يقضي الطفل أحمد الذي لم يكمل عقده الأول بعد، معظم وقته في شوارع مدينة كيليس جنوبي تركيا، عارضاً على المارة أن يشتروا منه علبة بسكويت كي يربح القليل من المال ويعطيه في نهاية اليوم لوالدته كي تتحمل الأسرة الأعباء اليومية، ورغم أن العمل لم يناسب الطفل الصغير لكنه اعتاد عليه وحفظ وجهه بعض أصحاب المحال التجارية.
وفي الوقت الذي يخرج فيه أحمد للعمل في مجال بيع البسكويت أحياناً والمحارم أحياناً أخرى، تقضي والدته وقتها في السوق وهي تعرض بيع الجوارب على المارّة، حسب ما قال طفلها.
قصص كثيرة في تركيا تشبه قصة عائلة أحمد، والسبب هو متطلبات الحياة اليومية والتي لا تتناسب مع الدخل الذي يحققه بعض الأفراد في عملهم بتركيا، خاصة أن وفرة اليد العاملة جعلت أرباب العمل يستغلون الأمر ويعرضون أعمالاً مجهدة بأجور زهيدة.
باعة متجولون
ينتشر في شوارع مدينة عنتاب القريبة من كيليس، الباعة المتجولون، ويمكن للمشاهد أن يلاحظ عشرات الأطفال الذين يعملون في الشوارع بمجالات مختلفة، مثل جمع الخردة والكرتون أو بيع المحارم أو بيع علب السجائر أو بيع الجوارب.
ولا يقتصر الأمر على الأطفال، بل هناك أشخاص كبار بالسن أو نساء يعملن بذات الأعمال، ومعظمهم سوريون.
صادفنا أثناء التجول في عنتاب، سيدة سورية تبيع الجوارب في السوق المركزي، وكانت برفقة أطفالها الثلاثة، وهي تردد عبارات تركية محاولة أن تلفت الانتباه علّ المارة تشتري منها الجوارب وتربح بعض الليرات التركية.
تقول في حديثها: “أن زوجها قتل في قصف طال حي المشهد في حلب، وقد لجأت إلى تركيا برفقة أقرباء زوجها، وبسبب الحالة المادية الفقيرة للعائلة وبعض الخلافات بينها وبين أهل زوجها، قررت أن تعمل وتوفر مستلزمات حياتها وحياة أطفالها من عرق جبينها”.
وتضيف “أسكن في حي شعبي بالمدينة، وإيجار المنزل 250 ليرة تركية، وكل مصروفنا الشهري لا يتعدى 900 ليرة تركية، ولا أظن أن الوضع نحو الأفضل في المستقبل، كل ما يهمنا أن نكسب لقمة عيشنا بالحلال”.
اليوم يعيش في عنتاب قرابة النصف مليون لاجئ سوري، وحسب إحصائيات المفوضية العليا لشؤون اللاجئين والتابعة للأمم المتحدة فقد بلغ عدد اللاجئين السوريين في عنتاب 325 ألف لاجئ، بداية العام المنصرم، فيما هناك آلاف اللاجئين في عنتاب غير مسجلين بشكل رسمي ولا يحصلون على بطاقة الحماية المؤقتة.
أما عدد الأطفال المنخرطين في العمل بمدينة غازي عنتاب فيتراوح بين 5000 إلى 6000 آلاف طفل سوري، حسب إحصائيات الرابطة السورية لحقوق الإنسان، ويتم استغلالهم بفرض أعمال مجهدة عليهم لا تتناسب مع أعمارهم أما الأجور فغالباً ما تكون أجور قليلة بالكاد تكفي لسد جزء من احتياجات عائلاتهم.
لو وجد الدعم لتوقف الأطفال عن العمل!
في أواخر العام الفائت، بدأت تركيا بتطبيق الاتفاق المبرم مع الاتحاد الأوروبي بخصوص الدعم الشهري المخصص للاجئين السوريين الذين يقطنون خارج المخيمات.
وبدأ السوريون في التوافد إلى مراكز الهلال الأحمر للتسجيل، لكن الآلاف من السوريين لم يحصلوا على هذا الكرت بسبب عدم توفر بطاقة حماية اللاجئ “الكيملك” فيما هناك عائلات استفادت من الكرت ولكن لم يكفيها المردود.
