نعيم مصطفى / خاص تركيا بالعربي
إن من يراقب المشهد السياسي في تركيا إثر إعلان الانتخابات المبكرة، ومن ثم تحديد أسماء المرشحين للرئاسة، يدرك مدى نجاح أورد غان وحزبه في سياسته عبر ما يزيد على عقد ونصف، فهذه المعارضة بدل أن تبحث وتنقب عن مثالب أو ردغان وحزبه – وحتما عندهم أخطاء وزلات – راحت تطلق سهام نقدها كحاطب ليل من دون تفكر ولا تدبر المهم أن تخالف أو ردغان ولو قال لها إن السماء زرقاء والثلج أبيض لنفت ذلك.
فكانت قائمة الإصلاحات والبرنامج الانتخابي الذي أدلفت به المعارضة يصب في مصلحة الرئيس التركي وحزبه ويجب أن يشكرها على ذلك.
المعارضة في الدول العريقة في ديمقراطيتها – كأوربة وأمريكة – عادة تسعى لبناء الدولة وتطويرها وخدمة الشعب، ولا تمارس المعارضة من أجل المشاكسة والوصول إلى السلطة فحسب وإنما تدل على الثغرات والعيوب والأمراض التي تعاني منها الدولة وتحاول تشخيصها وتعد الناخب بأنها ستحاول إيجاد المصل والدواء الناجع والحلول المناسبة لها إذا ما وصلت إلى سدة الحكم.
إعلان
ولكن شطراً من المعارضة التركية راح يحاكي أوردغان وحزبه في طريقة قيادته للدفة، كحزب الشعب الذي كان يتبنى الفكر العلماني ويناهض الفكر الديني ويتباهى بذلك ويزعم أنه يسعى لبناء دولة عصرية على غرار الدول الأوربية، وإذا به يتحول إلى خطاب يميني يكاد يبز توجهات حزب العدالة والتنمية فمثلاً يعد المواطنين بتقديم قروض لهم من دون فائدة ويعدهم بدعم فلسطين، ويعدهم بالتقارب من الشرق الأوسط وكل هذه الوعود يعمل عليها الرئيس أوردغان وحزبه منذ أن تقلدوا قيادة الدولة – وكان العلمانيون يقفون حجر عثرة أمامه – فهم إذاً يعترفون ضمناً بنجاح سياسة أوردغان وتحقيقها لأمنيات ورغبات الشعب، ويحاولون التنصل رويداً رويداً من الأطروحات الغريبة عن ثقافة الشعب التركي المسلم التي كانوا يمارسونها كابتعادهم عن عمقهم العربي والإسلامي، ونزعهم للحجاب، وتضييقهم على المصلين والمتدنيين، وسعيهم ليكون الآذان باللغة التركية وما إلى ذلك….
وثمة شطر آخر من المعارضة راح ينتقد المشاريع والعمران والجسور الضخمة…التي قام ببنائها أوردغان وحزبه، وزعموا أنها إسراف، وذهب مرشح إلى أبعد من ذلك بقولها إنّ فتح قناة مائية لربط البحر الأسود ببحر مرمرة والتي أزمع أوردغان إنجازها، هو ضرب من الخيال.
الحقيقة أنه يجب على السيد الطيب وحزبه أن يشكروا المعارضة الشكر الجزيل لأنها وفرت عليهم جهد عرض وشرح ما أشاده وأنجزه حزب العدالة والتنمية عبر مسيرته القيادية للبلاد.
إعلان
هذا على الصعيد الاقتصادي أما على الصعيد السياسي فتسعى المعارضة إلى إعادة تركية إلى حجمها التي كانت عليه قبل العام/2000/ أي تتقهقر وتنكفئ على نفسها وتعود لتنافس دول صغيرة – فقد كانت سورية على سبيل المثال قبل العام المذكور متفوقة ومتقدمة على تركية – أما الآن فأصبحت تركية رقماً صعباً وأصبحت من الدول العظمى التي يشار إليها بالبنان فهي تنافس الكبار وتقف بجانب روسية والولايات المتحدة وإيران على المنصة ذاتها وبكل قوة وندية.
أعتقد أن أي مواطن عاقل يستمع لتلك الانتقادات التي توجه للحكومة لا بد له أن يقرأ من خلالها النجاح الكبير للحكومة ويشم رائحة الحسد والتخبط التي تعانيه المعارضة، وأن ما تحمله من أوراق ورؤى ومشاريع هو عبارة عن فأس هدام لما أنجزته الحكومة.
إعلان