فؤاد عبد العزيز – اقتصاد
ليست لقطة خالية من المعنى، أن تتوجه زين الأسد بنت بشار البالغة من العمر 15 عاماً، على رأس وفد من الأولاد، لزيارة مقر غرفة صناعة دمشق، وإحراج الصناعيين هناك كي يدفعوا تبرعات للمشروع، الذي قالت وسائل إعلام النظام إنها تقوده تحت عنوان، معالجة جرحى الجيش والمخابرات، بل هي لقطة مدروسة ويسعى النظام من خلالها أن يوصل رسالة للرأي العام السوري، بأن أولاد الرئيس وعلى الرغم من صغر سنهم، هاهم يقومون بدور كبير شأنهم شأن كل من يقاتل على الجبهات.
لكن لماذا اختارت وسائل إعلام النظام التركيز على زيارتها لغرفة صناعة دمشق فقط..؟، وإذا كانت هذه الزيارة الوحيدة لها، فلماذا لم تقم بزيارة غيرها للفعاليات التجارية والصناعية، سواء في دمشق أو غيرها..؟!، فلماذا لم تزر على سبيل المثال، رامي مخلوف وتطالبه بالتبرع لمعالجة الجرحى، وهو الذي يملك ما يفوق موازنة سوريا بأضعاف..؟
بمعنى آخر، أن من قرر لها هذه الزيارة، لم يكن اختياره اعتباطياً، وإنما قصد من خلالها توصيل رسائل كثيرة، سوف نحاول أن نفك بعضاً من رموزها فيما يأتي.
إعلان
أولاً، السر في التركيز على زيارتها لغرفة صناعة دمشق، هو في رمزيتها التي تشير إلى أن هذا التجمع يحوي النخبة المالية من أبناء دمشق وهم المتهمون باستمرار من قبل طائفة النظام، بأنهم أكثر من ينطبق عليهم مصطلح تجار الحرب.
وقد بدأت في الآونة الأخيرة تنطلق موجة انتقاد واسعة، من أبناء طائفة النظام، ضد كل المكونات الأخرى من الشعب السوري، وبالذات أبناء دمشق، بأنهم ينعمون بالتجارة واستثمار أموالهم، في الوقت الذي يقدمون هم فيه أبنائهم قتلى وجرحى لصالح النظام.
وقد وصل الأمر بهم إلى حد مطالبة الرئيس بعدم توليتهم مناصب في الدولة، بالإضافة إلى شن هجوم على كل مسؤول سني يجري وضعه في منصب ما، وهو ما رأيناه مع محافظ دمشق الجديد، ووزير السياحة الذي تم تعيينه مستشاراً في القصر الجمهوري. هذا عدا عن باقي المسؤولين من الطوائف الأخرى المتواجدين على رأس عملهم، فهم أكثر عرضة للانتقاد والتهكم والاتهام بالفساد على وسائل الإعلام، من نظرائهم الذين ينتمون إلى طائفة النظام.
إعلان
لذلك بحسب متابعين، فإن بشار الأسد يريد أن يخفف من موجة العداء المتنامية داخل حاضنته الطائفية، تجاه الطائفة السنية، والتي ساهمت بصنعها ماكينته الإعلامية بالدرجة الأولى. كما ويريد أن يقول بأن أبناء دمشق لهم دور فعال في الوقوف إلى جانبه وهاهم يدعمون جرحى الجيش الذي ينتمي أغلبهم للطائفة العلوية.
أما الرسالة الثانية فهي تخص أبناء بشار الأسد أنفسهم، وكما قلنا في البداية فإنه يريد أن يظهرهم بأنهم يقومون بدور ما في الحرب ولا ينعمون بالرفاه كما يعتقد البعض، في صورة تذكرنا بما كانت تقوم به ملكة بريطانيا الحالية في الحرب العالمية الثانية، عندما كان عمرها لا يتجاوز السابعة عشر عاماً، بينما انخرطت في الخدمة العامة إلى جانب جيش بلادها، وعملت في مهن كثيرة منها إصلاح السيارات العسكرية وقيادتها بالإضافة إلى أعمال التمريض.
إعلان
لكن شتان عند مقارنة الصور، بين أبناء بشار الأسد، وبين أبناء المسؤولين من الدول العظمى، فهم وكما يبدو، متصنعون في مظهرهم العام، رغم الحرص على إظهارهم بملابس بسيطة وشعر أشعث، حتى ليظنن المتأمل في صور زين بنت بشار وكأنها لم تستحم منذ فترة طويلة، وقد صحت من النوم وذهبت مباشرة إلى غرفة صناعة دمشق.
وكان لافتاً أن وسائل الإعلام لم تعمد إلى تسجيل صوتها ولم تنقل عنها أي تصريح، بعكس حافظ بن بشار، الذي أظهر صوته وطريقته في الكلام، أنه يخفي شخصية هشة، ولعل أن زين تحمل نفس الصفات، لذلك تم الاكتفاء بصورتها فقط.
أما الرسالة الثالثة، فهي موجهة من بشار الأسد إلى تجار دمشق وأغنيائها، فهو أجلسهم مع أطفال وجعلهم يصغون إليهم بكل جوارحهم، ويلتقطون الصور معهم، التي أظهرت وضاعتهم وهم يقفون إلى جانب زين، وكيف أنهم يعاملونها ويتعاملون معها، كما لو أن الرئيس بذاته هو من جاء إلى زيارتهم، وفي ذلك رسالة أخرى للموالين، بأن من تعتقدون أنهم مميزون ومقربون، ها هي حقيقتهم.. ولا يكلفنا الأمر سوى إرسال الأولاد للتعامل معهم وجعلهم يدفعون رغماً عنهم.
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=79347