لا يولي أكثر من ثلاثة ملايين من اللاجئين السوريين في تركيا اهتماماً يذكر بالمباحثات المتواصلة منذ قرابة الأسبوع في مدينة جنيف السويسرية والتي تسعى إلى إنهاء الأزمة المتواصلة في بلادهم منذ 6 سنوات وتشكيل هيئة حكم انتقالية ضمن حل سياسي شامل.
في المقابل يبدي جزء من هؤلاء اللاجئين الذين سئموا الوعود السياسية اهتماماً بالغاً في مساعيهم للهجرة من تركيا إلى أوروبا عبر البحر أو البر في مسعى للحصول على حياة أفضل، بينما يركز آخرون على متابعة الأنباء المتزايدة في الآونة الأخيرة عن البدء الفعلي في إجراءات تجنيس اللاجئين السوريين في تركيا ويعملون كل ما في وسعهم من أجل الحصول على هذه الجنسية.
فإطالة أمد الحرب في سوريا والدمار الهائل الذي حل في المنازل والشوارع والمرافق أدى إلى تراجع أمل اللاجئين في إمكانية حصول أي حل سياسي يسمح لهم بالعودة وبناء حياتهم من جديد، فمعظمهم دُمرت منازلهم وأخرى سكنتها الميليشيات الشيعية ولم يتبق لهم أي أمل بالعودة لحياة ممكنة خلال السنوات القليلة المقبلة. ومن هذا المنطلق يصب اللاجئون السوريون في تركيا جل اهتمامهم وتركيزهم على إمكانية تحسين ظروف حياتهم داخل الأراضي التركية بالحصول على الجنسية وبعض المميزات الحكومية، أو محاولة الهجرة إلى أوروبا براً أو بحراً للالتحاق بعائلتهم أو أصدقائهم الذين استقروا هناك.
ولليوم السادس على التوالي تتواصل مباحثات بين ممثلين عن المعارضة السورية بكافة أطيافها والنظام برعاية أممية في مدينة جنيف السويسرية، وهي الجولة الرابعة بعد 3 جولات فاشلة في جنيف، وعشرات المحاولات التي جرت على مدى السنوات الماضية وفشلت في تحقيق وقف إطلاق حقيقي للنار ونزيف الدم المتواصل أو التوصل لحل سياسي شامل للأزمة، الأمر الذي أفقد اللاجئين أي أمل في إمكانية حصول تغيير في هذه الجولات الجديدة التي لا يتوقع المشرفون عليها «أي اختراق للأزمة».
ويقول لاجئون سوريون التقتهم «القدس العربي» في اسطنبول إنهم فقدوا الأمل بإمكانية التوصل إلى نتائج حقيقية تؤدي إلى وقف الحرب في بلادهم، معتبرين أن مباحثات جنيف ما هي إلا «حلقـة جـديدة في سلسلة إضاعة الوقت التي لم ولن تـؤدي إلـى تحقـيق أي نتاـئج فعلـية علـى الأرض».
وبينما تُجمع شريحة واسعة من هؤلاء اللاجئين على أن النظام السوري وداعميه الروس والإيرانيين وحزب الله لا يريدون التوصل لأي حل سياسي ويسعون لحل الأزمة عسكرياً على الأرض، صب آخرون جام غضبهم على المعارضة السورية بسبب ما قالوا إنه «فشل عسكري وسياسي تسببت فيه الفرقة والمصالح وعدم التوحد والارتهان للأجندات الخارجية».
ويرى هؤلاء اللاجئون إنه حتى ولو انتهت الحرب في بلادهم فوراً فإنها ستحتاج لسنوات طويلة من أجل الاستقرار وإعادة التأهيل لتصبح قابلة للحياة، ولذلك يسعون بقوة إلى تحسين شروط حياتهم في الخارج وعدم انتظار الآمال المتعلقة بالحلول السياسية. وبالتزامن مع انطلاق مباحثات جنيف قبل أيام، أعلنت تركيا بدء الإجراءات الرسمية لتجنيس اللاجئين السوريين، وهو ما أكده والي اسطنبول واصب شاهين ونائب رئيس الوزراء ويسني كايناك، وهي تصريحات تابعها اللاجئون السوريون بدقة وانشغلوا في جمع المعلومات عن الخطوات المقبلة وطرق التقديم للحصول على الجنـسية.
والي اسطنبول أكد أن الإجراءات في هذا الإطار بدأت بالفعل وأن ملفات 2000 لاجئ سوري تم تجهيزها بشكل نهائي وإرسالها إلى العاصمة أنقرة لمتابعة الإجراءات النهائية حولها، وسبق ذلك تـأكيد «كايـناك» أن هناك قرابة 20 ألف عائلة سورية بواقع 80 ألف شخص مناسبة لشروط المواطنة التي تم تخصيصها من قبل حكومة بلاده.
والاثنين، ضبطت فرق خفر السواحل التركية، خلال الساعات الماضية، 41 مهاجراً سورياً أثناء محاولتهم الوصول من ولاية أنطاليا التركية إلى اليونان، بطرق غير قانونية، كما جرى توقيف عشرات آخرين أغلبهم سوريون خلال محاولتهم الوصول إلى إحدى الجزر اليونانية من خلال البحري.
ويعيش في تركيا قرابة 3 ملايين سوري، 250 ألفاً منهم في المخيمات الحدودية ويتلقون مساعدات كاملة من الحكومة التركية. أما الباقون فيتوزعون بين المحافظات المختلفة ويتلقون مساعدات محدودة في مجالي التعليم والصحة بالإضافة إلى تسهيلات الإقـامة الإنسـانية والعـمل.
القدس العربي
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=5620