ما تزالُ أخبار اللاجئين السوريين تتصدر عناوين الصحف والمجلات الأوروبية منذ أكثر من عامين ونصف، ولازالت المحاكم الأوروبية مشغولة بقضايا فرزهم إلى دول الاتحاد الأوروبي.
وحققت كرواتيا المفاجأة الأكبر لآلاف من السوريين، حيث تستقبل هذه الدولة المئات من اللاجئين منذ منتصف عام 2017 م، كما أنّها استقبلت مؤخرا المئات من الشبّان والعشرات من العوائل، بعد صدور قراراً يرفض طعنها بعدم قبول برنامج الحصص المفروض عليها.
وتتجهز حالياً لاستقبال أكثر من 250 عائلة سورية، ضمن برنامج الهجرة التابع لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في تركيا.
ورغم أنّ كرواتيا وجارتها سلوفينيا اللتين عبّرتا عن رفضهما للقوانيين التي صدرت من قبل محكمة لوكسمبورغ الأوروبية بين عامي 2016-2017، إلاّ أنّها لا تستطيع تجاوز قرار المحكمة.
وكما أنّها لا ترغب باستقبال اللاجئين بسبب ظروفها الإقتصادية، إلاّ أنّ اللاجئين أيضاً لم يرغبوا بالقدوم إليها، فمنهم من أقام لمدّة عامين في (النمسا وألمانيا وهولندا والنرويج) إلاّ أنّه تمّ ترحيلهم من تلك الدول إلى كرواتيا وسلوفينيا.
أحد اللاجئين السوريين من مدينة إدلب، وصل مؤخراً إلى كرواتيا، ويعمل مصوراً في معارض النّمسا، وقد أُعيدَ إلى هذه الدولة بعد أن دُعي لحضور (محكمة دبلن-3) المختصة بنظام البصمات، والتي أخبرته بعد عام ونصف أنّ النمسا ليست البلد المخصصة لإقامته بها.
وبالرغم أنّ محاميته قد أخبرته بأنّه لم يعد باستطاعة الشرطة ترحيله؛ إلاّ أنّ ذلك الوعد لم يتم الوفاء به، فقد تم ترحيله، ووصل إلى العاصمة الكرواتية (زغرب).
يقول الشاب الذي يقيم حالياً في أحد الفنادق المخصصّة للاجئين بالعاصمة الكرواتية: “لقد تعلمت اللغة الألمانية، وحصلت على إقامة صالحة، وبدأت بالعمل، ولكن تمّ استدعائي لحضور محكمة قانون دبلن، بعد أن أوكلت محامية لتتابع قضيتي هناك، وقد أخبرتني أنّ وضعي لا يدعو للخوف والقلق من الترحيل؛ إلاّ أنّ الشرطة النمساويّة كانت تنتظرني لوضعي في قائمة المُرّحلين إلى كرواتيا”.
ويضيف الشاب بحديثه لأورينت نت: “لا أستطيع حتى الآن تصديق ما حدث لي، أو التعايش مع مكاني الحالي. لقدّ كان الأمر غريباً جداً وشعوري لا يوصف أبداً عندما تمّ ترحيلي دون أغراضي، ولم يُسمح لي بالعودة إلى منزلي لآخذ ممتلكاتي الخاصّة، مما اضطرني إلى التحدّث مع رفاقي النمساويين لإحضار ملابسي وأغراضي الشخصيّة إلى كرواتيا من هناك”.
وينتظر الشاب كالمئات غيره من العوائل السوريّة في كرواتيا قرار المحاكم الأوروبية التي لم تمنحهم حقّ الإقامة في كرواتيا حتى الآن.
وينقسم اللاجئين السوريين إلى صنفين، أحدهم يقيم في فندق قديم داخل العاصمة (زغرب) ويحوي حوالي خمسمئة غرفة، ومعسكراً آخر يضمّ المئات منهم أيضاً، وآخرون يعيشون في منازل بعد أن حصلوا على حق الإقامة.
وكانت كرواتيا أعطت حزمة من الإقامات منذ أوائل العام الجاري للمئات من اللاجئين السوريين القادمين من اليونان، والمُرّحلين من عدّة دول مجاورة، إضافة لمنحها حق السكن لهم لمدّة عامين على نفقة الحكومة، كبداية للحياة فيها، وبعد ذلك يجب على اللاجئ العمل ودفع الضرائب، والمساهمة بإدماج نفسه بنفسه في هذا المجتمع. كما يتوجّب عليه تعلّم اللغة الكرواتية بمفرده، وذلك على عكس الدول الأوروبية الأُخرى التي تدعم اللاجئين وتساعدهم في عملية الاندماج مع البلد المضيف.
وتعتبر الإقامات التي تمنحها الحكومة الكرواتية للاجئين صالحة لمدّة خمس سنوات، حيث يُسمح لحامليها العمل والتنقل داخل دول الاتحاد الأوروبي مع مراعاة وجود عنوان له في كرواتيا والتواصل الدائم مع المسوؤلين عن أموره.
وتعدّ كرواتيا من الدول حديثة العهد في الاتحاد الأوروبي، حيث انضمّت عام 2013م، وتعتبر دولة سياحيّة، لكنّها لاتعتبر من الدول الغنّية، فمعظم مواطنيها مهاجرين خارج أراضيها ممّا يجعل اللاجئين محبطين فيها، كما يقولون.
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=54253