شعيط ومعيط

Amani Kellawi
2019-06-01T00:47:03+03:00
مقالات
Amani Kellawi31 مايو 2019آخر تحديث : السبت 1 يونيو 2019 - 12:47 صباحًا
شعيط ومعيط

بقلم محد الجاف / تركيا بالعربي

( شعيط ومعيط وجَرار الخيط ) من الأمثال الشَعبية التي تُطلق على التافهين خُصوصاً من تَفَرعَنَ منهُم أو حصل على مكانة لايستحقُها وبما أننا أبتُلينا بهم بعدَ 2003 ونشاهدهُم كل يوم في وسائل الإعلام والبعض يُقسم لهم بالولاء ويقبّل أياديهم . لهذا أيقنت أنهُم ليسوا سوى صفات تتَجسد في شخص يصنعهُ خَوفنا وجَهلنا وفي الغالب يكونون أكثر من تَنحني لهُم الرؤوس ويُصبحوا أسياد يجري خلفهُم السَواد الأعظم من الناس ويقودوهُم في كُل مَناحي الحياة ولهذا وصَلنا لهذا الحال وسَنرى ما هو أسوء .

يُروى أنهُ كان هناك صديقان يحملان أرذل الصفات أحدهُما اسمهُ شعيط والآخر معيط . يعيشان في مدينة لها نظام خاص يختلف عن ما نحن عليه الآن . مثلاً في النظام الملكي عند وفاة الملك يحل مَحلهُ ولي العهد . وفي العراق يُعَيَن عن طريق المُباركة الصَليبية الصِهيونية الصَفوية ؟! لكن عندهُم يُكلَف المُنادي ليُعلن خبر وفاة الوالي القَديم وتنصيب الجديد فلم يكُن في تلك الأيام فضائيات او مذياع ( راديو ) ولاهواتف يجمعون من خلالها الحبايب او دولارات يوزعوها على الأقارب … وفي صبيحة يوم العيد الذي كان سعيد والعيش فيه رغيد اغتيل الوالي فكلفوا المُنادي لنقل الخبر وطاف لسبعة أيام في القرى والأرياف يمشي ويُردد ( سيُدفن في اليوم الفُلاني وبعد النهار السابع . يتم أختيار الحاكم الجديد الدم قراطي الرائع )

خرج لدفنهُ الرجال والنساء ودُموعهُم تَسيل ودعائهم لهُ بالجنة فبعدهُ ضاع البلد والمال والولد وتاهت الأمة وحلت عليها الغُمة … طريقة اختيار الوالي عندهُم عَجيبة غَريبة حيث يجتمع العُملاء الأغبياء في ساحة كبيرة ويعطى إلى بول بريمر طير أسود اللون ثم يأمر الجَميع بالهُدوء والسكينة ويطلقهُ . وحين يتغَوط على رأس أحدهُم يُصبح الوالي ولايحقُ الإعتراض عليه خُصوصاً إذا باركته المرجعية .

سمعَ شعيط بالخبر فقال لصديقهُ لم لا نذهب ؟ فكُل الرذائل فينا وأعمارنا وصفاتنا مُستوفاة للشُروط مثل الآخرينَ . تجمعوا من جميع الشرائح يُصفقون لهُم . تجّار حرامية . فلاحين سَرسرية . عُمال وكسبة وأطلقوا الطير الذي أخذ يَحوم ليبحث عن الظالم الذي سيريهُم في عز الظُهر النجوم . حتى فعلها على رأس شعيط فاستغرب الحضور لكن ليس بمقدور أحد أن يفتح فمه فالكاتم الفارسي موجود والنظام الأمريكي يجب احترامهُ من كل الوجود .

قال بول : الحاضر يبلغُ الغائب يُعتبر السيد شعيط من هذا اليوم الحاكم الجديد وله جميع الصلاحيات ومنها اختيار الناهب ( النائب ) والحرس والعبيد . وعليكم احترامه والخضوع أمامه .استمروا بحُكم الولاية حتى دَمروها من البداية للنهاية وبعد مرور شهر طلب معيط من الوالي ( أن يأمر بمُراجعة مقره لأخذ الموافقة على دفن أي شخص يموت) فوافق ونُشر الخبر . ومرت سنين .

