات أهل الخير في دولة الكويت للتخفيف من معاناة اللاجئين السوريين والوقوف معهم في محنتهم التي طال أمدها.
ولدولة الكويت ومؤسساتها دور كبير في دعم العمل الإغاثي والإنساني الذي لاقى استحسان المجتمع الدولي وتوج هذا الاستحقاق بتكريم الأمم المتحدة في مقرها بنيويورك في 9 سبتمبر عام 2014 سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح بتسمية سموه (قائدا للعمل الإنساني) وتسمية دولة الكويت (مركزا للعمل الإنساني) تقديرا لجهود سموه في نصرة القضايا الإنسانية والدور الإنساني الكبير الذي تؤديه الكويت في هذا المجال.
وتواصل دولة الكويت وشعبها عطاءهما غير المحدود في اغاثة المحتاجين والمنكوبين جراء الحروب أو الكوارث الطبيعية في جميع أنحاء العالم فيما يواصل الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية تمويل مشاريع في الدول العربية والدول النامية في شتى المجالات لتطوير اقتصاداتها.
وأدى سمو أمير البلاد دورا مهما وحاسما في الجانب الانساني للأزمة السورية منذ بدايتها من خلال استضافة دولة الكويت ثلاث مؤتمرات للمانحين لدعم الوضع الانساني في سوريا ثم مشاركة سموه في ترؤس المؤتمر الرابع الذي عقد بالعاصمة البريطانية لندن في فبراير 2016.
وترأس سمو أمير البلاد أيضا وفد دولة الكويت بالقمة العالمية للعمل الإنساني في مدينة إسطنبول التركية خلال شهر مايو 2016 وقمة القادة لمناقشة أوضاع اللاجئين في مقر الأمم المتحدة بمدينة نيويورك في سبتمبر 2016.
وأنشأت الكويت قرية (الشيخ صباح الأحمد) لإيواء اللاجئين السوريين بتوجيهات من سمو أمير البلاد في مدينة (كليس) جنوبي تركيا ضمت 1248 بيتا جاهزا الى جانب بناء وتجهيز مدارس ومراكز طبية ومساجد ومركز للخدمات الاجتماعية بالمستلزمات الضرورية.
كما أنشأ بيت الزكاة الكويتي مشغلا للخياطة بالتعاون مع هيئة الاغاثة الإنسانية التركية في مايو 2016 في حين قدمت الرحمة العالمية بجمعية الاصلاح الاجتماعي بالتعاون مع جمعية الشفقة العالمية مشروع المرحوم سليمان العقيلي وحرمه للتدريب الحرفي للاجئات السوريات في بلدة (الريحانية) بمدينة (هاطاي) جنوبي تركيا لتدريب وتوفير فرص عمل لأمهات أيتام اللاجئين السوريين.
وتم افتتاح مركز الكويت الطبي للأطراف الصناعية في مدينة إسطنبول التركية في أبريل الماضي بهدف خدمة المصابين السوريين والتخفيف من معاناة الأشخاص الذين فقدوا أطرافهم بدعم وتمويل من بيت الزكاة الكويتي وبتنفيذ من هيئة الإغاثة الإنسانية التركية.
كما ساهمت الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية وبيت الزكاة الكويتي وجمعية النجاة الخيرية وجمعية الهلال الأحمر الكويتية والرحمة العالمية بجمعية الإصلاح الاجتماعي وجمعية السلام للأعمال الإنسانية والخيرية الكويتية ومتبرعون من شعب الكويت المعطاء في تسيير قوافل مساعدات انسانية الى الشعب السوري في الداخل وفي مخيمات اللاجئين في دول الجوار.
وأجرى فريق الشفاء الكويتي الانساني برعاية بيت الزكاة الكويتي في نوفمبر 2015 وفبراير 2017 عمليات جراحية للمصابين جراء الحرب في سوريا بمستشفى الأمل في (الريحانية).
وأيضا سيرت الرحمة العالمية قافلة طبية بالتعاون مع الجمعية الطبية الكويتية لعلاج اللاجئين السوريين في حين أوفدت جمعية صندوق إعانة المرضى الكويتية وفدا طبيا لعلاج المصابين السوريين في يناير الماضي. (النهاية) ر س / ت ب
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=26025
رنا حبالمنذ 7 سنوات
نتمنى من الجهة الداعمة فتح مراكز لعلاج التوحد