خلال سنوات الثورة السورية تواصل الحكومة التركية إطلاق مسمى “الضيوف” أو “المهاجرين” على اللاجئين السوريين وعلى الرغم من المميزات القليلة التي حصلوا عليها مقابل ما يحصل عليه اللاجئ وفق القوانين الدولية إلا أن ذلك كان كافيا بالنسبة إليهم كافياً وجعلهم راضين بالحال والتوصيف معاً.
وبحسب لاجئين سوريين، فإن المعاملة السابقة اختلفت بنسبة كبيرة، بعد بدء تركيا تطبيق بعض قوانين اللجوء بالنسبة للأسر السورية التي استقرت في المدن التركية، إلا أن التغييرات التي طرأت لم تكن ذات آثار إيجابية بل زادت في معاناة اللاجئ الذي وجد نفسه أمام أمور لم يحسب حسابها من قبل.
الطريق من وإلى سوريا
يقول “عبد السميع” أحد اللاجئين السوريين المقيمين في أنطاكيا لــ”عربي21″: “كنا في السابق نغادر إلى الأراضي السورية ونعود سواء عن طريق المعابر أو طرق التهريب، ورغم مصاعب هذا التنقل إلا أننا لم نعدم الحلول، لكن مؤخراً اختلفت الأوضاع تماماً، فكل من سيغادر إلى سورية ولو في زيارة قصيرة أو لإنجاز بعض شؤونه، لا بد من أن يسلم بطاقة “الكمليك” قبل ذهابه، وذلك في إقرار منه بأنه فقد حق العودة إلى تركية لخمس سنوات قادمة”.
إعلان
ويضيف اللاجئ السوري، “حتى ولو تمكنت من العودة عبر طرق التهريب، فإنك ستعود دون بطاقة كمليك، وبالتالي ستفقد حقك في المساعدات المقدمة من المنظمات، كما ستفقد حقك بالاستفادة من المستشفيات والخدمات الطبية، ولن ينفعك ان تتقدم بطلب بطاقة جديدة من الجهات المسؤولة عن الموضوع، إذ أنك لن تحصل على البطاقة، وغالباً سيتم ترحيلك إلى سورية، فقد فقدت حق اللجوء تماماً”.
ويرى الرجل أن ما تطبقه تركيا بخصوص العودة إلى سورية هو إجراء قانوني بالنسبة للاجئين، وحتى في الدول الأوروبية يفقد اللاجئ حق اللجوء في حال عودته ولو مؤقتاً إلى بلده الأم، لكنه أيضاً يعتقد أن الحكومة التركية تطبق هذا الإجراء المتعلق باللجوء دون تطبيق غيره من الإجراءات الإيجابية التي تسهل الحياة بالنسبة للاجئ، ويعلق على ذلك بقوله “نحن ضيوف في الحالات التي تتعلق بأوراق رسمية ووثائق سفر ومساعدات مالية، ونتحول إلى لاجئين عندما نريد الذهاب إلى سورية ولو لأيام، لم نعد نعرف ما هو توصيفنا”.
إعلان
ويقول سوريون إن الحكومة التركية وعلى مدى سنوات لم تقم بالإجراءات التي تقوم بها دول اللجوء عادة لتعليم لغتها للاجئين، بل ترك الأمر للوقت والرغبة في التعلم، في حين يقول آخرون إن مراكز البلديات في العديد من الولايات التركية فتحت أبوابها لتعليم اللغة بشكل مجاني للجميع.
تقول “أم علي” إحدى اللاجئات السوريات وهي أم لأربعة أطفال لــ”عربي 21″ لم نتعلم اللغة التركية، ولم نفكر في ذلك إذ أننا لم نحتج تعلمها أصلاً، فهما في الريحانية معظم السكان من العرب، كما أن المدارس التي التحق بها أطفالي منذ وصولنا من سورية، هي مدارس سورية تشرف عليها مؤسسات المعارضة وتدرس المنهاج السوري المعدل، مع دروس بسيطة غير جدية بالنسبة للغة التركية”.
إعلان
وتضيف: “لكن أولادي اليوم وجدوا أنفسهم مرغمين على تعلم اللغة بعد أن صدرت القرارات بدمجهم وضمهم للمدارس التركية، ما جعل الامر صعباً ومعقداً إذ كيف للطفل ان يتعلم في زمن بسيط لغة كاللغة التركية، لو تم الاهتمام بهذا الامر منذ البداية لوجدنا الأمر يسيراً اليوم”.
في حين يقول لاجئون سوريون إن المدارس الحكومية تعامل أبناء اللاجئين من ناحية شرح الدروس وتصحيح أوراق الاختبارات بطريقة تختلف عن الأتراك وفيها نوع من التخفيف من مبدأ أن الأطفال ما زالوا يعانون من ضعف في اللغة.
صعوبة تقبل الزملاء الجدد
بشكل مفاجئ اتخذت الحكومة التركية قرار ضم الطلاب السوريين للمدارس التركية أوائل العام الدراسي الحال، وبالفعل تم ذلك في خطوة هامة رغم أنها جاءت متأخرة بسبب اعتبار اللاجئين السوريين ضيوفاً من قبل، لكن مع ذلك بدأت المصاعب تظهر والعوائق التي ترعب التلاميذ السوريين الجدد.
“عمر” طالب في إحدى المدارس التركية في كيليس، لديه كل يوم لائحة من الشكاوى التي يقدمها إلى والديه، والتي تتلخص في عدم رغبته بالذهاب إلى المدرسة التركية، ويقول والده: “لا يستطيع الطفل أن يفهم ما يقوله المعلم، وبالتالي يحصل على علامات ضعيفة في المواد التي تعتمد على اللغة اعتماداً كاملاً، ما يجعل الطفل كارهاً للمدرسة، ويحصل الطفل أحياناً على علامات جيدة في الرياضيات مثلا إذ انها مادة تعتمد على الفهم والتصويروالرموز وغير ذلك من الوسائل، كما أنه غالباً ما يلقى التوبيخ من المعلم أو السخرية من الطلاب”.
بينما يشكو الدكتور “محمود البيطار” من تعرض أطفاله لاعتداءات من قبل زملائهم الطلاب الأتراك، والذين لا يرغب معظمهم بزملاء سوريين في مدرسته أو صفه، وإن رغب فإنه ينظر إليهم على أنهم طبقة أدنى قد تكون مثالاً جيداً للسخرية أو للتسلط.
وكتب الدكتور البيطار على صفحته في فيسوك، مرفقاً صورة لابنه الذي ضربه زملاؤه الاتراك بالسلاسل أثناء وصوله للمدرسة في بداية اليوم: “يتعرض أطفالي للضرب يوميا بالعصي والسلاسل المعدنية من الطلاب الأتراك أثناء الدخول والخروج لبناء المدرسة في عملية الدمج على الطريقة التركية، ابني ماهر عم يسأل اخوه ماجد بعد عشرين سنة شو رح يصير فينا؟”.