خمسُ سنوات مضت على وصول الشاب التركي فاروق آسن، إلى قطاع غزة، تاركا وراءه بلاده وعائلته؛ في سبيل تعليم أكبر عدد من الشباب الغزيّ أبجديات اللغة التركية.
وفي أحد غرف هيئة الإغاثة الإنسانية التركية IHH”” بمدينة غزة، يحدّق عشرات الطلبة في العبارة التساؤلية “هل الجملة صحيحة؟”، والتي كتبها “آسن” على اللوح الأبيض ، باللغة التركية.
وساهم آسن في تعليم نحو ألف مواطن من قطاع غزة أبجديات اللغة التركية، في إطار مشروع للتبادل الثقافي وُقّع قبل 5 سنوات، بين بلدية غزة ومعهد “يونُس إيمرة” التركي، الذي يعمل فيه موظفا.
وتأسس معهد “يونس إيمرة” في تركيا، منذ 9 سنوات، بهدف نشر اللغة والثقافية التركية خارج البلاد.
إعلان
وافتتح المعهد فروعا له في نحو 40 دولة حول العالم، ومكتبيْن في مدينتي رام الله والقدس، فيما من المقرر أن يتم افتتاح فرع آخر في غزة خلال السنتيْن القادمتيْن، كما قال آسن، لمراسلة “الأناضول”.
وفي الوقت الحالي، يعكف “آسن”، على تعليم 4 مجموعات شبابية في أماكن مختلفة من مدينة غزة، اللغة التركية، بواقع 6 ساعات لكل مجموعة أسبوعيا.
ويقول آسن، مُدرّس اللغة والآداب التركية، إنه يعلّم الطلبة المنتسبين لدروس اللغة التركية، المرحلة الأساسية فقط من اللغة، إذ تحتاج تلك المرحلة مدة زمنية قد تمتد لحوالي 7 شهور.
إعلان
وأوضح آسن إن 60% من المنتسبين لدورات اللغة التركية في قطاع غزة، هم من خريجي الجامعات، خاصة الطلبة الذين يريدون استكمال دراساتهم العليا في تركيا.
وقال:” سنويا، تُقدّم الحكومة التركية نحو 100 منحة دراسية للطلبة الغزيين، لاستكمال الدراسات بالبلاد “.
إعلان
وبيّن أن ما تبقّى من الطلبة المنتسبين لدورات تعلّم التركية ينقسمون ما بين تجار يعملون مع شركات تركية، وهواة يحبّون الاطلاع على ثقافة البلاد الأخرى.
ولفت إلى أن أعداد الانتساب لدورات تعلّم “التركية” زادت، خلال السنتيْن الأخيرتيْن، بنسبة 60%.
وبيّن أن الطالب الغزيّ فور وصوله إلى تركيا، لأغراض دراسية أو عمل، ينتسب لمعاهد لتعليم اللغة التركية، فيما يقدّم تلك المعاهد المستويات الأساسية إلى جانب العُليا.
ويقول:” تعلّم اللغة يبدو صعبا لغير الناطقين بها، تحتاج إلى ممارسة ودورات مكثّفة حتى انجازها بسهولة”.
ومن جانب آخر، قال آسن إن معهد “يونس إيمرة” ينوي عقد أنشطة ثقافية مختلفة في قطاع غزة، خلال الفترة القليلة القادمة، من بينها افتتاح معرض للخط التركي (أجمل خط)، ومعرض فنّي مشترك بين فنانين فلسطينيين وأتراك.
وتابع:” إلى جانب المؤتمرات العلمية في المجالات المختلفة (سياسة، اقتصادية، اجتماعية، ثقافية، تاريخية”.
وعن الثقافة التي استقاها “آسن” من قطاع غزة، لفت إلى وجود تشابه كبير بين العادات الغزّية والتركية، مشيرا إلى أن الاختلاف الأكبر يكمن في “اللغة”.
وأما فيما يتعلق بتفاصيل الحياة الصغيرة في قطاع غزة، فقد أبدى آسن تأقلمه مع تردّي الأوضاع المعيشية، في ظل استمرار أزمة الكهرباء للعام العاشر على التوالي.
وكبقية الغزيّين، يعتمد آسن على البطاريات ومصابيح “الليد” الموفرة للطاقة، كبديل بسيط يعوّض انقطاع التيار الكهربائي.
وقال:” بالنسبة لأزمة الكهرباء هناك تأقلم كبير، اعتدنا على (المصابيح الموفرة) الليدات والبطاريات، بالعامية؛ بعيش زي الغزازوة”.
وإلى جانب ذلك، فقد عايش آسن الحربيْن الأخيرتيْن اللتين شنتهما إسرائيل على قطاع غزة، خلال عامي 2012، و2014.
وقال آسن إن الحروب التي عايشها في قطاع غزة، كانت تجربته الأولى منذ ولادته، مضيفا:” من يعيش الحرب، يختلف عمن يراها”.
إعلان
ويصعب على آسن وصف الوضع الإنساني والمعيشي في قطاع غزة خلال أيام الحروب، لافتا إلى أن “خوف الأطفال والنساء كان سيّد الموقف”.
إعلان
إعلان
وأضاف:” كي تفهم مدى الخوف، لا بد من أن تعيش في نفس الظروف، هذا شيء لا يمكن وصفه، أصوات الصواريخ والطائرات الحربية تبث الخوف في النفوس”.
إعلان
وخلال الحربيْن، عمل آسن متطوعا مع مؤسسات تركية تعمل في قطاع غزة، لإغاثة النازحين والمتضررين، آنذاك.
وفي 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2012 شنّت إسرائيل حربا على قطاع غزة استمرت لمدة 8 أيام وأسفرت عن مقتل 162 فلسطينيًا.
كما شنّت في السابع من يوليو/ تموز 2014، حربا أخرى، استمرت لمدة 51 يوما، وأسفرت عن مقتل 2322 فلسطينيًا.
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=23038