تتواصل قصص المأساة التي عاشها سكان الغوطة الشرقية للعاصمة السورية دمشق بالانكشاف يومًا بعد يوم مع تهجير سكانها نحو الشمال السوري، حيث روى آباء وأمهات من الغوطة المصاعب التي واجهوها في تأمين الطعام لأطفالهم، في ظل نقص المواد الغذائية أثناء الحصار.
وفي حديث للأناضول، أوضحت إيناس خواجة، التي خرجت مع المهجّرين من الغوطة المحاصرة من قبل النظام وداعميه، أنها كانت حامل أثناء الحصار، واضطرت للفرار من منزلها جراء اقتراب قوات النظام من حيّها.
وقالت “خرجت وليدتي إلى الدنيا ولديها تشوهات خلقية، لأنني لم أجد أي شيء لأكله أثناء الحمل، إذ لديها ثقوب في قلبها ورأسها، وهزيلة للغاية، وإحدى عينيها أصغر من الأخرى”.
وشرحت خواجة، المعاناة التي واجهتها أثناء محاولتها علاج رضيعتها وسط نقص في المستشفيات والأدوية.
وأضافت “وضعت رضيعتي في مستشفى ببلدة حمورية، في الغوطة، وعندما زرتها أول يوم ابتسمت في وجهي، ولكن عندما زرتها بعدها بيوم وجدتها داخل كفن أبيض متوفية”.
وبيّنت خوجة، أنهم كانوا يعيشون ضمن الملاجئ في الأشهر الأخيرة قبل تهجيرهم، ولا يرون ضوء الشمس جراء القصف العنيف للنظام وداعميه للمنطقة.
وأشارت إلى أن أكثر شيء تفتقده الآن، قبر رضيعتها في الغوطة، وقالت “لدى وصولنا إلى مدينة حماة (وسط)، طفلتي الكبيرة أكلت الموز والبرتقال مع قشره، وظنت التفاح لعبة، لأنها لأول مرة ترى تلك الفواكه في حياتهن”.
من جانبها، ذكرت “أم خالد”، المتطوعة في مركز صحي، أن بعض الأسر بدأت، في الفترات الأخيرة من الحصار، تتخلى عن أطفالها لعدم تمكنهم من رعايتهم، ولفتت إلى أنها وجدت في أحد الأيام رضيعًا ملقيًا أمام منزلها ومعه ملاحظة كتب عليها عبارة “ارعوه لنيل رضى الله”.
وأردفت “كان واضحا عليه سوء التغذية، فقد كان هزيلًا، ودائم البكاء، وبدأت تساؤلات عدة تتخبط في رأسي فهل يمكن أن أعطي قطعة الخبز التي احتفظت بها لطفلي، لهذا الرضيع أم لا؟ وإن لم أعطه فإنني سأتألم”.
من جانبه، أوضح عمر عبد القادر، المزارع من النشابية في الغوطة، أنه كان يضطر لزراعة القمح في حديقة منزله التي تبعد 200 متر عن خط الجبهة بين المعارضة وقوات النظام وداعميه من أجل إطعام أولاده.
وأضاف “لم أكن أملك المال من أجل شراء الوقود بغية تشغيل المولدة الكهربائية وبعدها سقي الزرع، وكنت محتارًا هل أقوم بإطعام أولادي المحصول الضئيل أو احتفظ به لأزرعه العام المقبل”.
وقال عبد القادر، “رغم أني مزارع اضطررت لأن أتسول، فلا حول لي ولا قوة، ولم أستطع تأمين الخبز اليومي لأولادي”.
وفي وقت سابق اليوم، وصلت مدينة الباب، بريف محافظة حلب شمالي سوريا، القافلة الـ16 من مهجّري الغوطة الشرقية، ليتجاوز عدد المهجرين قسرًا الـ 50 ألف شخص.
وأصدر مجلس الأمن الدولي قراراً بالإجماع، في 24 فبراير/شباط الماضي، بوقف لإطلاق النار لمدة 30 يوماً، ورفع الحصار، غير أن النظام لم يلتزم بالقرار.
وفي مقابل قرار مجلس الأمن، أعلنت روسيا، في 26 من الشهر نفسه، “هدنة إنسانية” في الغوطة الشرقية، تمتد 5 ساعات يومياً فقط، وهو ما لم يتم تطبيقه بالفعل مع استمرار القصف على الغوطة.
والغوطة الشرقية هي آخر معقل كبير للمعارضة قرب دمشق، وإحدى مناطق “خفض التوتر”، التي تمّ الاتفاق عليها في محادثات العاصمة الكازاخية أستانة في 2017.
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=48663