عادت مدينة إدلب لتتصدر مشهد التحليلات السياسية والعسكرية عقب القمة التركية- الروسية، التي عقدها الرئيسان رجب طيب أردوغان وفلاديمير بوتين، في العاصمة موسكو، الأربعاء 23 من كانون الثاني.
“تصريحات مقتضبة” كانت نتاج حديث الرئيسين في المؤتمر الصحفي الذي أعقب القمة، واكتفى بوتين بالحديث عن بذل كثير من الجهود من أجل استقرار المنطقة، والخطوات التي يمكن اتخاذها للحفاظ على استقرار الوضع هناك، والقضاء على “الجماعات الإرهابية”، بحسب وصفه، في إشارة إلى “هيئة تحرير الشام” التي بسطت سيطرتها على مناطق واسعة من إدلب خلال الأسابيع الماضية، الأمر الذي قوبل بتأييد الرئيس التركي عندما قال إن “تركيا وروسيا ستواصلان قتالهما ضد المنظمات الإرهابية في إدلب السورية”.
وأشار بوتين إلى إجراء وزيري دفاع البلدين التركي، خلوصي آكار، والروسي، سيرغي شويغو، محادثات بشأن تحركهما في إدلب واتخاذهما الإجراءات على الفور، لكنه لم يحدد طبيعة تلك الإجراءات.
وكانت تركيا توصلت إلى اتفاق مع روسيا، في 17 من أيلول الماضي، يتضمن إنشاء منطقة منزوعة السلاح بين مناطق المعارضة ومناطق سيطرة النظام في إدلب.
إعلان
وتحددت المنطقة العازلة بعمق 15 كيلومترًا في إدلب و20 كيلومترًا في سهل الغاب بريف حماة الغربي، على أن تكون خالية من الأسلحة الثقيلة، بما فيها الأسلحة المدفعية والدبابات.
قمة الزعيمين لم تبح بكل أسرارها للإعلام، ولم تظهر ما تم تداوله بين الطرفين خلف الأبواب المغلقة، بانتظار ما ستؤول إليه الأمور على الأرض في المستقبل القريب، خاصة وأن مستقبل إدلب مرتبط بمصير المنطقة الآمنة التي تسعى تركيا إلى إنشائها في شمالي سوريا.
وتسعى أنقرة إلى إنشاء منطقة آمنة على طول الحدود السورية بطول 30 كيلومترًا، في خطوة لاحتواء “وحدات حماية الشعب” (الكردية) المتهمة بتبعيتها لـ”حزب العمال الكردستاني” والمدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية، وسط تخوفات من المعارضة السورية بأن تكون هناك صفقة بين البلدين وعملية مقايضة تقوم على موافقة روسيا على إنشاء المنطقة الآمنة، مقابل تخلي أنقرة عن أجزاء من إدلب لصالح النظام السوري.
إعلان
حشود عسكرية تنذر بمعركة
وتزامنت القمة مع تعرض بلدات في المنطقة منزوعة السلاح إلى قصف من قبل قوات الأسد وخاصة ريفي حماة الغربي والشمالي، كما تعرضت بلدة التح في ريف إدلب الجنوبي إلى سقوط أكثر من 16 قذيفة صاروخية، الجمعة 25 من كانون الثاني، بحسب رئيس المجلس المحلي، مياد الغجر، الذي أوضح لعنب بلدي أن 90% من أهالي البلدة نزحوا بسبب القصف المدفعي والصاروخي من جانب قوات الأسد والميليشيات المساندة لها.
إعلان
ويأتي ذلك عقب حشود عسكرية لقوات الأسد في المنطقة، إذ وصلت الأسبوع الماضي وحدات عسكرية من “الفرقة التاسعة” و”قوات النمر” بدلًا من قوات “الفرقة الرابعة”، والتي تعرف بهيمنة إيران عليها.
كما وصل، في 18 من كانون الثاني الحالي، العميد في قوات الأسد وقائد “قوات النمر”، سهيل الحسن، إلى ريف حماة الشمالي في زيارة تفقدية للجبهات، بعد أسبوع من زيارة أجراها وزير الدفاع في حكومة النظام، علي أيوب، للجبهات في المنطقة أيضًا.
من جهته اعتبر القيادي في فصيل “جيش العزة”، العامل في ريف حماة الشمالي، محمود الحمود، أن الحشود التي استقدمها النظام السوري إلى محيط إدلب توحي بعمل عسكري في الأيام المقبلة.
وقال القيادي لعنب بلدي إن الحشود رافقها تحليق لطيران الاستطلاع فوق الجبهات، وتحليق للطيران الحربي الروسي، مضيفًا أن “الروس والنظام والإيرانيين لا عهد ولا ميثاق لهم ويجب التعلم من الخطأ، ويجب وضع احتمال الحرب قبل السلم في الشمال”.
وأكد القيادي أن على الفصائل العسكرية العاملة في الشمال رفع الجاهزية والتحصين، استعدادًا لأي تحرك من جانب قوات الأسد المدعومة من روسيا.
المصدر: عنب بلدي