تناول تقرير صحفي أسباب نشر روسيا قوات موالية لها على تخوم محافظة إدلب، آخر معاقل المعارضة السورية، والتي تضم نقاطًا عسكرية للجيش التركي في إطار اتفاق بين أنقرة وموسكو وطهران.
وتشكل محافظة إدلب (المتاخمة للحدود التركية)، مع ريف حماة الشمالي وريف حلب الغربي منطقة “خفض تصعيد” بموجب اتفاق أبرم بين تركيا وروسيا وإيران في أستانة، عاصمة كازاخستان.
وتشهد مناطق المعارضة تحركات عسكرية تركية لتشكيل نقاط مراقبة جديدة، بهدف تسريع تثبيت وقف إطلاق النار المهدد بالانهيار في إدلب بفعل الخروقات المستمرة من جانب قوات النظام.
وقالت صحيفة “عربي21″، في تقريرها، إنه في مسعى لتمكين الفيلق الخامس المشكل من المقاتلين السابقين في فصائل “المصالحات” بالجنوب في محيط إدلب، عمدت روسيا إلى إرسال المزيد من التعزيزات العسكرية من الفيلق ذاته مؤخرا، وذلك بعد أن أرغمت قوات “الفرقة الرابعة” على الانسحاب تدريجيا من هذه المناطق، بعد اشتباكات محدودة معها في منطقة سهل الغاب بريف حماة.
ووفقًا للتقرير، فإن الفيلق الخامس، هو تشكيل تابع للنظام السوري مدعوم من روسيا ويعتمد على المقاتلين المتطوعين وتحديدا عناصر “المصالحات”، شكلته الأخيرة في الجنوب السوري بعد فرضها “التسوية” على الفصائل.
الصحفي خليل السامح الموجود في إدلب، رأى أن روسيا لها أهداف عدة، في مقدمتها تقليم أظافر إيران في هذه المنطقة، المشمولة بالاتفاق التركي-الروسي في “سوتشي”.
وأوضح السامح أن اتفاق سوتشي الذي توصل إليه الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين في أيلول/ سبتمبر 2017، ينص على إشراف روسيا بشكل كامل على المنطقة العازلة، من خلال تسليم الفيلق الخامس الإشراف العسكري على المنطقة من جهة مناطق سيطرة النظام.
وقال السامح إن “اتساع سيطرة المليشيات الإيرانية وقوات النظام الموالية لها كالفرقة الرابعة، يشكل مبعث قلق لروسيا، وتحديدا لجهة خرق اتفاق خفض التصعيد في الشمال السوري”.
ولفت إلى أن “نوعية المقاتلين في الفيلق الخامس تختلف تماما عن نوعية مقاتلي المليشيات الإيرانية، لأن عناصر الأخيرة يقاتلون عن عقيدة، أما عناصر الفصائل السابقين الذين صالحوا النظام برعاية روسية، فهدفهم الأول هو الارتزاق، وعدم ملاحقتهم من قبل نظام الأسد”، على حد تعبيره.
وبحسب السامح فإن كل ذلك، يعطي انطباعا بأن روسيا ما زالت عازمة على المضي في تطبيق اتفاق “خفض التصعيد” في إدلب، على خلاف إيران التي تريد خرق هذا الاتفاق، وشن عمليات عسكرية كبيرة في إدلب.
وفي وقت سابق، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن إدلب تمتلك أهمية كبيرة، فهي تحتضن مئات الالاف من السوريين، لا يمكن لتركيا أن تتحمل العبء في حال هجرة هؤلاء إليها.
ولفت الرئيس التركي إلى أن بلاده تعمل على ضمان الهدوء في هذه المنطقة من خلال جعلها “آمنة تماما”، وأنها تتباحث مع روسيا وإيران في هذا الصدد.
بدوره، رأى الباحث بالشأن السوري أحمد السعيد أن روسيا تعمل على مجاراة إيران من خلال حديثها إعلاميا عن دعمها عملية عسكرية ضد مناطق المعارضة في إدلب، بينما سياستها على الأرض تؤكد عكس ذلك.
وأوضح السعيد أن “دفع موسكو بالفيلق الخامس الذي يتكون في الغالب من عناصر المصالحات، إلى الخطوط المتقدمة ينزع قرار الحرب من إيران، ويحجم من دور مليشياتها الرافضة للاتفاق في إدلب”.
وأضاف أن “عناصر الفيلق الخامس تلقوا شبه تطمينات باستبعاد خوض معارك عسكرية مع فصائل المعارضة بإدلب، وذلك قبل موافقتهم على الانتقال إلى الشمال السوري”.
وبموازاة ذلك، أشار الباحث إلى الاشتباكات التي سبقت انتشار الفيلق الخامس مع الفرقة الرابعة في سهل الغاب.
وقال: “من الواضح أن اعتراض الفرقة الرابعة المدعومة إيرانيا على تسليم مواقعها للفيلق الخامس، يعني أن إيران مدركة تماما للخطة الروسية”.
ومؤخرًا، أكّد تقرير لوكالة الأناضول التركية أن هجمات النظام السوري، على مناطق خفض التوتر في محافظة إدلب شمال غربي سوريا، تسببت بموجة نزوح جديدة في المنطقة، حيث اضطرت أكثر من 6 آلاف عائلة للنزوح منذ بداية فبراير/شباط 2019.
وكثفت القوات التابعة للنظام السوري والميليشيات الأجنبية المدعومة من قبل إيران، من هجماتها خلال الأسابيع الأخيرة، على مدينتي خان شيخون ومعرة النعمان، كبرى مدن محافظة إدلب، ما دفع سكانها المدنيين إلى النزوح باتجاه المخيمات الواقعة على الحدود التركية، وإلى مناطق أخرى في المحافظة، تعد آمنة نسبيا.
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=90875