ويوفر الكرت مبلغاً وقدره 100 ليرة تركية تصرف بشكل شهري لكل مسجّل للحصول على هذه المساعدات، أما من لم يتمكن من الحصول على هذا الكرت، فاضطر للعمل لأوقات طويلة وادخل أطفاله ميادين العمل.
قصي كان أحد الأمثلة، حيث يقول والده أن الدخل الذي يوفره من عمله كمحاسب لا يكفي لتغطية إيجار المنزل والمصروف اليومي، وهذا السبب الذي جعله يفرض على ابنه قصي العمل في المعامل التركية، ويضيف “لو حصلنا على هذه المعونة الشهرية لكنت قد امتنعت عن إرسال ابني للعمل، وسجلته في المدرسة كي يكمل تعليمه، لكن المشكلة أننا لا نحمل بطاقات الكيملك”.
ويتابع “سألت مراراً عن التسجيل على بطاقات الكيملك ورغم ترددي المستمر إلى مبنى الأمنيات ولكنني لم أتمكن من تأمين هذه البطاقات لأفراد عائلتي، أما السماسرة فقد طلبوا عليّ مبالغ كبيرة لا تتوفر لدي”.
الأجور والرواتب
يعمل آلاف السوريين في عنتاب بمهن مختلفة، بعضهم افتتح مشاريع خاصة أو نقل مشروعه من سوريا إلى تركيا، فيما القسم الأكبر اتجه للعمل في المعامل والمصانع التركية برواتب شهرية ثابتة.
وتعاني طبقة العمال من زهد الأجور التي يتقاضونها كل شهر، حيث تتراوح بين 500 ليرة تركية إلى 1500 ليرة تركية.
قصي طفل لم يكمل الثامنة عشر من عمره، مضى على عمله في مصنع للبلاستيك في عنتاب قرابة السنتين ونصف يقول: “كل أسبوع أتقاضى 150 ليرة تركية، وقد زادت حيث كانت سابقاً 130 ليرة تركية”.
يأمل هذا الطفل الذي يعين أهله ويشاركهم الالتزامات المعيشية أن يزيد المعلم كما يسميه، للأجر الأسبوعي مستقبلاً، أما عن دوامه فقد قال: “لدي يوم عطلة واحد في الأسبوع ودوامي بشكل يومي من الساعة الثامنة صباحاً إلى السادسة مساءً”.
قد يبدو حال هذا الطفل أفضل من شبان أكبر منه سناً، حيث قابلنا أشخاصاً يعملون بأجور غير معقولة ورغم ذلك يعبرون عن رضاهم إزاء ذلك.
لؤي شاب سوري يعيش في عنتاب منذ حوالي أربع سنوات يقول في حديثه للفيحاء نت: “أخي، هناك آلاف السوريين عاطلون عن العمل، ويرضون بأجور ولو زهيدة، أحد معارفي يعمل الآن في محل لحّام تركي ويتقاضى يومياً 10 ليرات تركية مقابل ست ساعات عمل، وهو راضٍ بهذا الأجر، ويقول دوماً أنه يعمل وغيره آلاف لا يعملون”.
ويضيف لؤي “أنا نفسي توقفت عن العمل منذ نحو شهرين، وحالياً أصرف ما كنت أدخره من مال أثناء عملي، ومنذ أيام وعدني أحد الأتراك بأن يؤمن لي عمل في مصنع أغذية، ورغم وعده لي أخرج كل يوم إلى منطقة الصناعة وابحث هناك عن عمل لي”.
يعيش لؤي برفقة ستة شبان في منزل شبابي ويدفع كل واحد منهم إيجاراً قدره 100 ليرة تركية بالشهر مقابل توفير مكان للمنامة له في المنزل.
ويتابع اللاجئون في عنتاب، شبكات التواصل الاجتماعي للبحث عن أي فرصة عمل تناسبهم أو تتوافق مع خبراتهم العملية.
المصدر: الفيحاء نت
المصدر : https://arab-turkey.net/?p=5117
خليجي و افتخرمنذ 8 سنوات
والله شعب يستاهل اكثر من هذا … شعب خرب بلده بايده و يايين ودهم يخربو دول الخليج و بقية البلدان