على الرغم من مرور 12 عامًا، لم يتراجع النظام السوري لحظة عن تأكيده أن وزير الداخلية السوري «غازي كنعان» الذي وجد ميتًا في مكتبه وسط دمشق قد مات منتحرًا، لكن الكثيرين ما زالوا يذهبون إلى فرضية اغتيال الرجل على يد هذا النظام، خاصة أنه كان أحد المطلوبين للتحقيق في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري.
فقد تحدثت عدة مصادر عن رغبة كنعان بالوصول إلى الأمريكيين لكشف ما لديه، وإصلاح علاقته معهم، وهي القناعة التي ذهب إليها الكثير من السياسيين اللبنانيين، فاعتبروا أن الحكومة السورية قتلت كنعان الذي وصف بأنه «صندوق أسود» لمنعه من توريط سوريا في اغتيال الحريري، أو كما قال عضو البرلمان اللبناني، جبران تويني: «أعتقد أن النظام السوري مرتبك، ورأى أنه اضطر للتخلص من كنعان؛ لأنه قد يقول أكثر مما قاله للجنة».
وتعتبر قضية «كنعان» واحدة من أشهر حوادث الاغتيال التي يتهم بالوقوف خلفها النظام السوري قبل وقوع الثورة السورية، ليبدو بعد هذه الثورة أن النظام ما يزال يضطر للتخلص من رجاله الأوفياء جدًا في نظر البعض، وليثبت ما يعرف عن قناعاته بأن التمرد الأول هو الأخير الذي يقرر بعده التخلص من أي شخص يهدده.
«عصام زهر الدين».. آخر الدماء التي يُتهم النظام بإراقتها
إعلان
«نصيحة من هالدقن لا حدا يرجع منكن، إن سامحكتم الدولة فلن ننسى ولن نسامح»، هذا ما قاله العميد بالحرس الجمهوري وقائد قوات النظام في دير الزور «عصام زهر الدين» وهو يهدد اللاجئين السوريين يوم 11 سبتمبر (أيلول) الماضي، وهو ذات اليوم الذي توقع فيه الناشط السوري «ماجد عبد النور» اغتياله إثر تلك المقولة، فكتب على صفحة في (تويتر) : «على عصام زهر الدين أن ينتحر بطلقة واحدة يطلقها على نفسه قبل أن ينتحر بسبعين طلقة في فمه كما انتحر مَن سبقه.. انتهت مهمتك وأصبحت عبئًا عليهم».
فيديو العميد عصام زهر الدين يتوعد اللاجئين الهاربين وينصحهم بعدم الرجوع
إعلان
أمس الأربعاء الموافق 19 من أكتوبر (تشرين الأول)، أعلن النظام السوري أن «زهر الدين» الذراع الدرزي الأهم للنظام في سوريا: «قُتل أثناء المعارك الدائرة بدير الزور بين تنظيم الدولة و قوات النظام، وذلك بانفجار لغم في منطقة (حويجة صكر) التابعة للمحافظة»، بينما بقيت المعارضة السورية على موقفها قبل اغتياله، فقالت إنه «أصبح عبئًا كبيرًا على النظام، وخصوصًا بعد تصريحه الشهير الذي هدد فيهاللاجئين السوريين وطالبهم بعدم العودة لسوريا، فضلًا عن صور شوائه لعناصر قال الإعلام التابع للنظام إنهم من تنظيم الدولة».
عصام زهر الدين في تسجيل جديد بعد تهديده لمن غادر سوريا : هؤلاء من كنت أقصدهم
إعلان
يقول الناشط السوري، أحمد الديري عن «زهر الدين»: «تحول لورقة محروقة لدى النظام عقب خروجه بتصريحات عن اللاجئين السوريين، وعقب تمكن النظام من فك حصار مدينة (دير الزور)، وذلك في الوقت الذي كان فيه النظام يعمل على إعادة تسويق نفسه دوليًا، وقد كان التصريح هو رصاصة الرحمة بالنسبة لزهر الدين».
