يولّي الأتراك -كسائر العالم الإسلامي- اهتمامًا بالغًا بليلة القدر، التي قال فيها المولى عزَّ وجلَّ “ليلةٌ خيرٌ من ألفِ شهرٍ”.
وكاستقبالهم الحافل لشهر رمضان، الذي تُمد من أجله حبال الأنوار المعلقة بين مأذن المساجد الشهيرة في مدينة اسطنبول حاملة عبارات مثل “أهلا سلطان الأحد عشر شهرًا”، تشهد ليلة القدر، التي يتم الاحتفال بها في ليلة السابع والعشرين من رمضان، استقبالا يحرص الأتراك على أن يليق بجلال تلك الليلة وعظمتها في نفوس المسلمين.
وحظيت ليلة القدر منذ أيام الدولة العثمانية بمكانة خاصة، حيث جرَت العادة عند الأتراك أن يهنئوا بعضهم البعض بقدوم ليلة القدر، وهي من العادات التي ما زالت متوارثة لديهم حتى اليوم، حيث يتبادل الجميع الرسائل بالتهاني بحلول تلك الليلة مذكرين بفضلها العظيم.
ويسمي الأتراك الليال الخاصة في الشهور الهجرية كليلة القدر وليلة الإسراء والمعراج وذكرى ميلاد الرسول (ص) وغيرهم بالقنديل، لأنهم يعتبروها كالنجمة والضوء الوهّاج مقارنةً مع غيرها من ليالي العام.
إعلان
وتكتظ مساجد تركيا وباحاتها بالمصلين رجالا ونساءً وأطفالا، حيث شهد مسجد السلطان أحمد على سبيل المثال العام الماضي في تلك الليلة احتشاد نحو 25 ألف مصلٍ.
ويعد مسجد السلطان أحمد من أشهر مساجد اسطنبول وأكثرها ازدحامًا خلال شهر رمضان.
كذلك يحيي الأتراك صلاة التسابيح، والتي يستحبُّ إقامتها في هذه الليلة الفضيلة، ويدعوا الإمام في آخر الليلة أحياناً في المسجد دعاءً طويلاً، ويعطي الأولوية به في الدعاء للمسلمين عامةً.
إعلان
وفي بعض المساجد إذا كان الخطيب قد تتلمذ من المدارس التقليدية على العادات العثمانية، فإنه يقوم بشرح فضائل ليلة القدر عبر الأدلة الصحيحة والموجهة من القرآن الكريم والسنة النبوية.
وتختلط الدموع بالأصوات المرددة للدعاء الذي أوصى به الرسول محمد (ص) لزوجته عائشة، أن تقوله في ليلة القدر”اللهم إنك عفوٌ كريمٌ تحبُّ العفو فاعفوا عنّا”، رغم صعوبة نُطقه بالنسبة للأتراك.
إعلان
كذلك فإنه يكثر في تركيا جلسات الذكر التي يتلى فيها المدائح النبوية، إضافة إلى بعض الأناشيد الدينية باللغة التركية.
واعتاد الأتراك أيضًا في هذه الليلة المباركة، توزيع حلوى “السميت” في البيوت، بالإضافة إلى تبادل التهاني فيما بينهم، ومطالبة بعضهم البعض بالدعاء بظهر الغيب، والدعاء للمرضى والمظلومين والمحتاجين.
وتحظى ليلة القدر في السنوات الأخيرة بمشاركة واسعة من قبل الجالية العربية المقيمة في إسطنبول، إلى جانب المصلين الأتراك، فالجميع جنبا إلى جنب: تركي وعربي، غني وفقير، كبير وصغير، الجميع يتضرع إلى الله بالدعاء حتى مطلع الفجر، آملين أن يكتبهم الله من العتقاء من النار في تلك الليلة المباركة.
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=57164