وفي إحدى الليالي الحَمراء الصاخبة لشعيط ونائبه حاضراً وعلى الموائد ما لذ وطاب والجواري ( الكاولية ) يُلطفنَّ الأجواء ويُنفذنَّ ما يأمر به تذَكَّر كلامهُ حول دفن الموتى ؟

فالتفت إليه وقال : لماذا طلبتَ أن يأتوك بالميت قبل دفنهِ …

أجابه : كنت أهمس في أذنه وأقول :

( الولاية الي يحكُمها شعيط ومعيط المَوت أحسن بيها ) ؟

في هذا الزمان يوجد الكثير من شعيط ومعيط . من الذينَ يعتبرون أنفسهم الأحسن والأفضل لأنهُم يملكون بعض الدراهم التي جاءت بطُرق نعرفها جَميعا . لاتَعتبوا عليهم فَالعيب فينا ونحنُ من أكل بَعضنا البعض وصِرنا ماكنتهُم الإعلامية التي يبطشون بها …

هل تعلمون ما معنى خيبة الأمل؟

هكذا صنعنا بأنفسنا على مدى الأيام . مُنعزلين تُعساء غريبي الأطوار . جُلَ ما يعرفوهُ الظُلم والقسوة والأنانية . يُوزعون الظلم والموت بالتساوي .

في كتابه ( لماذا يمكن أن يصدق الأذكياء أشياء غبية ) حاول الصحفي الأمريكي مايكل شيرنر البحث في كيف يصدق الناس تلك الخرافات التي يعتنقونها . وقد وصل إلى نتيجة مفادها أنه رغم كون معظم البشر يعتقدون أنهم عقلانيون ومنطقيون فإن أحكامهم وقناعاتهم تتميز بكونها حدسية في المقام الأول . يتشكل تحت تأثير البيئة ومجموعة الخبرات والتجارب غير المنتظمة التي يتعرض لها .

ويجمل الجواب على هذا السؤال في عبارة ذكية وموجزة حين يقول : يثق البشر بأشياء غبية لأنهم ببساطة بارعون في الدفاع عن معتقداتهم التي شكلوها عبر عمليات غير ذكية .

هناك العديد من التجارب التي أجريت لاختبار كيف يمكن أن تقوم القناعات المسبقة للمرء بإظهار مناعة واضحة حتى في مواجهة الحقائق . على سبيل المثال في عام 2006 قام بريندان نيهان وجايسون ريفلر من جامعتي ميتشكان وجورجيا بتجربة كتابة مجموعة من المقالات تحوي معلومات وأفكارًا خاطئة مثل التأكيد أن الولايات المتحدة غزت العراق نتيجة اكتشافها أسلحة دمار شامل وتم تمريرها على جمهور مختار تعرف توجهاتهم السياسية مسبقًا وبعد أن قرأ كل منهم المقال الخاطئ تم تغذيته بمقال صحيح يحتوي حقائق مثبتة لكنها في النهاية تدفع في وجهة النظر المضادة هي أنه لم يكن هناك أسلحة دمار شامل في العراق .

بما يعني أن الحرب كانت خطأ وبدأت مناقشة الجمهور حول المقالين.. المؤيدون للحرب مالوا إلى تصديق المقال الأول بما فيه من أكاذيب وشككوا في وقائع الثاني .

ويبدو أننا سنبقى نصدق أن الصليبيين واليهود والفرس أعداء حتى نبيع آخر طفل من أولادنا ونخسر آخر شبر من أرضنا . ويهاجر أو يُقتل آخر فرد من أمتنا ليسكن بيته الافغاني او الباكستاني او الايراني . الموالين الى ذلك الفكر الشيطاني . ولكم جميعا تحياتي أخواتي وإخواني .

رابط مختصر

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.