نعيم مصطفى / خاص تركيا بالعربي
ما إن تقلد بشار الأسد رئاسة سورية بالتوريث من أبيه السفاح حافظ حتى أعلن الخطوط العريضة لسياسته وهي السير على خطى ونهج أبيه شبراً بشبر وذراعاً بذراع، وهذا يعني أنه سيمارس سياسة كم الأفواه على كل مواطن ينبس ببنت شفة ضد سياسته، وقد وفّى بوعيده فعلاً عبر مسيرة حياته السياسية من عام/2000/ وحتى الآن.
نشرت صحيفة عالمية شهيرة رأياً – ربما تعتمد على استبيان ما – أن شعبية رئيس النظام السوري في صعود وصلت ذروته أعلاها حيث عانق /ال 70/ بالمئة وهذه الصحيفة لا تأتي من فراغ في أحكامها وتحليلاتها، وأعتقد أن رؤيتها لم تجانب الواقع.
وقد ذكرت في استهلال المقال أن بشار وصل بالقوة والتوريث إلى سدة الحكم أي أن شعبيته بالحضيض منذ توليه السلطة ولا يسانده إلا الدائرة الضيقة التي تدور حوله والتي لا تتجاوز على الأكثر /ال10/ بالمئة فهل من المعقول أن يرتفع منسوب مؤيديه من الشعب السوري إلى /70/ بالمئة بعد أن قتل نحو مليون إنسان وهجّر قرابة /8/ ملايين واعتقل ما يزيد على/800/ ألف إنسان؟!!
الموضوع ببساطة لا يحتاج إلى كثير من التفكير والتحليل، هو أن بشار عمل على نظرية التجانس والتغيير الديموغرافي وقد نجح للأسف – بمساندة المجتمع الدولي المتلون الوجوه – بهذا المسعى، فهجّر واعتقل وقتل كل معارضيه تقريباً وكان معظمهم إن لم أقل جميعهم من السنة الذين يشكلون ثمانين بالمئة من تركيبة السكان، وأتى بالميلشيات والمرتزقة الشيعية وجنّسهم، وكل من بقي على تراب الوطن السوري هم من الجيش والشبيحة والأقلية السنية – أصبحت فيما بعد – المغلوب على أمرها فمن الطبيعي أن تكون شعبيته كما ذكرت الصحيفة آنفاً بل قد تتجاوز النسبة التي ذُكرت لأن كل من بقي هو متجانس ويرمي من قوس واحدة ويعزف على قيثارة الكراهية والطائفية والإلغاء.
إن ما يندى له جبين الإنسانية حقاً أن بظهر هكذا تقرير على صفحة صحيفة تصدر من أكثر دول العالم ديمقراطية – ولطالما تغنى ويتغنى زعماؤها بالديمقراطية الراسخة عندهم – ولم تشر الصحيفة أو تقف عند الأسباب الموضوعية التي رفعت من رصيده المتقزم والتي عرضنا لجانب منها، وبدل من أن تذمّ – الصحيفة – المجتمع الدولي وتشن عليه هجوماً كاسحاً لأنه يقبل باستمرار طاغية يبز هتلر وبوت وميلوسوفيتش والقذافي…في إجرامه وسفكه للدماء اكتفت بذكر ارتفاع شعبية الجزار ولم تتساءل كما كنا ننتظر منها عن سبب تركه طليقا يعيث فساداً في الأرض ويقتل الحرث والنسل.
إعلان
وأختم بقول الفيلسوف ورئيس أمريكا الأسبق جيفرسون: ” كل ما يتطلبه الطغيان للوجود هو بقاء ذوي الضمير الحي صامتين “.