مع اقترابنا من السنة الثامنة للحـ،ـر ب السورية يبدو أن الاستقرار – وليس السلام – هو السائد في معظم أنحاء البلاد.
مقارنة مع السنوات الأولى من الحـ،ـر ب انخفض مستوى العـ،ـنف والوحـ،ـشية نسبياً، ويمكن القول إن هناك نوعاً من النظام في المدن الكبرى.
زاد نظام البعث سيطرته على مدن مثل دمشق وحماة وحمص وحلب بمساعدة روسيا، وفي الآونة الأخيرة تزعم الولايات المتحدة أنها قامت بإنهاء “تنظيم الدولة” شرق نهر الفرات.
وأنهت تركيا السيطرة على ميليشيات الحماية و”تنظيم الدولة” في “عفرين” و”الباب” العام الماضي.
بفضل إعلان موسكو في 20 ديسمبر 2016 الموقَّع من قِبل تركيا وإيران وروسيا تم إنشاء مناطق خفض التصعيد، وتستمر محادثات “أستانا” في المجال السياسي.
لقد ساعدت هذه التطورات تركيا على التأكيد على موقعها المميز في شمالي سوريا خلافاً لإيـ،ـران وروسيا وكونها جارةً لسوريا يجعلها هذا لاعباً أساسياً في هذه الحـ،ـر ب.
تركيا هي أيضاً جهة فاعلة متوازنة عندما ننظر إلى علا قـ،ـاتها الدبلوماسية وتاريخها في السياسة العالمية وبعد أن استثمرت الكثير في فكرة إزالة نظام الأسد تريد تركيا أن تكون الدول الغربية جزءاً من الحل كموازنة ضدّ روسيا.
وقد دعت تركيا ألمانيا وفرنسا إلى قمة إسطنبول حول سوريا في أكتوبر من العام الماضي لهذا السبب.
بالإضافة إلى ذلك تحاول تركيا مواصلة الحوار والتعاون مع الولايات المتحدة على الرغم من الخلافات العميقة والرسائل المتضاربة من واشنطن واستمرار سياسة غير مستدامة لدعم وحدات حمـ،ـا ية الشعب في سوريا.
تنتظر أنقرة اللحظة التي ستتصرف فيها الولايات المتحدة بعقلانية لكن موقف القادة الغربيين لا يزال غير حاسم.
في ظل هذه الظروف هناك قضيتان مفتوحتان مهمتان لاستقرار سوريا: إدلب ووضع الفرات الشرقي.
في إدلب تتشابه المواقف التركية والروسية؛ حيث إن المشكلة الرئيسية هناك وجود منظمة “هيئة تحرير الشام” وعدم القدرة على نزع أسـ،ـلحتها، وفي سبتمبر الماضي عندما كانت روسيا تستعد لهجوم كبير ضد إدلب أقنعت تركيا الزعيم الروسي بعدم القيام بذلك ومنعت حدوث كارثة كبيرة.
إن العملية ضد 20000 رجل في “هيئة تحرير الشام” تعني موجة جديدة من تدفُّق اللاجئين إلى تركيا وإنشاء ثقب أسود جديد عند الحدود وقد أقنعت تركيا روسيا، وأرجأت الأمر لصالح المدنيين في إدلب.
إذا كانت تركيا ستشارك فإن أنقرة تعتقد أن الأولوية لأمنها القومي يجب أن تكون شرق منطقة الفرات.
إن الهدف الرئيسي لتركيا هو منع ميليشيات الحماية -التي كانت تحاول بَدْء حـ،ـرب عر قـ،ـية في البلاد على مدى الأربعين سنة الماضية، مما أسفر عن مقـ،ـتل الآلاف من الأشخاص- من كسب قاعدة جديدة في شمالي سوريا تحت حماية الولايات المتحدة.
من هذا المنظور أزالت تركيا تهديد “المنظمات الإرهابية” في “عفرين” و”الباب” بعمليات عسـ،ـكرية تاريخية في العام الماضي.
وصدّت تركيا هجوماً جغرافيّاً إستراتيجيّاً يمكن أن يقطع عـ،ـلا قات تركيا مع العالم العربي، ويمكن أن يبعد تركيا عن تجارة الطاقة، وتريد أنقرة الآن تنفيذ هذه العمليات شرقي الفرات، ولذلك فإن وجود حالة هدوء في إدلب وتخفيف حدة العـ،ـنف أمر مهم لأنقرة.
بالنسبة لروسيا تشكل القوة العسكرية الحالية في “هيئة تحرير الشام” تهـ،ـديـ،ـداً دائماً لقـ،ـواعدها العسكرية، ولديها القدرة على إشعال موجة جديدة من العمـ،ـليات في المدن التي يسيطر عليها النظام السوري.
في “سوتشي” في فبراير الماضي، وافقت تركيا وروسيا على احتواء “هيئة تحرير الشام” في المنطقة عَبْر المراكز الخارجية الداخلية والمواقع الخارجية الروسية المحيطة بالمقاطعة.
على الرغم من أن إيـ،ـران غير راضية عن نفوذ تركيا المتزايد والمتعمق في سوريا، إلا أنه ليس لديها خيار كبير لتغيير هذا المسار وبالنسبة لإيران أصبحت سوريا مكلفة بشكل متزايد كما تنشغل طهران باليمن والعراق.
إن الضغط المتزايد للولايات المتحدة والعقوبات والصعوبات الاقتصادية واستياء الجمهور الإيراني يضع المزيد من الضغوط على إيران.
علاوة على ذلك فإن السيطرة الأمريكية على شرقي سوريا تعني المزيد من المشاكل للخطوط اللوجستية الإيرانية.
كما جعلت إسرائيل من الصعب على إيـ،ـران مواصلة عملياتها في سوريا لهذه الأسباب، فمن الصعب جداً على إيران أن تكون فعّالة في غرب البلاد.
وكما شهد العالم كله في السنوات الأولى من الحـ،ـر ب فإنه من الصعب جداً العمل ضد إرادة تركيا في شمالي سوريا.
تملك تركيا القدرة على تشكيل الأحداث وتعميق الفوضى بقدراتها العسكرية ونفوذها على المعارضة السورية مع وجود عدد كبير من السكان السوريين المقيمين في البلاد كعامل مستفيد.
وتفضل روسيا التي تدرك ذلك العمل مع تركيا لأنها تستطيع الوفاء بوعودها ولا تخالف إيـ،ـران ذلك.
إن القضية الأخرى المفتوحة في سوريا تدور حول انسحاب الولايات المتحدة؛ متى أو كيف؟
بالتزامن مع تصريح “ترامب” بدأت الوقائع حول تصرفات YPG ضد المدنيين في الظهور، وذكر تقرير للأمم المتحدة العـ،ـنف ضد المدنيين واختـ،ـطـ،ـا، ف الأ طـ،ـفال في المناطق التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب.
في ظل هذا الوضع فإن إصرار الولايات المتحدة على سياستها الخاصة بحملة ميليشيات الحماية ضدّ تركيا الحليفة القوية بالناتو لن يحدد مستقبل سوريا فحسب، بل سيحدد مستقبل الأهداف الأمريكية طويلة المدى في المنطقة.
المصدر: حرييت / الترجمة نداء سوريا
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=90848