تُشير الباحثة الصحفية، رولا جبريل، إلى فشل الغرب وأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، في اجتياز امتحان أزمة اللاجئين الناجمة عن الحرب في سوريا، والتي تحمل عبئها الدول الثلاث المجاورة، تركيا والأردن ولبنان.
وأعدّت رولا جبريل، دراسة ميدانية حول أزمة اللاجئين، من خلال زيارة المخيمات في تركيا والأردن ولبنان، والتحدّث مع اللاجئين وأصحاب القرار، لتُنشر في الطبعة الدولية لصحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية.
ومن أهم نقاط الدراسة المعنونة بـ”الفرق في تعامل تركيا مع اللاجئين”:
1. أوروبا والولايات المتحدة أظهرتا موقفًا هزيلًا فيما يتعلق بالجهود والمبادئ الإنسانية والأخلاقية تجاه أزمة اللاجئين التي نجمت عنها تحديات وتهديدات وأعباء مالية وسياسية واجتماعية كبيرة ضد تركيا والأردن ولبنان.
2. تعدّ تركيا الدولة الأكثر مراعاة لكرامة اللاجئين السوريين، مقارنة مع الدول الأخرى، وينبغي التركيز على أهمية هذا الموقف بشكل جيد.
3. من الضروري التعامل مع أزمة اللاجئين على أنها “أزمة إنسانية”، إلا أن مواقف الولايات المتحدة المعروفة بـ”القوة العظمى” مع إدارة دونالد ترامب، والاتحاد الأوروبي، كانت عكس ذلك تمامًا، إذ قامت بإغلاق أبوابها أمام اللاجئين.
وتقوم تركيا القوة الإقليمية، بما ينبغي على القوى العظمى والكبرى القيام به، وتعمل على ملء الفراغ الذي تسببت به القوى الكبرى.
4. وتنظر تركيا تجاه اللاجئين السوريين على أنهم “ضرورة اجتماعية ينبغي إدارتها”، ولا تعتبرهم “مشكلة تستدعي الحل”، وهذا الأمر يُميّزها عن سواها من الدول.
5. ولاية غازي عنتاب التركية، تحتضن حوالي 600 ألف لاجئ سوري وتتقرب إليهم كأناس ذوي كرامة، لتكون خير قدوة في هذا الإطار.
رئيسة بلدية غازي عنتاب، فاطمة شاهين، تؤدي مهامها على أكمل وجه كحامية لحقوق اللاجئين، وتشكّل الولاية بفضلها قدوة للدول والمدن الغربية، من حيث الإغاثة والإدارة والتنمية الإنسانية والحوار.
هذه النقاط تُلخّص في الحقيقة، الموقف الإنساني والأخلاقي التركي تجاه أزمة اللاجئين، ونأمل أن تكون دراسة رولا وسيلة لتغيير الموقفين الأمريكي والأوروبي تجاه الأزمة من جهة، وتجاه تركيا من جهة أخرى.
وتعدّ مبادر “العنصر الإنساني”، التي تُشرف عليها تركيا، رائدة في هذا الشأن وخاصة أنها مبادرة اجتماعية يتعاون عليها المجتمع المدني مع الدولة، وتهدف إلى تعزيز الشركات السورية في البلاد، وتعمل على زيادة مساهماتها في الاقتصاد التركي.
تركيا تبحث عن الحلول بإمكاناتها الشخصية
إن موقف تركيا تجاه أزمة اللاجئين قائم على “مبدأ الضيافة غير المشروطة”، وفتح أبوابها أمام أصدقائها السوريين الذين تجاوز عددهم في أراضيها 3.2 ملايين شخص وفقًا لمعطيات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، حزيران/يونيو 2017.
وعند النظر إلى معطيات العام الماضي، فإن تركيا هي أكثر دول العالم استضافة للاجئين، وقد أشار تقرير للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى أن كل 6 من أصل 10 لاجئين سوريين يقيمون في تركيا، أي أن 54 في المئة من إجمال السوريين في الخارج يعيشون في تركيا.
كما تُشير إحصاءات رسمية في تركيا، إلى أن عدد الشركات التي أنشأها اللاجئون السوريون بلغ حوالي 7 آلاف شركة، ويُتوقع أن يكون العدد الحقيقي هو 30 ألف شركة تقريبًا.
وقالت مؤسسة الإحصاء التركية، مؤخرًا، إن عدد الشركات ذات الرأس المال الأجنبي التي تأسست في تركيا خلال العام 2015، بلغ 4729، بينها 1599 تضم شركاء سوريين.
ويجب التنويه في النهاية إلى ان تركيا، وخلال إدارتها لأزمة اللاجئين، تعرضت لمحاولة إنقلاب وهجمات إرهابية، وباتت سوريا والعراق على حدودها في وضع منهار، ورغم كل هذه التهديدات، لم تتراجع عن موقفها الأخلاقي.
بقلم البروفسور فؤاد كيمان، مدير مركز اسطنبول للسياسات، ومدرس العلاقات الدولية بجامعة صبانجي التركية
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=28805