لاشك أن السياسة التركية إزاء اللاجئين السوريين لديها لا تختلف كثيراً عن السياسة التي تتبعها دول الاتحاد الأوروبي معهم، ففي النهاية فإن جميع حكومات البلدان التي لجأ لها السوريون على مدار خمس سنوات من الحرب في بلادهم، كان همها الأول هو محاولة دمج اللاجئين السوريين بشعوبهم، لاسيما وأن غالبية السوريين لجأوا إلى بلدان لا يعرفوا عنها سوى اسمها فقط دون أدنى فكرة عن طبيعة شعبها أو عاداتها أو طبيعة القوانين فيها.
ولعل سعي تركيا لمنح (جنسيتها) في الفترة الاخيرة لشريحة محددة من السوريين من خريجي الجامعات والأطباء والمهندسين والمعلمين، يبرهن صحة توجه الحكومة لإجراءات إضافية تعزز من فكرة دمج اللاجئين بالمجتمع التركي، إضافة لسلسلة قرارات أخرى صدرت هذا العام تتعلق بالتعليم والعمل والذي كان آخرها نقل جميع الطلاب والمعلمين السوريين للمدارس التركية وتدريس الطلاب السوريين المناهج التركية كنظرائهم من الأتراك مع تطبيق كامل لكافة الحقوق والواجبات المفروضة على الطلاب الأتراك عليهم.
كثيرون وجدوا في هذه القرارات (نقلة نوعية إيجابية) من قبل الحكومة التركية في حياة اللاجئين السوريين، إلا أن الواقع يختلف كثيراً وقد أثارت هذه القرارات حفيظة فئة من الشعب التركي،ودفعت به للخروج بمظاهرات غاضبة تنديداً بالقرارات الأخيرة، لاسيما قرار نقل الطلاب السوريين إلى المدارس التركية جنباً إلى جنب مع الطلاب الأتراك، حيث شهدت عدة مناطق في عدة ولايات أبرزها ولاية أنطاكيا/هاتاي، مظاهرة طالبت فيه الحكومة بإعادة فصل الطلاب السوريين عن الأتراك بسبب ما أسموه (تشويش السوريين) على أبنائهم وإعاقة سير العملية التدريسية وانعكاسها سلباً على الطلاب.
اللاجئ السوري وأحد الحاصلين على الجنسية التركية مؤخراً “محمود عبد السلام”، قال في حديث لموقع الاتحاد برس إن حصوله على الجنسية التركية كان أمراً جيداً ولكن لم يكن إيجابياً جداً، فهناك العديد من المتاعب أو بشكل أدق (واجبات) تفوق قدرة اللاجئ السوري في الوقت الحالي، فمن حصل على الجنسية سيتوجب عليه من تاريخ حصوله عليها فصاعداً دفع رسوم حكومية كـ “التأمين الصحي، أورخصة السوبرماركت”، وهذا بحد ذاته يتطلب مبالغ مالية كبيرة تفوق قدرته المعيشية كـ “لاجئ”، وفي حال قرر اعتبار نفسه (مواطناً تركياً) فعليه أن يتأقلم مع كافة الظروف رغم أن المجتمع التركي لن يتقبله بالسرعة المطلوبة كأحد أفراده.
إعلان
في حين تحدث “محمد الصالح” وهو لاجئ سوري أيضاً في أنطاكيا، عن تعرض أطفاله الذين يدرسون في مدارس تركية للاعتداء والمضايقات عدة مرات من قبل (أتراك)، مشيراً إلى أنه توجه إلى مدير المدرسة لتقديم شكوى على الطلاب فأخبره المدير بأن صلاحيات الإدارة تكون داخل المدرسة فقط ولا علاقة لها بالطلاب خارجها.
يضيف: “حتى الآن لم أجد حلاً.. هناك الكثير من الطلاب السوريين يتعرضون للضرب والاعتداء على يد طلاب أتراك بشكل متكرر وهذا بحد ذاته يخلق مخاوف من صدامات جديدة بين السوريين والأتراك مستقبلاً”، مشيراً إلى أنه لايمكن التعميم بشأن هذه المظاهر إلا أن الوضع لم يعد يطاق وأعتقد أن قرار الحكومة بنقل الطلاب السوريين إلى المدارس التركية كان خاطئاً، في ظل دم وجود رادع لأي شخص كبير أم صغير يعتدي عليهم.
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=30697