كثّفت روسيا جهودها لإنهاء ملف انسحاب مقاتلي «جيش الإسلام» من مدينة دوما، آخر معاقل المعارضة في الغوطة الشرقية، قبل قمة أنقرة بين روسيا وتركيا وإيران. وفيما تتجه الأنظار نحو القمة وأثرها في توزيع مناطق النفوذ شمال وشمال شرقي سورية، أمهل الجانب الروسي فصائل المعارضة في القلمون الشرقي ثلاثة أيام، للاختيار بين تسليم السلاح الثقيل وتسوية الأوضاع وفق تجربة المصالحات السابقة، أو انسحاب المقاتلين، أو بدء حملة عسكرية لحسم الأوضاع.
وأفاد مصدر مقرب من وزارة الخارجية الروسية لـ «الحياة» بأن «موسكو تراهن على دعم حلفائها في مسار آستانة لصوغ أولويات في التفاوض بين السوريين تبدأ من لجنة الدستور، على حساب السلال الأربع الأخرى، مع التأكيد على القرار 2254». وأوضح أن مهمة روسيا لن تكون صعبة في هذه النقطة تحديداً «بعدما رفعت تركيا الفيتو عن وجود بشار الأسد في الفترة الانتقالية، وإيران بطبيعة الحال تدعم بقاءه إلى الأبد».
ويتوقع أن تبحث القمة الثلاثية أوضاع مناطق خفض التصعيد التي ترعاها البلدان الثلاثة ضمن مسار آستانة، وأن تركز المحادثات على الأوضاع في إدلب وشمال حمص أساساً، على أن تؤجل قضية منطقة خفض التصعيد في المناطق الجنوبية لحين استكمال المشاورات مع الولايات المتحدة والأردن وإسرائيل.
وتوقع مساعد الرئيس الروسي يوري أوشاكوف أن تؤكد القمة الثلاثية «دعم سيادة سورية واستقلالها ووحدة أراضيها. وهذا مهم للغاية بالنسبة إلينا». وأضاف: «الدول الثلاث تدرك حتمية تسوية النزاع السوري بالوسائل السياسية، وتعي أن كلمة الفصل في هذه العملية يجب أن تكون للسوريين أنفسهم».
وذكر أن رؤساء روسيا وتركيا وإيران «سيقيمون الوضع في المناطق السورية المختلفة بعد أن يطلعهم العسكريون على التفاصيل». وتوقع «وضع خطوات إضافية من شأنها تعزيز نظام وقف العمليات القتالية لتأمين عمل مناطق خفض التصعيد».
وأشار إلى أن من بين المهام الأساس للقمة درس إجراءات تفعيل الإصلاح الدستوري، مؤكداً أن روسيا وتركيا وإيران «تنوي مواصلة تقديم الدعم اللازم لجهود الأمم المتحدة من أجل تشكيل لجنة دستورية متوازنة وقادرة على العمل، تشمل كل فئات المجتمع السوري، بأسرع ما يمكن».
ووفق مصادر روسية، تحاول موسكو استغلال التغيرات الجديدة على الأرض «بعد الضوء الأخضر في عفرين، وسيطرة النظام وإيران بمساعدة روسيا على الغوطة، وتصريحات الجانب الأميركي بأن واشنطن ستنسحب في أقرب وقت لتنسيق العمليات المستقبلية»، لكن تكمن الصعوبة في «موافقة النظام وإيران على مواصلة تركيا عملياتها في الشمال السوري، ما يُشكل تناقضاً مع تصريحات سابقة للنظام حول التصدي لأي اعتداءات تركية، أو الحد من الأثر المعنوي لانتصارات الغوطة».
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، زار مقر القوات التركية في هطاي المحاذية للحدود مع سورية حيث فاخر بـ «الملحمة التاريخية»، مشدداً على أنه «لا يمكن اتخاذ القرارات من دون تركيا». واعتبر أن السيطرة على عفرين «خلال أقل من شهرين في عملية تابعها العالم باندهاش وإعجاب، تُعتبر نجاحاً تاريخياً». وشدد على أن الجيش التركي «سيواصل عملياته ضد التنظيمات الإرهابية التي تهدد تركيا أينما كانت».
ومع وجود اعتراضات من دمشق وطهران وميلهما إلى مزيد من العمل العسكري، تسعى روسيا، وفق مصادر في موسكو، إلى «إرضاء إيران والنظام بإنهاء المعارضة المسلحة شرق القلمون، ما يؤمن الطريق الدولي في شكل كامل من أي أخطار، ويضمن عدم تجميع المعارضة قوتها للانطلاق إلى غرب الطريق الدولي والاحتكاك المباشر مع الحدود اللبنانية ومناطق حزب الله، وإتمام السيطرة على محيط العاصمة، بما في ذلك طريق الإمدادات عبر الصحراء من الجانب العراقي». ولفت خبير عسكري إلى أن «إصرار موسكو على طرح موضوع الوجود الأميركي في مخيم الركبان والتنف في تصريحات وزارتي الدفاع والخارجية، يأتي لتحقيق هذا الهدف».
وشكك وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس في نية واشنطن الانسحاب من سورية قريباً. وقال إن «إعلان الرئيس الأميركي عن قرب انسحاب بلاده من سورية، ينسجم على الأقل مع تصريحاته القديمة حول الانسحاب من سورية بعد الانتصار على داعش». لكنه لفت إلى أنه «في الأشهر الأخيرة، أخذت الولايات المتحدة تثبّت وجودها بقوة على الضفة الشرقية للفرات، وعلى مساحات كبيرة من الأراضي السورية حتى الحدود مع العراق»، مشيراً إلى أن «واشنطن لا تنشر قواتها وتعزز منشآتها ومواقعها العسكرية هناك فحسب، بل ترعى تشكيل هيئات سلطة محلية خاضعة لها وتحصل على التمويل منها».
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=48400