المصادر الإعلامية الأقوى خرجت عن شبكة «فرات بوست» أهم الوسائل الإعلامية المعنية بتوثيق الانتهاكات في دير الزور، فذكرت الشبكة نقلًا عن مصادرها في المستشفى العسكري في دير الزور، أن «عصام زهر الدين قتل، أمس الأربعاء، في الساعة الـ8 صباحًا في حي هرابش في الطريق المؤدي إلى منطقة حي حويجة صكر، بعد استهدافه بطلقة قناص استقرت في رقبته، ليتم إسعافه مباشرة إلى المستشفى العسكري الواقع في حي مساكن عياش غرب مدينة دير الزور، لكنه فارق الحياة قبل وصوله إلى المستشفى»، أكدت الشبكة أن «المكان الذي جاءت منه الرصاصة، هي كمائن «حزب الله» في حي هرابش بالقرب من نهر الفرات، وكذلك قناصة من مجموعة العقيد سهيل الحسن، ومن المرجح أن تكون قناصة العقيد الحسن هي الجهة الفاعلة، خاصة وأن خلافات كبيرة نشبت بين الطرفين منذ نحو أسبوع».
الظهور الأخير لعصام زهر الدين قبل مقتله
«خلية الأزمة» الأسد يتخلص من صهره
عُقد يوم 18 يوليو (تموز) العام 2012، اجتماعًا حضره كلُّ من قائد الأمن العام في سوريا «آصف شوكت»، رئيس الأمن القومي «هشام اختيار»، وزير الدفاع «داود راجحة»، ووزير الدفاع السابق «حسن تركماني»؛ وأثناء هذا الاجتماع انفجرت عبوة داخل مكتب الأمن القومي الواقع بدمشق، وقُتل المجتمعون، ليورد حينها التلفزيون الرسمي السوري خبرًا بأنه تم: «استشهاد العماد آصف شوكت نائب وزير الدفاع جراء التفجير الإرهابي الذي استهدف مبنى الأمن القومي في دمشق».
الرواية السابقة هي رواية رسمية للنظام السوري عن حادثة عرفت إعلاميًا بحادثة اغتيال «خلية الأزمة»، تلك الخلية المسؤولة عن مناقشة أمور مواجهة المعارضة السورية، لكن سرعان ما أثيرت روايات عدة حول من يقف وراء مقتل زوج شقيقة الأسد بشرى «شوكت»، وكانت أهم نتائج البحث ما عرض بعد العامين من مقتل الخلية، وتحديدًا في ديسمبر (كانون الأول) عام 2014، عندما سلطت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية الضوء على مجموعة أسرار حول الحادثة، ليتضح أن التفجير الذي استهدف خلية الأزمة كان مدبرًا له من داخل نظام الأسد نفسه.
وتستدل الصحيفة على ذلك بعشرين شهادة من مسؤولين حاليين وسابقين في النظام، وقادة من المعارضة السورية وسياسيين في الدول المجاورة، وتبين الصحفية في تقريرها أن «التفجير نجم عن الانقسام بين عائلة الأسد وحلفائها المتشددين من جهة، ومسؤولي النظام الذين يسعون لإجراء مفاوضات مع جماعات المعارضة من جهة أخرى»، وقد كان «شوكت» واحدًا من الذين سعوا للتوصل لتصالح وتفاهم مع المعارضة السورية، الأمر الذي كان يرفضه المتشددون في النظام، حد وصف الصحفية، وتنقل الصحيفة عن الضابط السوري المنشق «فراس طلاس» قوله إن «قوة شوكت تضاءلت بعد وقت قصير من عودته من حمص، وأنه عندما أصر على الاحتفاظ بمهامه وصلاحياته، بدأ الصدام الحقيقي»، ولشوكت الذي وضع كصهر في خانة ضرورة الحذر من طموحاته خلافاته الواضحة مع إيران ومع حزب الله الذين بدأ نفوذهما بالتعاظم.
هنا يشير «طلاس» إلى أنه: «في اليوم الذي قتل فيه شوكت، كان اللواء قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الإيراني، في دمشق. وأيضًا في ذلك اليوم، قائد ميلشيا حزب الله، حسن نصر الله، تحدث إلى أنصاره في ضاحية بيروت لإحياء الذكرى السنوية لحرب عام 2006 مع إسرائيل».
«رستم غزالة».. حين تجاهل استعلاء الإيرانيين عليه
وصل الخلاف بين المسؤول الثاني في الأجهزة الاستخباراتية السورية «رستم غزالة» و رئيس الاستخبارات العسكرية السورية «رفيق شحادة» ذروته في منذ منتصف مارس (آذار) 2015، وذلك عندما تعرض «غزالة» للضرب على أيدي رجال «شحادة»؛ مما أدخله حالة موت سريري.
