كشف أول تحليل كامل وناجح لجينوم سكان مصر القدماء، أي شفرة الفراعنة الوراثية، تم بنجاح حديثا، أن جذورهم من “بلاد الشام” وتركيا بالشرق الأوسط، وليسوا أفارقة الأصل من وسط القارة السمراء كسكان مصر الحاليين، وفقا لدراسة نجدها بالعدد الحالي من دورية Nature Communications الصادرة عن مجلة Naturee العلمية البريطانية الشهيرة، وخبرها بارز اليوم بوسائل إعلام دولية في كل القارات وبمعظم اللغات الحية.
المجلة نشرت ملخصا عن الدراسة التي قد تكون صادمة للبعض، لما فيها من إشارات، معززة بأدلة علمية توحي أن بناة إحدى أهم حضارات التاريخ القديم، ليسوا أصلا من سكان البلاد التي أقاموها فيها، على حد ما استنتجته “العربية.نت” من قراءتها في موقع المجلة للملخص الشارح أن العلماء تمكنوا من تحليل الحمض النووي لتسعين مومياء، عاش أصحابها من 1400 قبل الميلاد حتى 400 بعده، ووجدوا أن جيناتهم ليست محلية، أي أفريقية الجذور، بل موروثة من شعوب سكنت سوريا والأردن وفلسطين ولبنان، كما المنطقة المعروفة حاليا في تركيا باسم شبه جزيرة الأناضول بقسميها الآسيوي والأوروبي.
الدراسة التي شارك فيها علماء من فرع لمعهد Max Planck institutes بجامعة مدينة Jena الألمانية، تمت بالتنسيق مع الدكتورة Verena Schünemann من جامعة Tübingen في مدينة شتوتغارت، وهي الجامعة الموجودة فيها معظم المومياءات التي تم فحص حمضها النووي، فيما يوجد عدد آخر بمتاحف ألمانية عدة، وجميعها تم العثور عليها في عمليات حفر ببداية القرن الماضي، وفي منطقة واحدة، هي “أبو صير الملق” التابعة لمركز الواسطى في محافظة بني_سويف، البعيدة جنوبا 124 كيلومترا عن القاهرة.
نتائج فحص الحمض النووي لما تم تحليله كان واحدا دائما
إعلان
وأظهرت نتائج تحليل المجموع الوراثي للجثث المحنطة، أن سكان_مصر تغيروا خلال 1500 سنة مضت بشكل كبير، وفق “نيتشر كومونيكيشنز” المشيرة بالدراسة المنشورة فيها إلى أن المصريين القدماء، أي الفراعنة “ارتبطوا على مدى آلاف السنين بشكل وثيق مع سكان الشرق الأوسط، بينما يظهر على السكان الحاليين التأثر بقوة بسكان المناطق الأفريقية جنوب الصحراء الكبرى”، وفق ما قرأت “العربية.نت” مما كتبه علماء الدراسة التي تسلمتها الدورية منهم في 19 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وقبلتها في 20 أبريل/نيسان 2017 ثم نشرتها أمس الثلاثاء.
كل ذلك تم بعد أن نجح العلماء الآن بما كان في الماضي صعبا، نظرا للظروف المناخية التي حفظت فيها المومياوات في مصر، وبسبب المواد الكيميائية المستخدمة بالتحنيط، وهو تمكنهم من فك شفرة مجموعها الوراثي، عبر إعادة تجميع الحمض النووي للهياكل المسؤولة عن تحويل الطاقة الغذائية إلى شكل يمكن للخلايا استخدامه. ومع أن الفترة الرئيسية التي ركزت عليها الدراسة شملت ذروة العهد الفرعوني، إضافة إلى حكم الإسكندر الأكبر لمصر، وبعده الحكم الروماني، إلا أن نتائج فحص الحمض النووي لأصحاب الجثامين التي تم تحليلها كان واحدا دائما، أي من بلاد الشام وتركيا بشكل خاص، وهو ما فاجأ الباحثين.
كيف أصبح المصريون شعبا مختلفا عن الفراعنة؟
إعلان
القائمون بالدراسة اعترفوا بنهايتها أنهم لا يعتمدون نتائجها على مصر كلها، لأن الفحص شمل مومياوات جاءت من مكان واحد “لذلك نحتاج إلى مزيد من الدراسات الجينية لبقايا بشرية قديمة من جنوب مصر ومن السودان قبل أن نتمكن من التوصل لاستنتاجات أكيدة”، .