إعلان
الرواية الرسمية السورية لم تنكر أن هناك شجار وقع بين رجلي الاستخبارات، لكنها أرجعت السبب إلى رغبة «غزالة» لخوض الجيش السوري معركة ضد المعارضة المسلحة في منطقة درعا؛ الأمر الذي رفضه قطعيًا «شحادة»، لكن الحديث عن وفاة «غزالة» التي وقعت في 24 إبريل (نيسان) من العام نفسه لن يتوقف عند الرواية الرسمية، لتذهب مصادر إعلامية بريطانية إلى القول إن غزالة الذي بقي 18 يومًا في المستشفي تعرض للاغتيال باستخدام حقنة مليئة الهواء، كما أكدت المصادر على أن الخلاف سببه الموقف من الدور الإيراني في محافظتي درعا والسويداء الذي عارضه «غزالة»، وحسب تقرير صحيفة «التلغراف» البريطانية، فإن «الدور الذي تلعبه إيران، الحليف الإقليمي لسوريا، كان في صميم الحجج، حيث يخشى البعض من الدائرة الداخلية أن يكون لدى المسؤولين الإيرانيين الآن سلطة أكثر مما يجب».
إعلان
إعلان
وتضيف الصحيفة: «غزالة كان يشكو من تعامل النظام معه ومع رجاله كأنهم حثالة، في حين كان يعامل الإيرانيين وميليشياتهم كالأمراء»، ويؤكد التقرير إلى أن الصدام المميت بين «شحادة» وبين «غزالة» كان متعلقًا بتسلط إيران، فقد ذهب غزالة إلى رستم لإطلاق سراح اثنين من عائلته أجبرهما شحادة على القتال تحت إمرة الإيرانيين، وقد تجاهل «غزالة» في وقت سابق تسليم منزله الفخم (تم تفجيره لاحقًا على أيدي النظام) لنائب قائد الحرس الثوري الإيراني «قاسم سليماني» الذي كان يريده كغرفة عمليات الحرس الثوري في درعا، كما قام بإرسال ضباط لمراقبة تحركات سليماني في منطقة دير الزور.
إعلان
«جامع جامع».. أول الغيث
«اللواء الركن جامع جامع استشهد في أثناء تأديته لمهامه الوطنية بالدفاع عن سوريا وشعبها وملاحقته للإرهابيين بدير الزور»، هكذا نعى التلفزيون الرسمي السوري اللواء في الاستخبارات العسكرية السورية «جامع جامع» يوم 17 من أكتوبر (تشرين الأول) 2013، فقد قتل حسب الرواية الرسمية برصاص مسلحي المعارضة السورية في محافظة دير الزور.
لم يتحدث الإعلام الرسمي السوري عن تفاصيل مقتل رئيس فرع الاستخبارات العسكرية بدير الزور«جامع»، لكن مصادر سورية تحدثت عن تأخر الإعلان الرسمي عن مقتله لمدة ثلاثة أيام، كما نعته صفحات مؤيدة للنظام قبل الإعلام الرسمي، وشيع الرجل في جنازة صغيرة نسبيًً حضرها محافظ اللاذقية ومسئول آخر.
المعلومات السابقة قد تثير الشكوك حول حقيقة مقتل «جامع»، لترجح عدة مصادر أن يكون النظام السوري هو من قتل «جامع» بعدما قيامه بمحاولة التفاوض وتبادل السجناء مع المعارضة أكثر من مرة في دير الزور ، الأمر الذي رفضته إدارة الاستخبارات العسكرية السورية، فذلك يضع احتمال اغتياله من قبل النظام حسب صحيفة «واشنطن بوست».
إعلان
بل ذهبت صحيفة «المستقبل» اللبنانية إلى أن «جامع» تمت تصفيته برصاصة في مؤخرة رأسه من قبل مخابرات النظام، حيث تؤكد مصادر سورية على أن : «أن قتل جامع جامع هو أول الغيث، حيث سيعمد النظام إلى تنظيف بيته الداخلي في سلسلة طويلة لإغلاق الملفات وسيكون من بينها الضابطان رستم غزالي (قبل قتله) وعلي مملوك، تمامًا كما قام بتصفية وزير الداخلية الأسبق غازي كنعان وعبد القادر قدورة».
شكرا لكم لمتابعتنا ونعدكم دائما بتقديم كل ما هو افضل .. ونقل الاخبار من كافة المصادر الاخبارية وتسهيل قراءتها لكم . لا تنسوا عمل لايك لصفحتنا على الفيسبوك ومتابعة آخر الاخبار على تويتر . مع تحيات اسرة موقع الميثاق . الميثاق، «عصام زهر الدين» ليس الأول.. هل يقتل النظام السوري رجاله؟، تابعونا علي مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بموقعنا ليصلكم جديد الاخبار دائمآ.
المصدر: ساسة بوست